زووم
هل بالغ المريخ في الإحتفال حقاً..!
قرأت أكثر من مقال في كل الإصدارات الرياضية التي تصدر من الخرطوم، بعضها عبر الشبكة العنكبوتية والأخرى على الورق وكان موضوع كل تلك المقالات الهجوم على المريخ ووصف أفراحه بلقب الدوري بـ(المبالغ) فيها، والملاحظ أن غالبية كتاب هذه المقالات ينتمون للمعسكر الآخر وعلى رأسهم صحيفة (حبيب البلد).. رائدة التعصب، ولحسن الحظ كنت في اليوم التالي مع بعض الأصدقاء من قيادات ومحرري هذه الصحيفة حيث انتزعت منهم تهنئة بشق الأنفس على فوز المريخ ببطولة الدوري، وفي المقابل عبرت بما أتيح لي من عبارات على شكل صحيفتهم في اليوم التالي وهي تركز على تقليل أفراح المريخاب بحسم الدوري قبل أسبوع من نهايته وهو إنجاز يحق لهم الإحتفاء به بذات القدر الذي احتفلت به جماهير المريخ من قبل وسدت طرقات أم درمان لدرجة أننا وصلنا إلى منازلنا في ذلك اليوم في وقت متاخر جداً واضطررنا ألا نتناول شيئاً في تلك الليلة، لأنهم لم يتركوا شيئاً لم يلتهموه في المطاعم، ومع ذلك يحسدون أهل المريخ على الإحتفال بذات البطولة وقد حققوها بإنجاز أكبر وسلسلة من الأرقام القياسية وعلى رأسها أنهم لم يخسروا نتيجة مباراة في الولايات ولأول مرة عادوا بنقاط الولايات كاملة، وحققوا أعلى معدل نقاط منذ انطلاقة البطولة، وحقق مهاجمه الجديد نسبة إحراز هي الأعلى في الدوري الممتاز منذ انطلاقته برغم أنه شارك في جزء من الدورة الثانية فأحرز عشرة أهداف حتى الآن، قابلة للزيادة في مباراة القمة اليوم.
لم يبالغ المريخاب في الإحتفال بعودة اللقب الممتاز إلى خزانات النادي بل حدث العكس تماماً حيث خلت الطرقات مبكراً في تلك الليلة، ولم تزعج أبواق السيارات أنصار الهلال الذين كانوا يصارعون السهر وحمى فقدان البطولة، وكل الامور سارت معقولة، لذلك نطرح مجموعة من الأسئلة على طريقة الدكتور فيصل القاسم مقدم برنامج (الإتجاه المعاكس) بقناة الجزيرة الإخبارية:
ألا يحق للمريخ أن يحتفل بعودة لقب الدوري الممتاز إليه بعد عامين؟.. أليست هذه هي البطولة الأغلى والأكبر فنياً بالسودان؟.. أليس من حق أنصار أي فريق أن يحتفلوا بالألقاب محلية كانت أم خارجية؟.. أما كان من الروح الرياضية واللياقة الثقافية والفكرية والرياضية أن تورد صحيفة حبيب البلد تهنئة رقيقة للمريخ بمناسبة حصوله على بطولة الدوري الممتاز؟.. أما كان يتعين على الزميل الرشيد علي عمر أن يوفر كل ذلك الجهد الذي بذله في تبخيس انتصار المريخ في (بناء) شيء ذي بال في الهلال؟.. وأخيراً: متى يفتح الله على حواء الهلال وتلد لنا صحافياً واحداً.. واحداً فقط يمتاز بالتعقل مثل الأستاذ عبد المجيد عبد الرازق ليتقدم بالتهنئة للمريخ في حال فوزه بأية بطولة؟
عموماً يقول العلماء في علم النفس الرياضي أن أنجع طريقة في امتصاص فرحة الغريم عندما ينتصر عليك في أي منشط رياضي هي أن تتقدم نحوه بثبات، وتبتسم في وجهه (ولو كانت هذه الإبتسامة بدافع التصدق عليه..!) ثم يقول: مبروك..! ولو كان الهلال قد تقدم بالفعل بتهنئة لنده المريخ بمناسبة فوزه بالدوري لفعل شيئاً مفيداً يعيد الروح الرياضية إلى الشارع السوداني الذي أصبح يشتعل بالكراهية، والصحف الرياضية الملونة تصب الزيت على نيران التعصب والكراهية، وتثير الاحقاد بين أبناء وطن يعاني التشظي السياسي والقبلي والتنافر الإجتماعي.. فهل جاء دورنا كرياضيين أن نطالب (بإنفصال) يطلق رصاصة الرحمة على ما كان يسمى بالماضي التعايش السلمي والإجتماعي؟
ما بذله أنصار الهلال في صحفهم وفي الشارع من جهد لتبخيس فوز المريخ بلقب الدوري الممتاز أكبر بكثير مما بذلوه للفوز بالبطولة نفسها، وما بذله المريخاب للتعبير عن فرحتهم المشروعة بلقب يستحق أن يحتفل به، وهي مجرد جولة ومعركة في حرب ستطول وتطول حتى تفقد الرياضة السودانية ما تبقت من الملامح، لأن المريخاب سيردون الصاع صاعين في مرات أخرى وحتمية سيعود الهلال للفوز بهذه البطولة ولو بعد حين، وبالتالي نكون قد دفنا القيمة الحقيقية لمبدأ تهنئة الخصم بالفوز بعد انتهاء المباراة، ولأن الناس يتعلمون من الكبار فقد شهد هذا الموسم جملة من المشاجرات والإشتباكات في الملاعب الرياضية كان يفتعلها في الغالب الفريق الخاسر، وبدلاً أن يبادر بتهنئة الفائز بنتيجة المباراة ويمتص الموقف بعبارات رقيقة وجميلة هي من (أصل) الرياضة، يفتعل مشكلة مع الفريق الآخر أو مع الحكم ويتهمه بالرشوة والمحاباة ويشتم الإتحاد حتى بات ذلك سلوكاً شائعاً بسبب ما يفعله ثنائي القمة وأنصارهما..!