• ×
الجمعة 19 أبريل 2024 | 04-18-2024
صلاح شكوكو

لأولي النهي

صلاح شكوكو

 1  0  1638
صلاح شكوكو
حتى يستقيم العود
النقد الرياضي هو ذلكم الشكل الصحفي الذي يضع فيه الناقد الرياضي رؤيته الخاصة في قالب مقبول عند القاريء الواعي والمستنير، لأن النقد يبنغي له أن يكشف عن بواطن الأمور بشقيها الإيجابي والسلبي، وهو بهذا المعيار يعمل على أعادة التوازن الى الجوانب المضطربة في الناس، حتى يكونوا قاردين على رؤية الأمور بصورة صحيحة وموضوعية عبر تأمل الواقع وتقييمه بصورة أفضل.

لذا فوظيفة الناقد أشبه ما تكون بوظيفة القاضي الذي يكرّس كل جهده في البحث عن الحقيقة بقدر عال من الموضوعية ماوسعته الموهبة والعلم والأمانة، من خلال أداء وعطاء منضبط، وعلى الناقد أن يسلّم دوما بأنه لا يحتكر الحقيقة ولا يعرفها كاملة، لأن الحقيقة نسبية فما يعتبر حقيقة عند البعض لا يعتبر حقيقة عند البعض الآخر.

ففي حياتنا اليومية نحن نسلم بيقينية أشياء كثيرة نجدها عند الإختيار والفحص تحتاج الى إعادة تقويم وتقييم، خاصة في مجال البحث العلمي، الذي يُبنى على الشك حتى نصل فيه الى حالة من الوضوح، وفق معطيات محددة وأسس علمية سليمة.

بعض النقاد يعتبرون أن كل ما يصدر من الجهات الإدارية أو المسؤولة هي أحداث فوق النقد، فوظيفة الناقد الأولى هي الإبداع وليس الإبتداع، وهذا لا يتحقق إلا بإلتزام الناقد معيار الموضوعية في التحليل والطرح، لأن النقد في جوهرة الأساسي يتطلب التصريح بالرأي الآخر وتوضيحه في إطار المباديء والتقاليد والأخلاق الكريمة.

فوظيفة الناقد الأولى هي الحقيقة وهذا لا يتحقق إلا إذا إستخدم الناقد معيار الموضوعية في التحليل والطرح، لكن الناقد ليس أمامه إلا أن يقوم بتوظيف قدراته من أجل التقاط المآخذ والإيجابيات معا، وتحليلهما بإسلوب بعيد عن التهجم والتشنج والتعصب وبما يسهم في عملية البناء الإيجابي وفق قراءة متأنية للأحداث.

ويجب أن ندرك أن الفكر في المجال الرياضي يبدأ وينتهي عند حدود الإبداع والتنظير والتفكير، حتى المدح والإطراء مهما كانت مبرراته لا يعتبر إبداعا فكريا أو تنظيرا يستحق صاحبه أن يكون في عداد المفكرين، بل هو نشاز طاريء في نسيج العملية النقدية، لذلك فإن الكاتب الأمين يلغى المدح من قاموسه ولا يهتم به ويتجنبه، ويلتفت للتحليل والتنظير والتفكير عبر الممارسة الموضوعية لعملية البناء للوصول لغايات نبيلة، يحترم فيها فكرة وقلمه وآرائه التي يجب أن لا تكون بأي حال من الأحوال خصما عليه.

هناك كثير من الأحداث الرياضية التحليلة الفنية التي تتطلب أن يكون النقد فيها في مستوى هذه الأحداث، من أجل نهضة رياضية شاملة مبنية على أسس علمية وفكرية سليمة، بعيدا عن القدح والسب والمدح والتهليل والمجاملة والعاطفة الهوجاء والتي في خاتمة المطاف قد تكون مضلله وتؤدي الى قدر كبير من التوهان لدى المتلقين، إذ لابد من سبر أغوار الموضوع بتمحيصه من كافة جوانبه، دون أن نغض الطرف عن شيء لايرضي ميولنا.

وأن لانكون مهاجمين دونما مسوق مقبول، حتى نصبح قداحين نشوه وجه الآخر دونما سبب، وكأننا نمارس لونا من التشفي المشمول بحالة من الغل والكيد الأعمي، فنبخس أشياء الغير لمجرد أن نتصور أننا نجمل وجها آخر، ربما نكون موالين له بصورة أو أخرى.

بل لابد من أن تكون أدوات الناقد الفني في التقييم والتقويم هي إنتهاج النهج التحليلي بإسلوب بناء وموضوعي، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه في هذه اللحظة (هل لابد للناقد الرياضي التحليلي أن يكون لاعبا سابقا، بحيث يتمتع بقدر وافر من الخبرة والممارسة كلازمة ضرورية من لوازمه الوظيفية)؟.

هذا الشرط قد يحرم الكثيرين من ممارسة هذا اللون من فنون البحث والتقصي، خاصة وأن كثير من الممارسين غير مؤهلين لهذا الدور، لذا فإن الحد الأدنى هو أن يكون الناقد موهوبا في الكتابة الصحفية حتى لو أنه لم يُمارس الرياضة أبدا، لكن لابد أن يتمتع برؤية ودراية واسعة تمكنه من الكتابة والإلمام بفحوى الرسالة وبموضوعية وتعقل كبير.

لكن من الأفضل (إن وجد) أن يكون الصحفي التحليلي ممارسا سابقا، أو من بين خريجي كليات التربية الرياضية لقربه الوجداني من البيئة الأدائية والفكرة، ولإدراكه بطبيعة القوانين والتكتيكات الخاصة بالممارسة، لكننا في ذات الأوان نعترف بجفاف معيننا في هذا الجانب بسبب الفاقد التربوي الذي ظل يلازم الممارسة، لكن لا بد من وجود الحد الأدنى من المقوّمات الضرورية الخاصة بالكتابة الرياضية نختار منها :-

 أن يكون الناقد موهوبا وملما بالمعلومات الرياضية.
 أن يكون محبا لهذا العمل متفانيا فيه.
 أن يكون مؤهلا وله حسٌ إعلامي جيد.
 أن يكون لصيقا بالمجال بصورة متواصلة.
 أن يكون أمينا وصادقا وموضوعيّا.
 أن يكون قادرا على عرض أفكاره بسلاسة.
 الإلتزام الأخلاقي بماديء الكتابة.

ولما كان النقد الرياضي هو إبداء الرأي في أمر رياضي أو قضية معينة دون المساس بشخصية صاحب القضية أو التشهير به أو محاولة الحط من قدره، فهذا مما يقتضي التفريق بين نقطتين مهمتين، هما الحدث كنتاج فكري من جانب، وصاحب الحدث كفاعل للحدث من جانب آخر.

وهذا يعني أن يكون النقدُ مصوبا نحو الأفكار دون أن نشخصن القضايا، ذلك أن هذه التفرقة بين الشخص من جهة وتصرفاته من جهة أخرى، هي قمة الموضوعية وقمة الإحترام للذات، علاوة على أن ذلك يُبعد الناقد عن التعرَض لحياة الناس في شؤونهم الخاصة، في خاتمة المطاف هذا النأي يُبعد الناقد عن المحاسبة القانونية التي يتعرض لها أصحاب الأراء دوما، والتي تشغل الكاتب وتصرفه عن المواصلة، الى جانب أن التراشق في ذاته يخرج الكاتب من نهج الموضوعية ويخرجه عن مساره وهدفه.

ملء السنابل تنحني بتواضع .. والفارغت رؤوسن شوامخ

صلاح محمد عبد الدائم (شكوكو)
shococo@hotmail.com




امسح للحصول على الرابط
بواسطة : صلاح شكوكو
 1  0
التعليقات ( 1 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    الحلفاوى 11-13-2011 06:0
    شكرا استاذ صلاح على المقال الممتاز وياريت كل صحفى رياضى يضع النقاط المذكورة امامه قبل ان يبدأ الكتابة حتى نستفيد نحن كجماهير رياضية وان نغير من سلوكياتنا تجاه بعضنا البعض
       الرد على زائر
    • 1 - 1
      عبد الرحمن الحاج علي 11-13-2011 10:0
      من أروع ما قرأت في شأن النقد شكرا أستاذ صلاح على هذه الإفادة الطيبة وشكرا جزيلا على هذه النظرة المتقدمة وليت كتابنا يعلمون خالص إحترامي أخي صلاح شكوكو
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019