في كل دول العالم تنظر الجهات الحكومية والمؤسسات الضخمة التي لها ارتباط مباشر بالجمهور لوسائل الإعلام على أنها احد أهم مصادر بناء المجتمعات بل هي المرآة التي تعكس مدى ما توصلت إليه الأمم من تقدم ورقي .
ومن دون وسائل الإعلام لا يمكن لاي كائن من كان معرفة ما يحدث في مجتمعه من تواتر للأحداث ، فهي الرابط الحقيقي للفرد ببقية أفراد مجتمعه من جهة وبالجهات ذات العلاقة من جهة أخرى.
الموضوع كبير وشائك ومعقد لذلك أنا هنا لست بصدد الحديث عن أي ممارسات سالبة أو ( تعتيم إعلامي ) يمارسه مسئولون تنفيذيون في عدد من المراكز الخدمية التي لها علاقة بحياة الناس ــ وهي كثيرة بالطبع ــ لكني سأحصر حديثي هنا في الشأن الرياضي .
فالمتابع للوضع في وسطنا الرياضي يلحظ فوضى كبيرة ربما كانت احد أهم أسباب تخلفنا الذي لا يحفي علي ذي ( بصيرة ) ... أريد أن أكون أكثر واقعية حتى احمل كل صاحب مسئولية مسئوليته في هذه المعضلة التي يبدو أنها آيلة إلى استفحال . دعوني ابدأ بالمسئولين عن الشأن الرياضي واعني هنا ( كرة القدم ) تحديدا سواء في اتحاد الكرة أو مجالس إدارات الأندية الكبيرة ، فالواقع يقول أن فوضى عارمة ضربت بجذورها في أعماق هذه المؤسسات ـ إذا جاز لنا تسميتها بذلك ــ لدرجة أصبحنا معها لا نجد أي مؤسسة رياضية بمختلف المسميات تتعامل مع وسائل الإعلام بطريقة مؤسسة تجعلها تشبع رغباتها ونهمها على تناول وتحليل الأحداث بطريقة أكثر دقة ومهنية وبالتالي اطلاع المتابع على آخر التفاصيل في كل ما يدور .
ربما هو قصور في الفهم الإداري والدليل على ذلك أن اغلب المؤسسات الرياضية الكبيرة واعني هنا ( الاتحاد ) و ( الهلال ) و ( المريخ ) لا تمتلك متحدثا رسميا يظهر في الأوقات التي يجب عليه أن يظهر فيها.. وكل مافي الأمر لا يتعدى الاجتهادات الشخصية التي يقوم بها بعض الأفراد المتنفذين في تلك المؤسسات لدرجة أصبحنا نحس معها أن اغلبهم يتنافسون على الظهور الإعلامي فقط.
والمؤسف أن الظهور الإعلامي نفسه الذي يتسابقون عليه يتم عبر وسائل إعلامية بعينها لما يربطهم بالمتنفذين فيها من علاقات لا تسمح إلا بتمرير المدح والثناء وفي المقابل شطب كل ما يقدح في أداءهم حتى وان كان بناءً .
التردد الذي يمارسه بعض المسئولين في الوسط الرياضي في التعامل مع بعض وسائل الإعلام يدل بوضوح على الأزمة الكبيرة التي نعيشها في هذا الجانب والتي لا يستثنى منها حتى وسائل الإعلام نفسها والتي بدأت تنتهج خطا ابعد ما يكون عن الرسالة الإعلامية المنوطة بها من الأساس .
قد أجد العذر لبعض المسئولين في عدم إعطاء الأخبار أو إجراء الحوارات إلا مع من يثقون ويعرفون لكني لا اعذرهم من تحمل مسئولياتهم كاملة في بناء نظام إداري يتيح المعلومة للجميع ، فلو سألت اليوم عن من هو الناطق الرسمي باسم اتحاد الكرة لن تجد إجابة والحال نفسه ينطبق على الهلال والمريخ وغيرهما من المؤسسات الرياضية الكبيرة.
وسائل الإعلام نفسها جزء أصيل من هذا الذي يحدث باعتبار أن بعضها أصبح وسيلة لتأجيج الصراعات بطريقة ابعد ما تكون عن الرسالة الفعلية التي يجب أن تكون عليها ومن يدري ربما كان تأجيج الصراع واحدة من الرسائل التي قامت من اجلها بعض تلك الوسائل التي أصبحت منتشرة بطريقة تزكم الأنوف .
علينا أن نعترف جميعا بان هناك خلل ما يجب معالجته على وجه السرعة إذا ما أردنا أن نتطور ونلحق بالركب الذي فات... إذ لا يعقل أن تتحفنا صحفنا المبجلة في يوم واحد بثلاث تصريحات يختلف كل منها عن الأخر ولثلاث مسئولين يتبعون لمؤسسة واحدة وكل واحد منهم يتحدث بحديث غير الأخر تماما ، واعني هنا الجدل الذي دار أخيرا والتصريحات التي تم تداولها في الصحف بين أمين مال الاتحاد وسكرتيره ونائب الرئيس بخصوص التسجيلات ... فلو كان الاتحاد يمتلك ناطقا إعلاميا لما حدث كل هذا اللغط.
الوسط الرياضي متمدد ومتجذر إلا أن ثمة روابط حقيقية تجمع هذا الوسط مخفية بفعل فاعل !! ، وحتى نحدد هذا الفاعل علينا الاعتراف بان الوسط الرياضي يتكون من ثلاث فئات لا رابع لها وهي ( المسئول ــ الوسيط الإعلامي ــ المتابع ) ، فمن هذا المنطلق يفترض أن يحرص المسئول ( الطرف الأول ) على مد جسور التواصل مع الوسائل الإعلامية ( الطرف الثاني ) بهدف إبراز ما لديه أمام الجمهور ( الطرف الثالث ) .
وغدا سأحدثكم عن كيف طوع مسئولونا وإعلامنا الرياضي هذه العملية ( العلمية ) وأخضعوها لتبعات النشر !!!! وسأحدثكم كذلك من واقع تجربتي عن أفضل من يجيدون فنون التعامل مع وسائل الإعلام من المسئولين في ( المؤسسات ) الكبيرة .
بحثت كثيرا لكني لم أجد سببا وجيها يمنع المسئولين في الأندية إعطاء المعلومة للصحفي الذي يبحث عنها طالما أنها ( الأندية ) لا تمتلك ناطقا رسميا يمكن التواصل معه.
عزوف ( بعض ) إداريي الأندية في الرد على الصحفيين احد الأسباب الرئيسية التي أظهرت ما يعرف بـ ( الشتل ) وغيره من المصطلحات الدخيلة على الصحافة الرياضية.
الصحافة الرياضية مطالبة بالارتقاء لمستوى الحدث إلا أن المؤسف اغلبها جندت للدفاع عن الهلال والمريخ بطريقة أفقدت الصحافة معناها الحقيقي.
النقد لا يعني بأي حال من الأحوال الاختلاف مع الأخر فلماذا التناحر والاختلاف ؟

أتمنى أن لا نصل إلى مرحلة نضطر معها إلى إيقاف تعليقات القراء بسبب مجموعة بسيطة لم تتفهم حتى الآن معنى أن توجه نقدا لشخص ما في مضمون ما يكتب أو يقول... أتمنى أن لا نضطر لذلك..