• ×
الثلاثاء 23 أبريل 2024 | 04-22-2024
عبدالله علقم

كلام عابر

عبدالله علقم

 1  0  1487
عبدالله علقم
(كلام عابر)
رحـيل الفــرح خلســة
لا أدعي مثلما يفعل كتاب المناسبات وجود علاقة شخصية تجمعني بالراحل زيدان سوى علاقة المتلقي والمبدع والمعجب والمطرب وهي في حد ذاتها علاقة وجدانية تتجاوز الحواجز الزمنية والقيود الجغرافية ، ولكن تختزن الذاكرة واقعة حدثت في يوليو 1970م كان زيدان محورها وأكاد الم بجميع تفاصيلها الدقيقة كأنها حدثت للتو واللحظة. فقد ضمتني مجلس خاص في مناسبة اجتماعية كان عدد حضوره لا يتجاوز العشرة ، جميعهم تجمعهم بزيدان صلة القرابة أو الصداقة . كانت تلك أول مرة أشاهد فيها زيدان وأستمع إليه . وجدت نفسي تلك الأمسية أمام حالة فريدة من صدق الأداء وموهبة الصوت الجميل الذي يدغدغ المشاعر . لم يخلو المجلس من المداعبة ووصف زيدان بأنه فنان غير مسموع لا يسمعه غيرهم، ويبدو أنه قد الف منهم تلك المداعبات فرد عليهم زيدان بكلمات واثقة إنهم عن قريب سيرونه مطربا مسموعا ونجما مشهورا وربما لن يتوفر له الكثير من الوقت لمثل هذه الجلسات التي يسمعونه فيها وقتما وأينما يرغبون. مجرد شعور عفوي خلفه زيدان في نفسي كمتلق لا يفهم إلا ما بوسع المتلقي أن يفهمه في شئون الغناء والموسيقى ، وهذا الشعور العفوي الداخلي نقش في ذاكرتي كلمات زيدان التي أيقنت بصدقها. وصدق زيدان فأصاب الشهرة وصعد إلى القمة بسرعة الصاروخ واقتحم القلوب ووجد القبول الجماهيري الواسع الذي بلغ درجة غير مسبوقة حينما كان يتعين عليه أن يحيي حفلين في أمسية واحدة.. حفل في الخرطوم وآخر في ود مدني. لم أسعد بعد ذلك للأسف بتواصل شخصي مع زيدان ولكني سعدت وسعد معي الحاضرون بوجود صوته الملائكي الجميل في حفل زواجي.
شارك زيدان بقدر كبير في ترقية أذواق الناس وفي تطوير فن الغناء و كان يحسن اختيار الألحان والملحنين وينتقي كلماته بأناقة شديدة مستعينا في ذلك أحيانا بكبار الأدباء والصحافيين، ويذكر أن الشاعر والصحافي الراحل ابراهيم عوض بشير على سبيل المثال هو الذي رشح له قصيدة ابراهيم ناجي الشهيرة "داوي ناري والتياعي". كان في أغانيه دمعة الحزين وأنين الملتاع وشوق العاشق وفرحة المحب وأحلام العذارى، كانت تمثل الحياة كلها بحلوها ومرها فتغلغل في الوجدان والقلوب.فوق ذلك أحب فيه الناس على اختلاف مشاربهم وطبقاتهم ما كان يتميز به من بساطة وسماحة وتواضع وأدب جم وزهد في الاضواء وهو أمر لم يتأتى له لأنه هو الأضواء نفسها ولأن الأضواء تفقد وهجها وبريقها إذا أخطأت زيدان. خرج كل هؤلاء بعفوية صادقة لوداعه في مشهد أشبه بخروج أديس أبابا لوداع معشوقها تلاهون قسسا. . لم يعرف المشيعون أن زيدان تغنى لسلطان في يوم من الأيام أو وقف بباب حاكم فلهؤلاء دنيا غير دنيا زيدان. تضاعف الأسى لأن زيدان يمثل حالة فرح نادرة في وطن غارق في الأحزان، ولم أجد أصدق من كلمات الأخ الأستاذ عبدالمجيد عبدالرازق وهو يشبه رحيل زيدان بالجرح الكبير في جسد الوطن.
وستدور عجلات السنين ،وتمر أيام وتعدي، ولكن تلك الأيام لن تكون بمثل الوسامة والبهاء وهي في حضرة زيدان.
ألف رحمة ونور على العندليب الذي رحل.
(عبدالله علقم)
Khamma46@yahoo.com
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالله علقم
 1  0
التعليقات ( 1 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    ابو مازن - المام 09-29-2011 06:0
    [B][SIZE=2] الاخ العزيز عبد الله علقم ... لك التحيه ... وبعد،،،،،، الا رحم الله زيدان رحمة واسعه واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.... اخى حين يكون الكاتب صادقا وأمينا ومهنيا يكون رائعا فكنت كذلك ولربما أكثر ،، عشت ،،، أكرر التحية .... سلام ،،،،،
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019