• ×
الجمعة 19 أبريل 2024 | 04-18-2024
صلاح شكوكو

لأولي النهي

صلاح شكوكو

 0  0  1809
صلاح شكوكو
الهلال بين جهادين

رسائل كثرة ومتباينة الفحوى إمتلأ بها بريدي الألكتروني بعد مقالي الأخير، الذي جاء تحت عنوان (وإن أفتاك الناس وأفتوك)، والذي كان يدور حول مبارة الهلال والقطن الكميروني في نهار رمضان، حيث جاءت الرسائل من القادحين والمادحين، والحقيقة أنني ما كنت أنوى العودة لهذا الموضوع، حتى لا يغدو تعقيبا على تعقيب أومساجلة أوتمترسا حول رأيي، أو مرافعة ومدافعة في مواجهة من عارضوا رأيي، لكون رأيي رأي خاص إستقيته من قناعتي الخاصة، مدعوما بعدة مصادر معتبرة وهي محل ثقة عندي، وقد تكون غير ذلك عند الآخرين، وهذا شأن لا أملك إجبار الناس عليه.

والمثل المشهور يقول:- (تستطيع أن تأخذ حصانا إلى النهر.. ولكنك لا تستطيع أجباره على الشرب) وحتى لايظن ظان أنني قصدت بذلك تشبه الناس بالحصان، فإنني أنوه الى أنني قصدت أن المبتغى لايكون على مرادات الناس دائما.

بل أن الإختلاف في الرأي شأن شائع في كل المجالات، وبصفة خاصة بين رجالات الفكر والفقهاء والأئمة المعتبرين كذلك، فما يراه أحدهم رأيا يقتضى القبول، يراه الآخر بفتواه رأيا يخالف ذلك، وقد قيل إن هذا الإختلاف فيه سعة للناس على تجاوز مشقة الإلزام برأي واحد.

بل أن أجمل ماقرأت في الإختلاف الفكري، الذي يكون نتاجا لإعمال الفكر في الفقه ماقاله الشافعي، حتى أضحى شعارا لمرونة القول والرأي حين قال:- (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) أما الإمام مالك بن دينار فقد فقال :- (كلٌ يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر) في إشارة للنبي الكريم (صلى الله عليه وسلم).

والحقيقة أن هذه الأقوال والدرر لاتبتعد كثيرا عن قول على بن أبي طالب (كرم الله وجهه) حين قال:- (اعرفوا الرجال بالحق ولا تعرفوا الحق بالرجال) في إشارة حكيمة الى التجسيد المبني على رجاحة القول وإسبيان الحق من أفواه وعقول الرجال، دون تشخيصهم بذواتهم على الحق.

والرأي في كل الأحوال قد لا يكون صوابا كله، وقد يكون فيه من الصواب ما يكفي، لكنه في آخر المطاف رأي خاص وليس للآخرين التقيد به، وإن وجدت رأيا أفضل منه فإنني في ببساطة ودون عزة وحميّة سأعترف بأنني تعلمت من الخطأ، لأن الآراء دوما تدور بين الخطأ والصواب، وليس بيننا من يحتكر الصواب في كل أمر ورأي، وليس بيننا من يكون رأيه دوما في مكمن الخطأ، وهذه سنة بين الناس بسبب تباين المدارك والملكات وكذلك بسبب إختلاف زاوية الرؤية ومحدودية النظر عند الآدميين، وقد قيل في الأثر (نصف رأيك عند أخيك).

لكن أود أن أؤكد أن رأيي الذي إستقيته لم يكن فيه إستهداف للهلال كما حاول البعض تصوير ذلك، إذ ليس بيني وبين الهلال إلا الخير والصلاح والمودة، بل أنني من أكثر المتمنين لأن يكون الهلال في رفعة وعلو كبيرين، وتقدم الهلال عندي فيه صلاح للسودان كله لكوني أرى الأمور بسعة النظر، دون أن يكون قلمي معقودا على وتد التعصب البغيض.

بل أنني سأكون مزهوا لو أن الهلال أصاب الخيرين، نال أجر الصيام والمبتغى، لأن ما يأتي بحلاوة المشقة فيه قدر هائل من الزهو الروحي، وكم سينال الهلال من إحترامنا لو أنه يمم شطر العزيمة والإمساك المتيقن بالمصابرة الروحية حتى النصر.

رغم إدراكي أن كثير من القادحين كان مدادهم مصوبا من معين التعصب الأسود الذي خيل لهم أنني أرنو الى التقيل من شأن الهلال، وأود أن أهبط الروح المعنوية لهم، لكن من المهم أن أقول أن من بين هؤلاء من كانوا متوازنين في القول ولم يلوّن التعصب لون مدادهم فقالوا رأيهم على رأيي بقدر عال من الموضوعية وسعة الأفق الجميل، حتى أضحى القول سجالا وعصفا فكريا جميلا.

لكنها في نهاية الأمر ضريبة يؤديها المرء، بسبب آرائه التي حتما لن تجد إجماعا في القبول، لأن هذا التباين والإختلاف هو الذي يثري الحياة ويزيدها زخما، فإن كان أشرف الخلق لم ينل إجماعا بين الخلق وفي موطنه بمكة، فكيف نريد نحن ونحن في دنو عن مقامه الكريم أن يكون لنا ذلك، بل أن التشبيه مخل في هذا الموطن، لكنه مجرد تقريب وتبسيط للفكرة.

واليقين عندي أن التمترس في الرأي رغم إتضاح الخطأ ضرب من ضروب التعصب للرأي، وهو نهج بغيض في النفس، ينبغي على صاحبة أن يوطن نفسه على الأخلاق الرياضية السمحاء بالنزول عن رأيه طالما إستبان له الصواب.

والآن دعوني أحيلكم الى هذا الموقع الذي يمكن أن أستند عليه، ولكم كذلك حرية أن تأخذوا مما فيه أو تردوه الى رأي آخر سواه، وذلك من خلال الرابط المباشر الذي يقود للفتوى التي تحمل الرقم (23296).

موقع الإسلام سؤال وجواب http://www.islamqa.com/ar/ref/23296
حيث تقول الفتوى .. يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الْمُرَخِّصِ فِي الْفِطْرِ مَا يَلِي :-

أ - أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ طَوِيلا مِمَّا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلاةُ.
ب - أَنْ لا يَعْزِمَ الْمُسَافِرُ الإِقَامَةَ خِلالَ سَفَرِهِ.
ج - أَنْ لا يَكُونَ السَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ.
وتَسْقُطُ رُخْصَةُ السَّفَرِ بِأَمْرَيْنِ اتِّفَاقًا :-
الأَوَّلِ: إذَا عَادَ الْمُسَافِرُ إلَى بَلَدِهِ، وَدَخَلَ وَطَنَهُ ومَحَلُّ إقَامَتِهِ.
الثَّانِي: إذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الإِقَامَةَ مُطْلَقًا، أَوْ قضاء مُدَّةَ الإِقَامَةِ فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَكَانَ الْمَكَانُ صَالِحًا لِلإِقَامَةِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِذَلِكَ، فَيُتِمُّ الصَّلاةَ، وَيَصُومُ وَلا يُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ، لانْقِطَاعِ حُكْمِ السَّفَرِ.

 دعونا نتحرى الرؤية.. ونتمنى للهلال أن ينتصر في الجهاد الأكبر والأصغر.
-------------------
ملء السنابل تنحني بتواضع... والفارغات رؤوسهن شوامخ
-------------------
صلاح محمد عـبد الدائم (شكوكو)
shococo@hotmail.com


امسح للحصول على الرابط
بواسطة : صلاح شكوكو
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019