• ×
الجمعة 19 أبريل 2024 | 04-18-2024
صلاح شكوكو

لاولي النهى

صلاح شكوكو

 0  0  1276
صلاح شكوكو
حينما ترحل القيم والقمم

الأخ الأستاذ / صلاح شكوكو
تحية طيبة
مرت علينا وعليك أخي صلاح أربعينية الراحل المقيم (عزالدين محمد خير - الصبابي) - إبن الحاجة (أمونة) هذه الأم الذي كان يباهي بها نفسه والناس .. حيث رحل الرجل من دنيانا الى برزخ الخلود ورحاب رب كريم.

رحل الرجل بقلبه الأبيض وسريرته الصافية النقية ، ولا نزكي على الله أحد ولكننا نحسبه قد رحل راضا مرضيا الى لقاء ربه وهو يحمل كتابه بيمناه باسم الثقر وضاء المحيا ، بقلب نقس تقي كأنه الطفل الذي لم يبلغ الفطام ، فقد كان الرجل يعلم أن الدنيا فانية وأنها مزرعة الآخرة لذا كان يعمل لمثل هذه المغادرة الطيبة .

كان الفقيد في قويا في الحجة والبيان وحسن الكلام ورقيقا كالنسيم يستمع إليك كمن يجهل وهو أعلمنا في المواقف .. وكان حاتمي الدار ، مضيافا بشوشا واسع الصدر باسم الثغر ، محبا لأهل مودته ، وقبل كل ذلك ظل بارا بوالدته بعد وفاة أبيه الذي فارق دنياواتا منذ سنوات خلت .

حينما فجعنا في رحيله ترائت إلينا الصفات الجميلة التي كان يتحلى بها الرجل والتي جعلته عنوانا لدماثة الخلق وطيب الخاطر ونقاء السيرة والسريرة ، فكأن برحيله قد رحلت معه شيم كانت متجسدة فيه ، فقد عاش عزالدين في دنيانا الفانية بقب المدرع لوضاعة الدنيا ، كان وفيا لصداقاته بهيا في كنف أسرتيه الصغيرة والكبيرة ، لذا ظل دوما يجتر ذاكرته ويؤكد للملأ بأنه إبن رجل بسيط وأم بسيطة ظلت تنافح الحياة لتوفير لقمة كريمة تسور بها الأسرة عن الإحتياج مسورين بسور التقوى ونور الإيمان .

وهكذا عرف فقيدنا قيمة أن تحيا في الحياة بهدف كبير وغاية واسعة ، فنشأ مستقيما ، مستحضرا جهد أهله ومغالبتهم في الحياة ، فبنى لنفسه ولأهلة قصورا من حسن القيم والأخلاق التي فتحت أمامه الآفاق ليصبح رجلا عصاميا إستطاع أن يحتل كل قلوب الناس الذين عرفوه والذين لم يتعرفوا إليه ، فأحبه الناس لبساطته ، وبسطة الوجه وحسن الكلام .

ونجح الرجل في أصعب مهن الحياة وهي القانون الذي يكون المشي في دروبه كالمشي على حافة السيف ، حتى حسبنا أن القانون قد طوع له ، فقد كان قويا في قول الحق حيث شهدت له كل قاعات المحاكم التي إرتادها ففي القاء (الواقف) كان من أهل الحق والإستقامة و في القضاء (الجالس) كان دائم البحث عن الحق بمرافعات ومدافعات كان يخاف الله فيها قبل أن يخاف الناس .

وفي ذات الأوان كان الرجل رياديا ورياضيا أعطى الرياضة وجها جديدا ، قوامه الألتزام بين أناس كانوا يحسبون أن الرياضة باب من أبواب اللهو والمزاح ، لكنه ظل وفيا للقيم التي كان يؤمن بها فكان علما في سماوات الممارسة نجما وإداريا ، فإستحق التكريم والتقدير .

لقد أكسب الوقار وقارا جديا ، فحينما تلتقيه (بروب) القضاء تحس بأنك تقابل العادلة في أبهى صورها ، وحينما تلتقيه (بروب) المحاماة تستوثق أنك تقف مع رجل يبحث بكلياته عن الحق الضائع في سجال المخاصمات .

وحتى لو أنك إلتقيته بملابس الرياضة فإنك تحس بأن الرجل يكسب الرياضة بعدا ظلت تفتقده طويلا ، وهذا ظل عزالدين رجلا يرتاد كل الآفاق ويلون كل المساحات التي يرتادها ، لكنه ظل دوما عنوانا للجمال .

لقد نال الرجل محبة كل الناس ، لأنه ببساطة رجل ظل يحترم ذاته ، فقد تشرفت به المناصب وتشرفنا نحن بمعرفته ، وكم سعد به أهل أمدرمان وظنوه منهم .. وأهل الخرطوم تباهوا به أما أهل بحري فكانوا قد حددزه كأحد ملامح مدينتهم ، وهكذا كان الرجل قوميا لأن كل أهل بلادنا كانوا يحسون بأنه واحد منهم .

لقد غيّر الرجل كثير من الصور النمطية التي كانت تعشش في قلوب الناس ، خاصة حينما يتعلق الأمر برجل يمارس كرة القدم التي كانت في حياة الناس تعني أن فارسها موقوت الزمان وينتهي بأفول نجمه فيها .

لكن الرجل الذي ظل نجما جعل النجومية في ذاته وليست في الممارسة بكينونتها ، فجعل مقامات الممارسة بهية وذات طابع خاص لو أن الناس مارسوها كما ينبغي ، وبذات القدر جعل للقضاء واجهة بهية في الناس ، وللمحاماة بعدا رحبا قوامة التقصي للوصول الى الحق الأبلج الذي يريح النفوس وكأنه بذلك يجمل صورة القضاء أيضا .

برحيله إنطفأ كوكب وضاء ، لكن القيم التي عاش بها ظلت منارات وضاءة في سماواتنا حية في قلوبنا وقلوب كل الذين عرفوه خاصة أصدقاءه الذين كانوا قربه ، وهكذا وري الثرى بمقابر (حلة حمد) في مشهد مهيب يدلل على عظمة الرجل في الناس .

له الرحمة والمغفرة ، ويلهمنا نحن أصدقاءه وأهله وذويه الرحمة والمغفرة ، ونحسبه في سدر مخضوض وطلح منضود وظل ممدود ، عند مليك مقتدر وأن يحشرنا الله و إياه في زمرة الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أؤلئك رفيقا .. وإنا لله وإنا إليه راجعون .
.................

عبد الباقي صالح عبد الرحمن
0910057738

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : صلاح شكوكو
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019