• ×
السبت 20 أبريل 2024 | 04-19-2024
صلاح شكوكو

لاولى النهى

صلاح شكوكو

 0  0  1319
صلاح شكوكو
بين النكتة والنقطة
قد تكون كلمة (نكتة) قد تحورت عن (النقطة) بعد تخفيف القاف إلى كاف والطاء إلى تاء وهذا التحوير يخضع لقاعدة في اللغة تقول:- إن الألفاظ المتصاقبة الحروف، متصاقبة المعاني، والتصاقب هو القرب.. و(النكتة) لغة هي قرع الأَرض بعُود أَو أصبع، كما أنها حبات سوداء على الثوب.. كذلك من معانيها الطعن في الناس.
والنكتة هي الكلام المستملح.. وهو ما أسماه العرب بالمُلح والنوادر. وهو فن إيجاز القول مع الطرفة بحيث يثير في نفس السامع الضحك، وهويحتاج إلى خاطر سريع ذكي، وقدرة على الوصف الدقيق، وتركيز الفكرة في أخف الألفاظ لأن التطويل يفسدها.
وكم هو جميل أن يضحك المرء على الآخرين دون سخرية.. لكن الأروع أن يضحك المرء على نفسه لأنه حينيذ يكون صادقا في ضحكه.. وقد نضحك على أنفسنا حينما يكون الضحك على أمر نفعله أو نكون نحن جزء من المضحوك فيهم .. ذلك أن الضحك تنفيس عما نواجهه في الحياة من تنغيص ومغالبات، حيث يصبح الضحك نوعا من الترويح.. ولا يوجد في وجه الأرض شعب لا يحب الضحك وتعاطي النكتة.
والعرب في مختلف عصورهم لم يهملوا الطرفة والنوادر في الكلام تداولا وتأليفا، فكثير من الكتب العربية وكتب التراث تذخر بالكثير من ذلك والتي تصور لنا هذا الجانب كتصنيفات الجاحظ وكتابه الشهير (البخلاء) الذي يورد فيه الكثير من المواقف الضاحكة لبخلاء مدينة (مرو) الخراسانية.
أما الإمام الجوزي فقد ألف كتبا في في الطرائف الى جانب ما ألفه حول أصحاب العاهات، وفي العصر الحديث ظهرت شخصية (جحا) وهو شخصية من الأدب التركي، كذلك كانت بالسودان شخصية تقترن بالنكات وهي (ودنفاش) لكنها تلاشت.. حيث التصقت النكات الآن بشخوص مؤديها.
بيد أن هناك نكاتا عامة يمكن تحويرها لتتناسب مع أي بلد تقال فيه.. كما أن هناك نكاتا تقدح في الآخر وهذه أيضا يتم تكييفها حسب المزاح لتنال من الآخر.. بيد أن هناك نوع آخر يرتبط بالمتعاطين لما يخامر العقل شربا أم تدخينا.. ولهؤلاء أيضا مساحة مقدرة من النكتة اللماحة التي يكون الإضحاك فيها مرتبطا بلمحة سريعة في المضمون.. رغم أن هذه النكات ترسل إشارات سالبة للشباب تصور لهم أن التعاطي شيء محمود بإعتباره يسمو بالمزاج ليجعله في ملكوت البهجة.
لكن للنكتة وظائف أخرى تؤديها إذ أنها في كثير من الأحوال تكشف الخصوصية التي يتمتع بها مجتمع معين.. خاصة المجتمعات المحافظة.. وتربط ذلك بالسذاجة أو البساطة أوعدم المواكبة الحضارية وخير مثال على ذلك ماناله أهل صعيد مصر من أهل الحضر في مصر .
والغريب أن مصر الى حد كبير تعتبر دولة متجانسة إذ ليس فيها التقسيمات القبلية التي نجدها في معظم الدول العربية.. ويندر أن تجد شخصا يعرف لنفسه قبيلة لأن التقسم عندهم ثقافي وينتهي بأن يكون الفرد إما فلاحا من الشمال أو من جنوبها حيث الصعيد .. لذا فإن الإنتساب الى الجهة يغلب لديهم .. مثل ( الشرقية - الغربية - أسيوط ) ونحو ذلك للدرجة التي لا يعرف الفرد فيها مذهبه الديني.
لذا فإن المصريين مشهورون بالنكات اللاذعة بعد إجراء بعض التعديلات والإضافات عليها لتناسب أهل الصعيد عندهم (الصعايدة) لترسيخ صور نمطية معدة سلفا تتمحور حول السذاجة وربما تصل الى حد السخرية المرة مما ولد نوعا من البغضاء الإجتماعية وهنا ندرج آخر نكتتين مصريتين، وناقل الكفر ليس بكافر :-
 واحد صعيدى عرف أن مصر ستلعب ضد الجزائر خد الشومه وسافر للسودان.
 واحد صعيدى قامت عندهم حريقة في البيت عمل رنه للمطافىء.
لكننا في السودان صنفنا النكات حسب القبائل.. فهناك نكات للدناقلة وأخرى لأهل الشرق والغرب وهناك نكاتا لأهلنا (الرباطاب) وهؤلاء نالوا حظا وافرا من ذلك .. مثلما كان لأهل الجنوب نصيبهم أيضا بدرجة مساوية لما ناله الحلفاويون كذلك.. لكن التوازن في ذلك أن كل أهل السودان دونما إستثاء قد نالهم رشاشا من تلك النكات للدرجة التي جعلت بعض الشخصيات تشتهر بسرد هذه النكات مما جعلها إلف ملازم للشخوص وأتاح لها قدرا من القبول.
والنكتة تتجه في أحايين كثيرة نحو الرمزية وذلك كلما كان الوسط غير قابل لها أو كانت سياسية المدلول .. وقد تجد رواجا كبيرا دون أن تتيح للآخر الفرصة لكبتها أو وأدها لأنها تنداح مثلما تنداح الشعائعات بل يرددها الخصوم والموالون.. حتى النظم الحاكمة في العالم العربي تتسامح مع تلكم النكات مهما كانت درجة حدتها، بإعتبارها نكاتا للتنفيس لا تقتل جرذا.. كما أن النكتة في أحايين كثيرة تقوم بدور الرقيب المنتقد حيث تشير إلى مواضع الخلل في سياسة الدولة وبذلك قد تعين أولى الأمر نحو خلل ما في مكان ما.
كما أن النكتة قد تحمل مضامين عنصرية بغيضة حيث نجد في دول الخليج العربية نكاتا تتناول الآسيوين والوافدين حتى العرب منهم بنوع من الإزدراء.. والتي تحوي تمييزا بين ماهو وطني وماهو أجنبي بحيث تجعل الوافد في مركز أدنى من الوطني.

أما الرياضيون فمعروفون بالطرفة والنكتة وسرعة البديهة.. فكل الملاعب في السودان يجد المرء فيها أناسا يرتبطون بهذه الدور ويمارسون فن الإضحاك على الهواء الطلق وهم جزء من متعة المشاهدة.. وقد يأتي بعضهم لهذه الدّور لهذه الطرف قبل المشاهدة.

وأذكر أن صديقا مصريا قال لي ذات مرة بانه إندهش للسوداننين حينما جالسهم .. فقد كان يظن أن السودانيين لا يضحكون أبدا ولا يعرفون النكتة من فرط جديتهم .. لكنه إندهش بعد معايشتهم.. لكنه إستدرك أن النكتة السودانية تتسم بقدر عال من الذكاء.. وأنهم لا يضحكون إلا إذا كانت النكتة تستحق الضحك.

نكات رياضية :
 صرصور بيلعب كورة مع نمل ليه؟؟ .... (الصرصور لاعب أجنبي).
 واحد سمع المعلق بيقول : (دربكه في نص الملعب - دربكه بين اللاعبين - دربكه داخل المنطقة الجزاء- يا سلام هدف من دربكه أمام المرمى).. قال لصاحبه : هسع تلقى صلاح إدريس ساكي دربكة دا.

............
ملء السنابل تنحني ببتواضع ... والفارغات رؤوسهن شوامخ
............
صلاح محمد عبدالدائم ( شكوكو(
shococo@hotmail.com
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : صلاح شكوكو
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019