• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024
احمد الفكي

الكلاب و أكل الكرسي

احمد الفكي

 0  0  2088
احمد الفكي
الكلاب و أكل الكرسي

أوتاد - أحمد الفكي
هل إستدار و عاد بنا الزمان و رجعت عقارب ساعته للوراء لنعيش في جو كليلة و دمنة جراء الأحوال الإجتماعية و السياسية التي تضرب وطننا العربي من خلال توجيه النقد المغلف wrapper criticism أي الإيحائي و الرمزي الذي يهدف لموضوع الرسالة المقصودة بطريقة غير مباشرة من خلال إنَّ اللبيب بالإشارة يفهم .
قبل فترة في تونس الشقيقة قبل الإستفتاء على الدستور الجديد وحالة الإضراب التي عمت البلاد ذكر رئيس الدولة قيس سعيِّد في إحدى إجتماعته كليلة و دمنة هما اسمان أطلقا على اثنين من بنات آوى، متوعداً باتخاذ العقاب المناسب لما أسماهم إبني آوي .
في الآونة الأخيرة ظهرت العديد من الفيديوهات القصيرة عبر ( التك توك) تحوي رسائل أبطالها حيوانات و سوف أذكر نموذجين من الفيديوهات التي تعيدنا لعهد القرن الثامن الميلادي لتوصيل الرسالة المجتمعية وفق كتاب كليلة و دمنة وقبل الإسترسال في النموذجين أترك القارئ العزيز في معلومة صغيرة كلمحة تعريفية عن ذلك الكتاب ومن ثم العودة للنموذجين عبر ما تم إرساله في التك توك .
الحمد لله منذ زمنٍ بعيد ( المرحلة الإبتدائية) يوجد لدينا في المكتبة المنزلية لأخي عبد العزيز كتاب كَلِيلَة ودِمْنَة وهو يتضمّن مجموعة من القصص ، ترجمَهُ عبد الله بن المقفع من الفهلوية إلى اللغة العربية في العصر العباسي و تحديداً في القرن الثاني الهجري الموافق للقرن الثامن الميلادي وصاغه بأسلوبه الأدبي مُتصرفاً به عن الكتاب الأصلي . أجمع العديد من الباحثين على أن الكتاب يعود لأصول هندية ( كتاب الفصول الخمسة The Five seasons )
تذكر مقدمة الكتاب أن الحكيم الهندي بَيْدَبا قد ألّفه لملك الهند دَبْشليم ، وقد استخدم المؤلف الحيوانات والطيور كشخصيات رئيسية فيه، وهي ترمز في الأساس إلى شخصيات بشرية وتتضمن القصص عدة مواضيع من أبرزها العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بالإضافة إلى عدد من الحِكم والمواعظ. حينما علم كسرى فارس أنوشيروان بأمر الكتاب وما يحتويه من المواعظ، أمر الطبيب بَرْزَوَيه بالذهاب إلى بلاد الهند ونسخ ما جاء في ذلك الكتاب ونقله إلى الفهلوية الفارسية.
من الملاحظ في حياتنا أنَّ بعض الناس يحملون أسماء و ألقاب لأسماء بعض الحيوانات على شاكلة الأسد ، الفيل، النمر ، الجمل و الغزال . وهم بذلك سعداء لما تتميز به تلك الحيوانات من صفات و خصائص يحبها الإنسان ، كما توجد حيوانات لا يمكن إتخاذ أسماؤها ألقاباً أو أسماء في الوقت الحالي .
من إسم الكلب الذي يرمز له بالوفاء في السابق كانت بنو كلاب هي قبيلة عربية كانت قد سادت على وسط الجزيرة العربية في أواخر عصر ما قبل الإسلام. لقد كانت فرعًا رئيسيًا لقبيلة بنو عامر بن صعصعة . كما افتخر جرير بكلاب بن ربيعة عندما قام بهجاء الراعي النميري الذي إنحاز للفرزدق في مطارحة شعرية جمعته مع جرير . فقال له جرير :
فغض الطرف إنَّك من نمير
فلا كعباً بلغت و لا كلابا .
عوداً على بدء في النموذج الأول مقطع فيديو عبارة عن غنماية و حمار و لكل واحدٍ منها إناء خاص به فيه علفه . الغنماية تحمل روحاً نرجسية ذات أنانية طاغية تأكل ما في ماعونها ثم تتوجه لماعون الحمار و تمارس معه العنف نطحاً حتى يستسلم للغنماية ويترك لها علفه، في لقطة يستطيع المشاهد لها أن يضعها في قالب من قوالب الحياة اليومية و دون شك تعيدنا لكتاب كليلة و دمنة .
النموذج الثاني وهو يحمل عنوان المقال أعلاه الكلاب و أكل الكرسي ، حيث مشهد الفيديو الذي تصحبه الدبلجة الصوتية من شخص وجد كرسيه البلاستيكي قد قضمت أرجله الأربعة ، فما كان عليه إلا أن أحضر كلابه الخمسة و بدأ في فتح التحقيق معهم بسؤالٍ : من أكل الكرسي.؟ فكانت المفاجأة إتفاق أربعة من الكلاب على كلبٍ واحد و ذلك بوضع كل كلب من الكلاب الأربعة يده على رأس الكلب الخامس المتفق عليه في إشارة لجواب السائل من الذي أكل الكرسي . رغم أنَّ الكلب عُرِفَ بالوفاء و حفظ الأمانة و في ذلك قال أمير الشعراء أحمد شوقي مناكفاً شاعر النيل حافظ إبراهيم في فكاهةٍ أدبية :
وأودعت أنساناً وكلباً أمانةً
فضيعها الأنسان والكلب حافظ
* آخر الأوتاد :
( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا .) الأحزاب 72
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : احمد الفكي
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019