• ×
الجمعة 19 أبريل 2024 | 04-18-2024
احمد الفكي

مدني و الرسالة الحزينة

احمد الفكي

 0  0  2184
احمد الفكي
أوتاد -
أحمد الفكي
مدني و الرسالة الحزينة

تَبَقَّى من وقت فترة الإمساك خمس دقائق و يشرع المؤذن لنداء آذان الفجر و كوب الماء بجواري أطالع فيه مانحاً نفسي لحظات انتظار قررتها بثلاث دقائق من الزمن المُتَبقِّي حتى أرتشف جرعات الماء محتسباً البركة و مستذكراً و مردداً ما حفظته منذ الصغر حيث العلم فيه كالنقش في الحجر ( ما زالت أمتي بخبر ما إن عجَّلوا الفطور و أخَّروا السحور ) إضافةً لحالة الذكرى التي لم تغب عن خاطري و أيام رمضان في مدينتي مدني و أمام بوابة بيتنا في الشارع و الجمع قد اجتمع و اكتمل عدده و على امتداد فاصل طول البرشين تزينت الأرض بصواني الجيران كروعة الإصطفاف الأفقي لنجوم الهلال و المريخ وهم في الحالة التي تسبق المصافحة قبل المباراة ، وفي انتظار سماع صوت مؤذن جامع حلة حسن العتيق ( أخونا شيخ جعفر محمد علي بخيت) أو صوت جامع الكمبو ( شيخ نقودي) وكلا الجامعين كفرسي رهانٍ في حلقات الذكر و التواصل الإجتماعي الفريد .. وهنا تظهر حركات عبده اخوي المرحة خفيفة الظل ( وهو إمامهم لصلاة المغرب) مشاكساً و مشاغلاً الحضور كاسراً لحاجز الإنتظار و لحظات الصمت العفوية مردداً لأكثر من (خمس مرات على التوالي - على المريخاب تفويت هذه العبارة ).... ( الوقت دخل - ما زالت أمتي بخبر ما إن عجَّلوا الفطور و أخَّروا السحور ) فيجد ردة الفعل الفورية من هم على البرشين الطويلين جالسين .. منهم من يضحك ، و منهم من ينعقد حاجبه من الدهشة، ومنهم ينتظر ان يُسمعه ( الزول ده شفقان شفقة - وهناك صوت من آخر البرش يا عبد العزير روِّق المنطقة شوية (يعني شيل الصبر) - الليلة المحامي ده الظاهر عليه عطشان وهاك ياضحك قبل الآذان ) و يتواصل مسلسل الضحك عندما يقول أحدهم : فاصل ونواصل ( صلاة المغرب) و ينبري صوت عبدة ( هل أذَّن .؟!!) ما أحلى مدني و أيامها .. وعلى ذكر مدني و توارد الخواطر وقتها كنت ممسك بالجوال فإذا بي أفتح و استمع لرسالة صوتية لفت نظري لها تعليق مكتوب ( معقول دي مدني) استمعت للرسالة عن مستشفى مدني ... رسالة في غاية الأهمية رغم كمية الحِزن و الأسى الذي يكتنفها .. سرحت مع الرسالة ( و فات عليَّ تناول جرعات الماء ) التي أرسلتها إحدى طالبات الطب وهي من مدينة مدني تحكي فيها :
تجربة إصابة خالها بفيروس كورونا ، وفي تجربتها المريرة تناشد القلوب الرحيمة قبل العقول ، لتفعيل مبدأ التعاون و التكافل لانتشال الحال المتردي لمستشفى مدني من الناحية الخدمية و البنية التحتية ..
ذكرت صاحبة الرسالة وهي إنسانة مثقفة من خلال حديثها وهي منتمية للحقل الطبي قالت : أصيب خالها بالكورونا ذهبت هي وقريبتها بصحبة خالها للطوارئ ، لفحص خالها ، قالوا لهم النتيجة سلبية ، رجعوا إلى بيتهم .. بعد ساعة تم الاتصال بهم معتذرين أنَّ هناك خطأ في الأسماء اي تشابه أسماء ، خالكم نتيجته إيجابية .. (علينا أن ننتبه هذا خطأ طبي) .. كما جاء في رسالتها ذهبوا للطوارئ في مستشفى مدني وهم من أهل مدني لم يجدوا الرعاية و الإستجابة الفورية المستعجلة للحالة المرضية رغم قيامها بكمية الاتصالات بالأرقام ذات العلاقة الخاصة بجائحة وباء كورونا ، و تحويل المريض لغرفة العزل اللازمة وهذه حكاية أخرى سردت تفاصيلها المؤلمة .. خلاصة الرسالة بنية تحتية صفر إذا لم تكن تحت الصفر ، كشفتها رشة المطرة التي خلَّفت بحيرة الماء أمام بوابة المستشفى جراء عدم التصريف و تراكم أوساخ !!!
عبر أوتاد نتسال كما تسالت الأخت صاحبة الرسالة لماذا مَستشفى مدني هي نفسها مستشفى مدني لم تظفر بيد التطوير .؟ قالت : لم نجد سرير لتنويم خالها وكانت الفاجعة الحالة النفسية التي دخل فيها خالها، و لا يخفى أن الحالة النفسية للمريض هي سلاح ذو حدين إذا كانت إيجابية تتوقف على ما يمتلكه الفرد من ثقاقته الذاتية و كذلك يتحصل عليها من الطاقم المعالج له و من حواليه من أفراد مجتمعه وهنا تُمثل ثلاثة أرباع العلاج ومنتج و معزز قوي للمناعة الطبيعية المساعدة للشفاء بإذن الله و العكس تماماً عندما تكون الحالة النفسية سلبية، حيث التدهور السريع للوضع الصحي .. و كما وصفت صاحبة الرسالة وضع غرف العزل الغير صحية و المفتقدة للوضع البيئي الصحي المناسب يولِّد حالة نفسية سلبية .
السؤال الواجب طرحه كم هي عدد حالات العدوة التي تكون قد انتقلت و تسبب فيها خال مرسلة الرسالة بطريقة غير مقصودة ، و قصة المعاناة العجيبة وهو قد غادر المستشفى إلى بيته بركشة ثم تمت إعادته بركشة ثم مروره بمن هم الطريق وهم يبحثون عن شقق مفروشة يجدون فيها غرفة لعزل خالهمم رغم غلاء السعر الباهظ ، و مخالطته لاقربائه و عدم وجود سيارة إسعاف تنقله من الطوارئ إلى مكان غرف العزل في المستشفى التي ذهب إليها راجلاً ، وما هي الحالة النفسية التي تكون قد ألمت به عندما سمع أنَّ َ مصاباً بكورونا قد توفى وجارٍ تعقيم السرير و عدم وجود الأكياس لإدخال الجثة في الكيس وحاالة الإنتظار حتى يؤذن له ان يحل محله في نفس السرير و المكان .. ما هكذا تورد الإبل !!!!!
الرسالة قيِّمة و مهمة جداً أتمنى أن تكون قد وصلت لمن يهمه الأمر من أفراد الشعب السوداني وفي مقدمتهم وزير الصحة الإتحادي د/ أكرم على التوم .
* آخر الأوتاد :
ما حك جلدك مثل ظفرك فتولى انت جميع امرك .. حكمة تختزل سُلم الإنجاز وتشحذ الهمم نحو التعمير و البناء .. أبناء مدني لنطلقها دعوة إستجابة لرسالة الأخت الصوتية معاً لنفرة تأهيل مستشفى مدني تحت شعار : ( رُبَّ درهم سبق ألف درهم ) ولإصلاح ما تحتاجه من بنية تحتية و تهيئة غرف عزل يشعر الإنسان فيها أنه إنسان و القومة للسودان .
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : احمد الفكي
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019