البل في رمضان
أوتاد - أحمد الفكي
قد تكون المرة الأولى في تاريخ العالم الإسلامي أن يمر عليهم شهر رمضان الفضيل و هو يفتقد ظاهرة التقارب الاجتماعي حيث سيطرة فرض حالة التباعد الاجتماعي التي فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد المعروف بمسمى كوفيد 19 الذي يجب التعايش معه بتطبيق عوامل الوقاية المعروفة للجميع حتى يتم اكتشاف علاج ناجع و فعال لهذا الفيروس الذي هزَّ الجانب الصحي و إقتصاديات أكبر الدول .
الشعب السوداني شعب ذكي و لمَّاح و سريع البديهة وهو كثيراً ما تجود قريحته بتعابير و كلامات تجد موقعها في المجتمع و من التعابير التي يكثر ترديدها ( الحل في البل) وهي وليدة الثورة المجيدة التي اطاحت بحكم الإنقاذ الذي كان آخره فساد ازكم الأنوف ، الحل في البل مصطلح يفهمه كافة أهل السودان و بمناسبة البل هذه سياحة و سباحة بسيطة في كلمة البل و مرادفاتها و يطيب البدء بالبل في رمضان حيث يقف سيد المشروبات الآبري الأحمر في صينية رمضان مثل سيد البلد في الصدارة حيث البل هو محور القول و الإرتكاز في الآبري الأحمر الذي يتفوق على شقيقه الآبري الأبيض في الوجود و الصنعة ( العواسة) و الآبري إرتبط و التصق بالبل إلتصاق سيامي لدرجة أنه دخل في الأمثال العامية الشعبية المتداولة الخاصة في الصبر و شعب السودان قد تدثر بالصبر و لازال الصبر هو زينته المفضلة و لا شك أنَّ الفرج سيأتي بعد الصبر و الصبر جميل ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) 35 فُصِّلت
لذا نجد المثل حاضراً في قول : صبراً يبل الآبري .. بجانب بل الآبري الأحمر و الأبيض نجد بل التمر و ما أحلى( موية) التمر وكذلك بل الكركدي ، أما البل فقد حاز على أربعة أسباع كلمة البليلة ، و البليلة هي المرتكز الأساسي في أصناف فطور رمضان . و قبل الخروج من البل في رمضان ما أكثر بل الثياب لجعلها نديَّة و رطبة بالماء كي يُتغطى بها في منتصف نهار رمضان عندما تكون الكهرباء مقطوعة و خارج الخدمة لأسباب كثيرة.
في الأغنية السودانية كان للبل وجوده لتقف رائعة الشاعر محمد ود الرضى في المقدمة وهو القائل : من الاسكلا و حلَّا
قام من البلد ولَّى
دمعي للثياب بلَّ
و كذلك نجد أغنية الفنان النعام آدم : لا شوفتاً تبل الشوق لا رداً يطمن .
البل معروف لديك عزيزي القارئ وهو النداوة و الرطوبة من جراء الماء، يقولون بلت السماء الأرض اي أمطرتها و غمرتها بالماء ، ومن انواع المطر الوايل وهو المطر الغزير .
كذلك يأتي البل في المثل العربي المتداول زاد الطين بِلة بكسر الباء أي جاء يكحلها عماها . وفي فصيح اللغة بال بولاً يُقصد بذلك اخرج ما في مثانته من ماء . أما قول العرب بالت بينهم الثعالب أي تعادوا بعد الصداقة . و يقولون بله بالعصا أي ضربه ضرباً متتابعاً .
البلل الندى و البِلال ما يُبل به الحلق من ماءٍ و نحوه .
وفي تراثنا عند المشاط يوجد المخرز ( آلة كمسلة التنجيد و لجيل اليوم نقول لهم إبرة حجم عائلي اي كبيرة ) تقوم الماشطة بغرز المخرز في إناء فيه ماء يُسمى البلال و من ثم تفرز به الشعرات الواجب مشطها .
أما البال هو الشأن و الحال و ما أجمل ما كتبه الكابلي و تغنَّى به حيث قال :
زمان الناس هداوة بال
و إنت زمانك الترحال
أما مصطلح البل الذي يتداوله اللسان السوداني في هذه الأيام يُقصد به الحساب و المقاضاة و التضييق على من تحوم حوله شبهات الفساد المالي في العهد البائد.
* آخر الأوتاد :
لا يُقصد بالتباعد الاجتماعي وليد جائحة كورونا قطع صلة الرحم إطلاقاً و لا قطع العلاقات الأخوية بين المعارف و الأصدقاء بل يُقصد به عدم الإزدحام و التلاصق في الصفوف و محلات الأسواق و من هنا يجب أن يكون البل في رمضان أي النداوة لصلة الرحم و أهمية وصلها و عدم قطعها فجاء في الحديث : ( بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ) وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ شَبَّهَ الرَّحِمَ بِالْأَرْضِ الَّتِي إِذَا وَقَعَ عَلَيْهَا الْمَاءُ وسقاها حَتَّى سُقْيِهَا أَزْهَرَتْ وَرُؤِيَتْ فِيهَا النَّضَارَةُ فَأَثْمَرَتِ الْمَحَبَّةَ وَالصَّفَاءَ وَإِذَا تُرِكَتْ بِغَيْرِ سَقْيٍ يَبِسَتْ وَبَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا فَلَا تُثْمِرُ إِلَّا الْبَغْضَاءَ وَالْجَفَاءَ .
و رمضان كريم و تصوموا و تفطروا على خير ، و خليك في البيت
أوتاد - أحمد الفكي
قد تكون المرة الأولى في تاريخ العالم الإسلامي أن يمر عليهم شهر رمضان الفضيل و هو يفتقد ظاهرة التقارب الاجتماعي حيث سيطرة فرض حالة التباعد الاجتماعي التي فرضها تفشي فيروس كورونا المستجد المعروف بمسمى كوفيد 19 الذي يجب التعايش معه بتطبيق عوامل الوقاية المعروفة للجميع حتى يتم اكتشاف علاج ناجع و فعال لهذا الفيروس الذي هزَّ الجانب الصحي و إقتصاديات أكبر الدول .
الشعب السوداني شعب ذكي و لمَّاح و سريع البديهة وهو كثيراً ما تجود قريحته بتعابير و كلامات تجد موقعها في المجتمع و من التعابير التي يكثر ترديدها ( الحل في البل) وهي وليدة الثورة المجيدة التي اطاحت بحكم الإنقاذ الذي كان آخره فساد ازكم الأنوف ، الحل في البل مصطلح يفهمه كافة أهل السودان و بمناسبة البل هذه سياحة و سباحة بسيطة في كلمة البل و مرادفاتها و يطيب البدء بالبل في رمضان حيث يقف سيد المشروبات الآبري الأحمر في صينية رمضان مثل سيد البلد في الصدارة حيث البل هو محور القول و الإرتكاز في الآبري الأحمر الذي يتفوق على شقيقه الآبري الأبيض في الوجود و الصنعة ( العواسة) و الآبري إرتبط و التصق بالبل إلتصاق سيامي لدرجة أنه دخل في الأمثال العامية الشعبية المتداولة الخاصة في الصبر و شعب السودان قد تدثر بالصبر و لازال الصبر هو زينته المفضلة و لا شك أنَّ الفرج سيأتي بعد الصبر و الصبر جميل ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) 35 فُصِّلت
لذا نجد المثل حاضراً في قول : صبراً يبل الآبري .. بجانب بل الآبري الأحمر و الأبيض نجد بل التمر و ما أحلى( موية) التمر وكذلك بل الكركدي ، أما البل فقد حاز على أربعة أسباع كلمة البليلة ، و البليلة هي المرتكز الأساسي في أصناف فطور رمضان . و قبل الخروج من البل في رمضان ما أكثر بل الثياب لجعلها نديَّة و رطبة بالماء كي يُتغطى بها في منتصف نهار رمضان عندما تكون الكهرباء مقطوعة و خارج الخدمة لأسباب كثيرة.
في الأغنية السودانية كان للبل وجوده لتقف رائعة الشاعر محمد ود الرضى في المقدمة وهو القائل : من الاسكلا و حلَّا
قام من البلد ولَّى
دمعي للثياب بلَّ
و كذلك نجد أغنية الفنان النعام آدم : لا شوفتاً تبل الشوق لا رداً يطمن .
البل معروف لديك عزيزي القارئ وهو النداوة و الرطوبة من جراء الماء، يقولون بلت السماء الأرض اي أمطرتها و غمرتها بالماء ، ومن انواع المطر الوايل وهو المطر الغزير .
كذلك يأتي البل في المثل العربي المتداول زاد الطين بِلة بكسر الباء أي جاء يكحلها عماها . وفي فصيح اللغة بال بولاً يُقصد بذلك اخرج ما في مثانته من ماء . أما قول العرب بالت بينهم الثعالب أي تعادوا بعد الصداقة . و يقولون بله بالعصا أي ضربه ضرباً متتابعاً .
البلل الندى و البِلال ما يُبل به الحلق من ماءٍ و نحوه .
وفي تراثنا عند المشاط يوجد المخرز ( آلة كمسلة التنجيد و لجيل اليوم نقول لهم إبرة حجم عائلي اي كبيرة ) تقوم الماشطة بغرز المخرز في إناء فيه ماء يُسمى البلال و من ثم تفرز به الشعرات الواجب مشطها .
أما البال هو الشأن و الحال و ما أجمل ما كتبه الكابلي و تغنَّى به حيث قال :
زمان الناس هداوة بال
و إنت زمانك الترحال
أما مصطلح البل الذي يتداوله اللسان السوداني في هذه الأيام يُقصد به الحساب و المقاضاة و التضييق على من تحوم حوله شبهات الفساد المالي في العهد البائد.
* آخر الأوتاد :
لا يُقصد بالتباعد الاجتماعي وليد جائحة كورونا قطع صلة الرحم إطلاقاً و لا قطع العلاقات الأخوية بين المعارف و الأصدقاء بل يُقصد به عدم الإزدحام و التلاصق في الصفوف و محلات الأسواق و من هنا يجب أن يكون البل في رمضان أي النداوة لصلة الرحم و أهمية وصلها و عدم قطعها فجاء في الحديث : ( بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ) وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ شَبَّهَ الرَّحِمَ بِالْأَرْضِ الَّتِي إِذَا وَقَعَ عَلَيْهَا الْمَاءُ وسقاها حَتَّى سُقْيِهَا أَزْهَرَتْ وَرُؤِيَتْ فِيهَا النَّضَارَةُ فَأَثْمَرَتِ الْمَحَبَّةَ وَالصَّفَاءَ وَإِذَا تُرِكَتْ بِغَيْرِ سَقْيٍ يَبِسَتْ وَبَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا فَلَا تُثْمِرُ إِلَّا الْبَغْضَاءَ وَالْجَفَاءَ .
و رمضان كريم و تصوموا و تفطروا على خير ، و خليك في البيت
