• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024
احمد الفكي

حاجز بالطوبة

احمد الفكي

 0  0  1821
احمد الفكي
حاجز بالطوبة


أوتاد - أحمد الفكي
أعجبني تعليق الأستاذ فيصل لقمان في قروب الصلات الطيبة عندما اعتذر عن مواصلة المشاركة لبعض الأعمال الخاصة و كتب بالعامية ( دي طوبتي أمشي و أجيكم ما في زول يشيلها ) رد عليه أحد الأعضاء ( طوبتك موجودة ما في زول زاحيها ) ... تعابير بسيطة فيها من دعاش الوطن الأريحية و الجمال التي تسعد الروح المُعَنَّى.، كما أنه لي مدة طويلة من الزمن لم يُشنِّف أذني سماع مثل تلك الكلمات الدارجة الأمر الذي رسم على وجهي الإبتسامة العريضة و قررت أن أكتب القليل عن الطوب و الطوبة و ما جاء فيها من الأمثال و الحِكم و بمناسبة الحِكم ليس هناك أطيب من كلام سيد المرسلين الحبيب المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه أن أبدأ به سطوري هذه .
فقد جاء في الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ, فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ, وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ. وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ".
معنى اللبنة تعني الطوبة او الطابوق و اللبنة في سوداننا تعني الطوب الأخضر أو الطوب النيئ أي الطوب الذي لم يتعرَّض لدخول النار و هي المعروفة بنار الكمائن ، و الكمائن هي الاسم الشعبي المتداول الذي يُطلق على كمية الطوب الاخضر المتراص على شكل غرف التي تكون على ضفاف النيل و توقد عليها النار حتى يتم حرق الطوب ليكون احمراً و نار الكمائن مشتعلة و موقدة دائماً حتى ينضج الطوب و من ثم توقد في مكان آخر لإنتاج عدد من الطوب وهكذا تكون الكمائن تُطفى في مكان و تشتعل في مكان آخر و إذا جاز التعبير كنار المجوس في الإشتعال قبل أن يطفئها نور الإسلام .
من الأمثال الشعبية المصرية من خلال ما انتشر منها عبر المسلسلات المثل الذي يرددونه ( ربنا يبشبش الطوبة التي تحت راسه)
و يقال هذا المثل عندما يتذكرون المتوفى و يقال اسمه
و أصل ذلك المثل كما يقال انه مرتبط في طقوس الدفن للمتوفى حيث كان قدماء المصريين حسب معتقداتهم و الشرك الذي كانوا فيه
يضعون تحت رأس الميت وساده دائرية من ورق البردي أو من القماش أو
نادرا من الخشب مرسوم
عليها الثور المقدس للاله أمون رع ، و بعض الآله
المقدسة والتي تتولي حساب المتوفي في العالم الآخر . كما بها بعض الكتابات
السحرية التي تحمي الميت من اللصوص و تمكن روح
المتوفى من الوصول الي الجسد..
وكان المصريون يدعون الاله الأعظم ان يحفظ الوسادة
ويجعلها مبللة حتى لا تتلف
مع مرور الوقت و إنعدام التهوية و حسب فكرهم
فانها لو تلفت لن تتعرف عليها الروح و لن تعود إليها أبدا فكان أهل المتوفى دائماً
دائما يدعون ان تكون وسادة المتوفى مبللة . و منها جرى على لسان الأشقاء في دولة مصر ( ربنا يبشبش الطوبة اللي تحت راسه .)
ثم كان المثل الآخر وقعت الطوبة في المعطوبة وهو يطابق المثل (في البير ووقع فيها الفيل) أي شخص في مصيبة أتت عليه مصيبة أكبر منها و في الفصحى إنَّ المصائب لا تأتِ فُرادى .
أما حكاية المثل الدارج ( البيتو من قزاز ما يجدع الناس بالطوب و في رواية بالحجارة ) و إليكم حكاية ظهور المثل الذي عمَّ أنحاء المعمورة كل حسب لسانه حكي ان في عصر ما قديم كان هناك ملك يريد ان يبني بيتاً من الزجاج فوق تل كبير وعندما ابتدأ البناء وجد أعداد مهوله من الطوب و الحجارة فأمر العمال ان يرموا الطوب و الحجارة من فوق التل وكانت هناك قرية صغيره تحت التل واشتكوا كثيراً من ذلك العمل ولكن بلا جدوى وتم بناء بيت الملك من القزاز - الزجاج ولكن في يومٍ من الأيام في موسم هجرة الطيور كانت بعض الطيور تلتقط الطوب والحجاره الصغيره ( الدُّراب بالعامية السودانية) لتبني عش فبعض من الطيور كان يسقط الحجاره والطوب علي بيت الملك وانتهي الامر بأنَّ البيت تصدع و دُمِّر تماما ومن هنا جاء مثل اللى بيته من قزاز ما يرمي الناس بالطوب .
منذ بيوت الطين التي تمتاز بمناخ طبيعي يتوافق مع مزاج الإنسان حيث انه في الصيف بارد و في الشتاء دافيء و مع مرور الزمن تطورت صناعة الطوب من الطوب الاخضر للأحمر مروراً بطوب الأسمنت و من التراث الفلكلوري إحتفاظ الطوب الاخضر بهيبته وقوته حيث نرى المعالم السياحية كالإهرامات و القلاع الحربية التي كانت تُبنى في العهد التليد واقفة بكل صلابة كأنها مشيدة في العصر الحديث وفي سوداننا كمعالم أثرية بوابة عبد القيوم و الطابية المقابلة النيل .
و من باب الذكرى وذكر لوري الطوب كان في مارنجان السودان تسعة لغات و العاشرة الإبتسامة ثلاثة من أشهر لواري الطوب و التراب وهم لوري عبد القادر محمد حمد المشهور بقدورة و لوري فضل الله مرحوم و لوري محجوب عكش و ثلاثتهم كانوا يُمثلون سوق المنافسة الكاملة بكل حذافيرها و في ذلك حياة إقتصادية في كامل عافيتها .
*آخر الأوتاد :
اليوم الحادي عشر من أبريل 2020 يوافق مرور السنة الأولى للثورة و هو يمثل للسودان تاريخ وذكرى مجيدة قادها شباب الوطن من الجنسين ادت لسقوط نظام دام لثلاث عقود من الزمان .. و ليبدأ العمل الجِدي بوضع اليد فوق اليد وحمل لبِنات وطوب البناء لنرى السودان شامخاً بما وهبه الله من نِعم كثيرة .
و بروح الثورة نردد :
كرري تُحدث عن رجالٍ كالأسود الضارية
خاضوا اللهيب و شتتوا
كُتل الغزاة الباغية .
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : احمد الفكي
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019