• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024
كبوش

البرهان وحمدوك في قبضة الشرطة

كبوش

 0  0  2132
كبوش
افياء
ايمن كبوش
البرهان وحمدوك في قبضة الشرطة








# الذي أعيد كتابته اليوم، كتبته بتاريخ الثاني من يونيو من العام المنصرم 2019، أي قبل يوم واحد من تاريخ حادثة فض الاعتصام المؤلمة، وطواه النسيان بعد انقطاع الإنترنت، مع أن هذا المكتوب كان بمثابة “عقد العمل” الذي وقعته مع الأخ الدكتور الصديق مزمل أبو القاسم الذي دعاني للكتابة في صحيفة “اليوم التالي” .. وقد كان: “في نهارية موحشة من نهارات عصر الفوضى.. الأربعاء الماضي.. شقت العربة طريقها من جنوب شرق الخرطوم.. إلى وسطها، انشغلنا ساعتها بالهواتف النقالة.. إلى أن توسطت العربة عمق “شارع النيل”.. وتحديداً في المنطقة التي تقع تحت جسر الحديد.. تسير العربات ببطء مخيف.. الزحام ليس هو الزحام المعتاد.. والمكان لا يعبر عن نهارات رمضانية حيث تسير الحياة باعتيادية تمد لسانها للصيام.. وعظمة الشهر الكريم.. بائعات الشاي والقهوة تمددن على جوانب الشارع.. وراكبات العربة من منسوبات صحفنا السياسية اليومية يتحدثن عن غرابة الناس.. والمكان.. وحركة البيع التي تجري “على عينك يا تاجر”.. المواتر تئن بحامليها.. والركشات تنبئ بأن هناك “شغلاً يتم”.. بيع شراء مفاوضات وغيرها.. فقفزت عندي لحظتها عبارة “هنا ينتهي القانون”.. فبدا “شارع النيل” الذي كان “مزارا” للعشاق.. مثل مأخور كبير يشبه “رأس الشيطان وكرتون مستر جون”.. هي أسماء لمن لم يسمعوا بها لمناطق خرطومية طرفية عشوائية يختفي فيها العقل وينتحب القانون.

# توقفت العربة “حافلة” بغير إرادة قائدها وهنا ظهر أمامنا أكثر من رجل مرور “عشوائي” بجسد عار.. وشعر منكوش.. عيون مجنونة.. ولغة شوارعية.. أهاجت فيهم لوحة العربة “شرطة” كل جحيم العالم.. وبدأ المنفلتون في التكسير من كل الجوانب.. طوب المتاريس والحديد وقبضات الغضب.. تهشم زجاج المركبة على رؤوس الصحفيات.. ولولا تصرف السائق باستخدام السرعة لاصبحنا جميعاً في عداد المفقودين.

# “كولمبيا” التي قطعنا تأشيرة عبورها مخاضة.. ودفعنا فاتورة مرورها كفاحاً من قدرتنا على الاحتمال.. لم تكن صنيعة هذه الأيام.. ولا وليدة الثورة إلا أنها وجدت حاضنة.. ورعاية وطناش من الحاكمين والثوار معاً.. هي دولة قديمة ولها أكثر من سفارة وقنصلية في أطراف العاصمة.. بمخدراتها وعهرها وخرافته.. ولكنها لم تكن تتمدد بيننا على هذا النحو بمراسيم علنية.. لولا شيوع الفوضى التي بات لها أكثر من صانع.. ولها أكثر من مسوغ.

# لعلها صنيعة التهميش الذي صنعه نظام البشير بالقهر والظلم وإجهاض الحقوق، ففي كولمبيا الكثير من القصص التي تحكي عن النزوح والهجرة وقبل ذلك الإمعان في أكل الحقوق.. هناك أكثر من عسكري أطلقته وحدته “عكس الهوا”.. وهناك أكثر من امرأة اغتالت حقها في العمل الشريف كشات البلدية وبطش متحصلي المحليات.. فغاب عنها زوجها برسم الهروب ولم يترك لها غير زغب الحواصل والظلام واللئام، غابت دولة الكفاية والعدل.. وأصبحت الثروات كلها في جيوب أقلية شرهة للمال الحرام.. فضنت على الأغلبية بالتنمية المستدامة واللقمة الحلال.

# أعود وأقول بأن الحلول أكبر بكثير من تحريك آليات الحرب.. والتعامل بمبدأ الصياد والطريدة.. لأن من يهرب من “شارع النيل” الليلة سيمضي إلى مخادع الآمنين في الأحياء.. ليحدث رعباً لن تحتمله البيوت الطينية ولا الشوارع الطرفية والأقدام النحيلة، لذلك من باب أولى أن تتحمل الدولة الغائبة المسؤولية لتبحث عن حلول غير تقليدية تفرض بها هيبة القانون وهذا لن يكون إلا برجال القانون.. وحسبي وحسبكم بأن الشرطة السودانية التي ترتكز على قرن من التجربة والدربة والدراية.. هي الأقدر على إعادة الأمن إلى نصابه المأمول.. الحلول لن تكمن في الدبابات والرصاص الحي المنهمر في كل ناحية وكل ناصية.. لأن متفلتي كولمبيا ليسوا محكومين بالإعدام حتى نطاردهم بالذخيرة الحية.. اعيدوا ترتيب الأمور واقبضوا على الخارجين بالضوابط القانونية.. بدلا من تحويل الخرطوم إلى إدلب أو أجدابيا.. يقعقع فيها السلاح الناري الذي لا يستثني من خطورته أحداً.. ليس من الحكمة أن نكافح الذباب بالدبابات.. فهل أنتم معي.. ؟!

# انتهى ما كتبته في تلك الأيام.. واعيد تلك السطور والسيد رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان يقوم بزيارة مهمة جداً صباح اليوم الأربعاء لمنظومة الشرطة السودانية، حيث اختير للقاء المهم ساحة قيادة قوات الاحتياطي المركزي.. وفي ذلك رسالة واضحة بأن الشرطة ستعود إلى واجهة ما يحدث في دارفور من تفلتات عبر فصيلها المتقدم “الاحتياطي المركزي” وهو الاقدر على اعادة الأمور إلى نصابها.

# اليوم سيكون البرهان في حضرة الشرطة وقبضتها والأسبوع القادم سيأتي السيد رئيس الوزراء حمدوك على ذات وتيرة الهم الوطني ليسمع بأذن مفتوحة ونظيفة ما تعانيه الشرطة وما ينبغي أن يكون عليه حالها ودورها الأمني والمجتمعي، والزيارتان واجب تمليه الضرورة والتحديات الماثلة.
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : كبوش
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019