• ×
الجمعة 19 أبريل 2024 | 04-18-2024
احمد الفكي

عودة الضمائر

احمد الفكي

 0  0  930
احمد الفكي
دون شك ما وصل إليه حال البلاد من تدهور أخلاقي و اقتصادي سببه انحصر فيمن كانوا هم على سُدة الحكم حيث غابت الضمائر فظهر الفساد في الجو ( خط هيثرو) و البر ( سياسة التمكين) والبحر ( كونتينرات المخدرات ) فذاع و انتشر و عمَّ القُرى و الحضر .
في إحدى قصائد شكسبير الغنائية يقول : للزنابق الفاسدة رائحة أشد نتانةً من الأعشاب الضارة Lilies that fester smell far worse than weeds
الإسلام برئ من كل عملٍ مشين و ما ظهر من فساد تُزكم منه النفوس كان من أناس جعلوا الدين مطية و دثاراً خدعوا أنفسهم و خدعوا الناس فظلموا أنفسهم بما كسبت ايديهم من فسادٍ مطلق فكان أسوأ الفساد فساد الأفضل بزعم أنهم يطبقون تعاليم نظام حكم إسلامي .. وهبت رياح التغيير و انبثقت الثورة التي نجحت في اقتلاع نظام حكم البشير و زمرته و هتف الجميع لا لوجدهم و مشاركة حزبهم على خشبة مسرح الحياة السياسية لِما عانوه من تجربتهم . و برغم ذلك السوء الذي خلَّفوه تجدهم يتعلقون بأستار نظامهم البائد و يخلقون بلبلة إجتماعية جراء سياسة دموية حمقاء بزرع مليشيات الظل الخارجة عن قانون قوات الشعب المسلحة في رسالة توحي بالتشبث السلطوي و إرادة الشعب تلفظهم جراء ما ارتكبوه خلال العقود الثلاث من عمر الزمان و لم تثمر شجرتهم ظلاً إقتصادياً وريفاً يستظل تحته الإنسان السوداني الأبي . لذا كان قرار الشعب حل و تغييب المؤتمر الوطني عن الساحة السياسية . والسؤال يطرح نفسه لِمَا يعود ذلك الحزب و تعرف الشجرة من ثمرتها و يقابل هذه العبارة مثلنا الشعبي السائر و المتداول الجواب من عنوانه . وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي :
باطن الأمة من ظاهرها
إنَّما السائل من لون الإناء
هبث ثورة الشعب و انتصرت لتعود للسودان أمانة الحاكم الذي يخاف الله في شعبه ليرتقي المجتمع نحو آفاق بناء الدولة التي تُزينها الأخلاق الهادفة للتنمية و التعمير بكل ما في الكلمة من معنى و بصلاح القائد تصلح الرعية و لنا في كتب التاريخ الإسلامي نماذج مضيئة نجد فيها المُثل و المَثل المعتبر و هنا أنقلك عزيزي القارئ إلى نموذج مشرق حيث المدائن ( إيران اليوم ) و الساحة تعج بالتهليل و التكبير و قائد الجند سيدنا سعد بن أبي وقاص حاملاً سواري كسرى منادياً في جيشه : من يحمل سواري كسرى ليوصلهما إلى خليفة المسلمين سيدنا عمر بن الخطاب في المدينة المنورة .. المسافة بعيدة بين المدائن و المدينة و طرد البريد المرسل غالي المحتوى و الثمن و شخص واحد فقط من يوصله .. فإذا بإعرابي من عامة الجند يقول لسيدنا سعد أن من أحمل سواري كسرى و قد كان ، و عندما وصل المدينة المنورة و المسافة بعيدة وجد خليفة المسلمين سيدنا عمر بن الخطاب و بجواره سيدنا علي بن أبي طالب ، فقام الإعرابي بتسليم الأمانة كما هي ( سواري كسرى) من حيث المفارقة التاريخة بلغة العصر يعادل ثمنه الإحتياطي النقدي الموجود في نيويورك .. مبتدراً القول ذلك الإعرابي هذا من قائد الجيش سعد بن أبي وقاص يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له سيدنا عمر : أولم يرسل معه سعد شيئاً آخر ؟ في إختبارٍ لذلك الإعرابي المجهول ، فشعر الإعرابي بجرحٍ وحرج فقال يا أمير المؤمنين لو كنت خائناً لما أوصلت هذا السواري لك و الطريق بعيد و ليس معي رقيب سوى الله . فقال عمر لعلي ماذا تقول في ذلك؟ فقال علي مخاطباً عمر : عففت فعفت الرعية ولو رتعت لرتعت .
ما أجمل هذا النموذج الذي افتقده السودان في الحاكم الذي خرج عليه شعبه، و البشرى قادمة بعودة الضمائر.
على المجلس العسكري و قوى الحرية و التغيير أن يصطحبوا في جلسات مفاوضاتهم ما دار في صلح الحديبية من تنازلات . لينعم السودان بحكم رشيد و ليكن مجلس السيادة مناصفة يكسوه التوافق التام نحو هدف واحد ووصولاً لمرحلة الإنتخابات المتفق عليها . لمصلحة من الخلاف في تكوين مجلس السيادة ؟ أليس لخدمة الوطن؟ و هل هناك أطماع مبيته يريد كل جناح أن تكون كفته هي الراجحة في ذلك المجلس؟ و لماذا قامت الثورة أليس من أجل التطوير و الإصلاح و عودة الضمائر الحيَّة لرفعة البلاد و إعادة سيرة السودان الأولى عقب نيل إستقلاله فكان السودان هو من يُشار إليه بالبنان دون الباع .
* آخر الأوتاد :
لقد طال الإنتظار لتشكيل حكومة إنتقالية و الوقت كالسيف إن لم تقطعة قطعك ، هكذا تعلمنا هذه الحكمة في بواكير العمر، الكل في انتظار مولود حكومة مدنية لبناء سودان اليوم الذي يعتنق أهله الدين الإسلامي بالفطرة .
الوقت للعمل .. الوقت للتعمير لا للتسويف الذي هو لص الزمان و لتكن النية البيضاء سيدة الموقف حاضرة . هتف الجميع جيش واحد شعب واحد . نعم لعودة الضمائر .
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : احمد الفكي
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019