hassanomr@yahoo.com

عرفته أول مرة كما يعرف القاريء الكاتب، طالعتني أحرفه في صحيفة (نبض الكاريكاتير)، ثم التقيته بالصحيفة ذاتها وأنا ازور الأخ الصديق سفيان الهادي الذي أخبره أن لي محاولات في الكتابة، حينها طلب مني مساهمة لصفحته التي كان يعدها فكتبت له، تجاذبنا أطراف الحديث ثم افترقنا، بعد ذلك التقيته عبر منتديات الهلال قبل أن يستجيب مجدداً لنداء القلم ويعود للكتابة، تجددت العلاقة بيننا وتقاطعت اختلفنا في الرؤى واتفقنا في حب الهلال لكنّ الحقيقة التي لا مراء فيها أنّه كان أكثر حباً للهلال من كثيرين، وترجم هذا الحب عطاءاً وبذلاً في محراب الأزرق، هكذا كان علي همشري الذي غيّبه الموت فجر اليوم ليشق نعيه على كل من عرفه شخصياً وورقياً وإسفيرياً.
درس علي همشري الهندسة فانعكس ذلك على علاقته بالناس، بنى وبينهم جسوراً من التواصل واقام جدارناً من الاحترام لم تتسورها عصبية هلال مريخ ولم تقفز فوقها انتماءات الرياضة الضيقة، لذلك بكاه المريخاب قبل الهلالاب وستفتقده الكرة السودانية التي عاش مهموماً بها، محبّاً لها، وكان له في حب الهلال مدرسته الخاصة التي قرنت الحب بعطاء شهدته المنابر كافة فكان صحفياً منافحاً عن الأزرق وإدارياً سعى بكل جهده من أجل الدخول إلى مجلس إدارة الهلال عبر بوابة الانتخابات فقدّم نفسه لخدمة الكيان من داخله، وهكذا كان همشري الرياضي المطبوع والهلالي الغيور.
كان الرحل شاعراً مجيداً ممسكاً بناصية القول، (كان بيعرف للقوافي يجيدا كم كان ليها نضّام)، وكان حريصاً على أن تصل أشعاره إلى الناس بسيطة في كلماتها عميقة في معانيها غنيّة في مضامينها، فمن منا لم تهزّه كلماته، بعادك نار فراقك نارو حرّاقة.. هواجس الشوق بتلعب بي أقول باكر تجي الخرطوم ونتلاقى، وكان لنا الأمل أن نلتقيه ونسامره لكنّ إرادة الله غلبت وكلمته سبقت، كان همشري كوكباً قصير العمر، أضاء حياتنا بحضوره البهي ونشاطه وأسرنا بأدبه الجم وروحه المرحة وقلبه الطيب، كان متعجّلاً لفعل أشياء كثيرة في الرياضة والشعر والأدب ودنيا المال والأعمال ولم ندرك سر هذا التعجّل إلاّ بعد أن رحل وكذاك عمر كواكب الأسحار.
رحل (علي) بعد حياة قصيرة بعمر السنوات والأيام لكنّها طويلة وممتدة بحساب العطاء الثر والبذل الخالص في كل المجالات التي عرفته وعرفها، ولا نملك الآن غير أن نرفع أكف الضراعة للمولى عزّ وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يعفو عنه ويرحمه ويجعل الجنّة متقلبه ومثواه، وأن يجزيه خير الجزاء عن أهله ومحبيه وعارفي فضله، وأن يجعل البركة في وذريته وأن يفرغ عليهم صبراً ويثبتهم ويعظّم أجرهم وأن يجيرهم في مصيبتهم، إنّ العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنّا لفراقك يا (علي) لمحزونون ولانقول إلاّ مايرضي الله، (إنا لله وإنا إليه راجعون).
