• ×
الخميس 28 مارس 2024 | 03-27-2024
احمد المصطفى

عبقرية الساموراي

احمد المصطفى

 0  0  2115
احمد المصطفى

maash.obba@yahoo.com

يعرف القاصي والداني أن السمك هو الوجبة الرئيسية والأساسية للشعب الياباني المتفرد في طباعه وعاداته وقوة إرادته التي ميزته عن غيره من شعوب العالم ، وجعلت من إنسانه قاهر للصعاب ، لا يعرف اليأس ، ولا يركن للصعوبات ، ولا يوجد في قاموسه شيء إسمه مستحيل أو السقوط والفشل ورفع المنديل.

ولأسباب ربما لها علاقة بالمتغيرات الطبيعية إبتعدت الأسماك منذ عقود طويله من الإقتراب من شواطئ المدن اليابانية وهو الأمر الذي دفع الصيادين لإيجاد حلول لهذة المشكلة فصاروا يمخرون عباب البحر بسفنهم بعيدا عن السواحللجلب الطعام

مع مرور الوقت كبرت قوارب الصيد وأصبحت تبتعد أكثر عن الشاطئ وهو ما أدى إلى تأخير وصول الأسماك طازجة إلى المستهلك فتم تجهبزالسفن بثلاجات لحفظ الأسماك ، هذة الوضعية فرضت زيادة في عدد السفن وأتسعت المسافة ما بين الشواطئ ومناطق الصيد المستهدفة ، وبالتالي طالت فترة بقاء السفن في عرض البحر والمحيط وهو السبب الذي حول قيمة الأسماك الغذائية الطازجة إلى متجمدة بحسب نظر وذوق المستهلك الرافض للطعام المبرد.

ونتاج لذلك إنخفضت أسعار الأسماك بسبب وصولها إلى المستهلك مبردة ومتجمدة وهو ما دعى الصيادين اليابانيين على العمل بعقلانية وجدية وسرعة تحافظ على الجودة الشاملة والمتناغمة مع متطلبات المستهلك لتجاوز تلك العقبة فتوصلوا إلى صنع أحواض مائية بديلة لثلاجات الحفظ التي ألغوها تماما حتى يضمنوا وصول الأسماك طازجة وحية إلى أبناء جلدتهم ..
لم تنجح الفكرة الجديدة بالقدر المطلوب والمنشود لأن وجود عدد كبير من الأسماك في الحوض المائي بكميات فيها زحام مشابه لوجود السامورائيين في العاصمة طوكيو وبدون حراك أصابها بالكسل والخمول ونتج عن ذلك الشيء تغيير واضح في طعم ومذاق الأسماك المحجوزة والمخنوقه في أحواض السفن المائية مقارنة بالأسماك الطازجة التي يصطاد القليل منها بالقرب من السواحل .

ولأنهم شعب مبدع ومن طينة التحديات خرج من بنات أفكار هؤلاء الصيادين الساموريين فكرة وضع فراخ أسماك قرش في كل الأحواض المائية الموجودة بسفنهم ليضمنوا حراك ونشاط الأسماك حتى ولو أكلت فراخ القرش عدد قليل من كثيرها السابح في الأحواض وبالفعل نجحوا بتلك الفكرة البسيطة في الوصول بعدد مقدر من الصيد الطازج وبذات القيمة الغذائية والمذاق المماثل للأسماك الطازجة إلى البني آدم الياباني.

ما يستفاد من سرد كل تلك تفاصيل حكاية معاناة وعبقرية صيادين الأسماك اليابانيين هوأننا بحاجة حقيقية لمحاكاة محارب الساموري القوي ، والأمين ، والمبدع ، والمسؤول ، والخلاق المبتكر، والشجاع المحب لوطنه وأهله ، الساعي دوما لإسعادهم من خلال تقديمه لأفضل الخدمات بعيدا عن الفساد والرشاوي والجهوية والحزبية والعشوائية ، وبإرادة وعقلانية إجتاز بها التحدياتبمهنية أدهشت العالم بل وما زال يبهر بها من يعيش على اليابسة والمروية عبر الإبتكارات المتجددة بمنهجية علمية ومصداقية يضع فيها دائما مصلحة الوطن وإنسانه في أوليات أولياته ، والإنسان أين ما كان.

نعم علينا كسودانيين ومسلمين وعرب خلع جلباب اليأس والإتكالية لمواجهة التحديات التي تبقينا في حالة نشاط دائم ومستمر لنكون قادرين على قهر الصعاب وصرع المستحيل ، ولا بأس أن نضع فرخ قرش في الحوض الذي نسبح فيه حتى نكون نشطين ،ولنا طعم حلو ، ولون جميل ، ورائحة طيبة .

أقول ذلك برغم غياب الضمير، والفوضى ، والهرجلة الضاربة بأطنابها في كل مكان لأننا ما زلنا متفائلون بأن الفرج قادم لا محال حتى ولو طال ليل من يعيثون في الأرض فسادا.

نعم هناك ضوء في آخر النفق منحنا القوة والثقة والتفاؤل بأن القادم سيكون أجمل من ما مضى ، وبأن الساموراي السوداني قادر على إحداث التغيير الإيجابي.

لا أقول ما قلت من أجل تصدير التفاؤل الخيالي وإنما لشعوري بأن المرحلة المقبلة سيكون لها ما بعدها في مسيرة الوطن الغالي علينا.

كل ما يتوجب على الغيورين هو أن يسعوا جادين لإحضار الأسماك الطازجة من خلال إيجاد الحلول المنطقية والعقلانية التي تحافظ على الوطن وإنسانه وتلبي أحتياجاته.

شرح صورة :
العبقرية إبنة المعاناة .. والنجاح لا يأتي بالصدفة .. ولن تموت يا سودان.

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : احمد المصطفى
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019