• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024
صحيفة كفر و وتر

أدب الاستقالة

صحيفة كفر و وتر

 0  0  1571
صحيفة كفر و وتر
الجميع يعرف معنى الاستقالة وهي تعني تخل المرء عن المهمة التي كان يشغلها و إتاحة الفرصة لمن يقوم مقامه لمواصلة سير العمل ، و في ذلك تتردد نغمة دوام الحال من المحال .. كما تقفز أمام الأعين العبارة الشهيرة ( لو دامت لغيرك ما وصلت إليك) .
على كلٍ للاستقالة أسبابها و مسبباتها و أنواعها منها الإجبارية و الأختيارية من تلقاء الذات .
و يبقى للاستقالة أدبها الخاص الذي يُعرف بأدب الاستقالة Resignation Decency و يحفل به تاريخنا الإسلامي و هو خير معلم لنا ، كما أدبها مؤصل في التاريخ السياسي و الاجتماعي و الرياضي .
قبل الخوض في دور العاطفة الشعبية و مقارنتها في حال تقديم الفرد لاستقالته في الدول الأوروبية الكبرى ودول الشعوب العربية ، هناك نماذج في تاريخنا الإسلامي قُدمت فيها الاستقالة نتيجة النجاح و لنا في تقديم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لاستقالته من القضاء حيث ولًّاه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه القضاء ، و بعد عام تقريباً قدًّم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه استقالته من القضاء، فتعجب سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه فنادى الفاروق لمناقشة الوضع و الأمر فقال له : يا أبا عبدالله لماذا تركت القضاء؟
فرد الفاروق عمر : يا خليفة رسول الله إذا كان الناس يعرفون حقوقهم و يخشون الله سبحانه وتعالى فلماذا أقضي بينهم . لي عام كامل لم تأتيني خصومة واحدة فلا داعي لتولي القضاء . لما عرف سيدنا أبو بكر السبب حمد الله و أثنى عليه .
و هناك نموذج آخر و هو أيضاً مع الخليفة الراشد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه و الصحابي الجليل الزاهد سعيد بن عمير ، حيث أمَّره على ولاية حمص التي عُرف أهلها بكثرة الشكوى . و يبقى ابن عمير بين أهلها و لا يُرسل للفاروق مال الصدقة، ليطلب منه العودة للمدينة للمساءلة و المحاسبة . فيسأله عن مال الصدقة فيجيب : أخذتها من أغنيائهم و أعطيتها لفقرائهم و لو بقي منها شيء لأعطيناك . فيأمره الفاروق بالعودة إلى ولايته فيمتنع ابن عمير الزاهد .
وفي أدب الاستقالة في التاريخ السياسي في أوروبا نجد عام 1966 استقال وزير الدفاع البريطاني بروفيمو ليس لأنه خسر معركة عسكرية ، بل لأنه كان على علاقة بسكرتيرته التي يُشتبه أنها كانت على علاقة بالمخابرات الروسية و أنه رُبَّما عرض بتلك العلاقة أسرار الدولة و الجيش للخطر .
ثم نجد الوعي الشعبي الأوروبي وعدم العاطفة عندما قرر الجنرال الفرنسي ديغول عمل إصلاحات اقتصادية واجتماعية فيما يتعلق باللامركزية و راهن على ذلك في حالة عدم فوزه في الاستفتاء الذي قرر قيامه سوف يُقدم استقالته ، رغم حب الشعب الفرنسي له وهو يُعتبر منقذ فرنسا و بأني فرنسا الحديثة مؤسس الجمهورية الخامسة فيها ، فكان عدم فوزه و قدَّم استقالته و قبلها الشعب ولم يجد التعاطف من قبل شعبه و كان ذلك في عام 1969 ، وعكس ذلك استقالة الزعيم جمال عبد الناصر الذي قدمها في العاشر من يونيو 1967 بعد هزيمته من العدو الصهيوني الإسرائيلي في الخامس من حزيران 1967 ، حيث وجد التعاطف من قبل شعبه فرفض استقالته، وهكذا حال الشعوب العربية .
آخر الأوتاد :
من الطرائف يُحكى أنَّ جالية سودانية في إحدى دول المهجر انتخب رئيسها عبر جمعتها العمومية و مرجعيتها مجلس شورتها ، و في ذات يوم طالع مقال عبر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي في قرارة نفسه شعر أنَّ ذلك المقال قد مسَّ شعوره ، فإذا به يفقد بوصلة القيادة بسبب ضيق صدره فيقدم استقالته عبر قروبات جاليته ثم يغادر قروباتها، بدلاً عن القنوات الرسمية المتمثلة في مجلس شورى جاليته و لجنتها التنفيذية ، ورغم ذلك وجد حالة التعاطف و استمر رئيساً لجاليته دون مسألة و كأنَّ شيئآ لم يكن .
امسح للحصول على الرابط
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019