• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024
صحيفة كفر و وتر

وعادت الغربة مرة ثانية

صحيفة كفر و وتر

 0  0  4369
صحيفة كفر و وتر



نحن من ذلك الجيل الذي اقتحم الغربة منتصف ثمانينيات القرن الماضي حين كان الامر جد وكانت الرحلة سفرا قاسيا وغربة صعبة لا اتصال فيها ولا تواصل ولا قنوات فضائية ولا تجد الانس الا في رؤية وجه سوداني من أي منطقة كان ولا تسمع خبر اهلك وأصدقائك إلا عبر الرسائل وساعي البريد التي تأتيك بعد صبر طويل وكان عددنا قليل لم نعرف التنظيمات ولا الاحتفاليات فكانت الحياة صعبة لا يقطع رتابتها غير حضور شخص جديد او عودة أحد بعد الاجازة.
ثم مرت الايام ليزداد عدد المغتربين وتنضم الاسر ليتغير طعم الغربة مع الزوجات والاطفال ومعهم تغير الوضع لتنداح دائرة الاجتماعيات والتعارف ويصبح هناك تواصل وبرزت المنظمات المدنية في كل المجالات الثقافية والاجتماعية والرياضية وظهرت المناسبات بصورة لافته في الافراح والاتراح حيث نقل ابناء السودان كل عاداتهم ليتم الزواج في الاغتراب بكل طقوسه السودانية وغير ذلك من صور المناسبات الشخصية والقومية.
ومع ثورة المعلومات والاتصال اصبح العالم قريبا وسهل الاتصال بالأهل وتواصل المغترب مع أهله وبلده فهانت مرارة الغربة ولم يعد أحد يحس بذلكم الاحساس الذي عاشه المغتربون الاوائل واصبح للاغتراب لون آخر وطعم جديد يخلو تماما من المرارة وسهر الليل وانتظار ساعي البريد.
ولان الحياة لا تدوم علي شكل واحد ولا تستمر علي وتيرة معينة فقد بدأ الحال بالتغيير لتعود فجأة الغربة بوجهها الكالح القبيح ويعود للمغترب طعم البعاد وهاجس الهجرة بكل ما تحمله من أرق وتفكير كيف وقد وقع المغترب بين حسابات دقيقة أحلاها مر وأيسرها بعيد المنال ونتاج ذلك تضعضع مجتمع المغتربين الذي صنعوه في الغربة واتكأوا عليه زمنا ليحفظهم فهذا غادر هو وأسرته بلا وداع وذلك غادرت أسرته وبقي وحيدا وثالث يترقب نهاية إقامته ليعود القهقرى عازبا وأصبحت مجالس الإمتاع والمؤانسة تلك عبارة عن حلقات للجدل والنقاش حول والرسوم والضرائب وكيفية السداد وكل شخص لا يفتأ يعالج ميزانياته بشتى المخارج عشما في طريق يقوده للمخارجة بلا خسارة وأصبح حال الجميع هو نفس حال الشاعر العربي امرئ القيس حين يقول:-
وقد طوفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
والحال هذا لم يصبح أمام جمهور المغتربين غير الإياب نسال الله أن يسهله ويقربه وان كان ثمة ختام فهي دعوة لمن أراد أن يجرب حظه في السفر فليفعل فان السفر خير وكما قال الإمام الشافعي (سافر ففي الأسفار خمس فوائد) لكن قبل ذلك فكر مليا في الجهة التي تقصدها وتذكر انك سوف تبقي فيها حتى يشتعل الرأس شيبا فهل سوف تتحملك حينها.

امسح للحصول على الرابط
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019