• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024
علي الكرار هاشم

تحية للطباخين

علي الكرار هاشم

 0  0  6385
علي الكرار هاشم

حملت إلينا الاسافير والوسائط الاجتماعية حديثا ممجوجا تهاجم فيه المتحدثة وبصورة فجة أهلنا ( الحلفاويين) في شمال الوادي مستغلة علمهم ومعرفتهم بفنون الطبخ بل معارفهم وعلومهم الضاربة في القدم لتصل إلي نتيجة أن الطباخ وظيفة متدنية ممكن أن تكون مسبة وسيئة في وجه صاحبها.
لعلها فرصة لإزجاء التحية لعديد من الأصدقاء أبناء النوبة الذين جمعتنا بهم الحياة فكانوا نجوما بل أقمارا تضئ وكانوا مثالا لإنسان واع مثقف متعلم دمث الخلق وتسعفني الذاكرة مباشرة بصورة أخي سعيد صالح وأخي أسامه عمر وأخي عبد الرحمن شفا وأخوات فضليات وأسماء تتلألأ كالنجوم الزهر.
النسب إلي مدينة حلفا بإطلاق عبارة ( الحلفاويين) يقلل من شأن تلكم المنطقة وبحسب معرفتي بهم فهم ينسبون أنفسهم مباشرة إلي النوبة بل ويفخرون بها متجاوزين الوطن كله فيقول الفرد بفخر وعزة بأنه نوبي له مكان معروف ولغة معروفة وهذا الوصف يشمل الذين في السودان والذين في مصر فهم جميعا علي قلب رجل نوبي واحد.
والنوبة لهم تاريخ ضارب في القدم وقد استوطنوا الشلال الأول وسجلوا حضارة عظيمة جدا سبقت دخول الإسلام ومن هنا فقد امتزجت ثقافاتهم وتراثهم مع الثقافة الإسلامية الوافدة لتسجل لنا تراث اليوم في معظم بقاع السودان وما هذه العادات التي نقوم بها في الأفراح والمآتم وعند الولادة إلا تمازج من تراث النوبة أما الزراعة فقد جاء النوبة بالساقية بكل تفاصيلها وأسمائها ( كما ذكر ذلك العلامة أبو سليم في كتابه الموسوم بالساقية) وجاءوا بفنون الزراعة وغير ذلك من مآثرهم علي الناس.
وعندما كان أهلي يأكلون علي طريقة المتصوفة ( الكسره والبليله) ولا يعرفون غير الويكه وسلق اللحم كان النوبة علي علم بفنون الطبخ والأكل واشتهروا بذلك في الدول المحيطة فنقلوا هذا الفن الراقي إلي البيوت المعروفة في السودان ثم الفنادق وتجولوا داخل القطارات والبواخر بل وصلوا حتى قصور الملوك والأمراء والتجار يبدعون في هذا الفن المهم ويسجلون براءات الاختراع بصفة يومية وفي يقينهم أن هذا ضرب من المعرفة والوعي لا يدركه غير النوبة فاحترمهم الجميع وسلموا لهم الذائقة والمعدة بلا منافس.
فإذا ما جاءنا من يسفه هؤلاء القوم وهذه المهنة فنقول له توقف يا هذا فما كانت المهن عيبا ولا كان العمل مسبة بل يعيب الإنسان أن يكون بلا عمل أو عاطلا كما جاء ذلك عن الفاروق رضي الله أما ( الحلفاويين) فلا يستحقون غير الاحترام والتقدير علي صفات عديدة عرفها كل من عاشرهم وقد تناقل الناس مقولة عظيمة تقول أن حلفا تدخلها فتبكي لشعورك بالغربة وسط أهلها ثم تعاشرهم فتبكي عند السفر لشعور الفراق.





امسح للحصول على الرابط
بواسطة : علي الكرار هاشم
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019