أجمل ما في رياضة كرة القدم السودانية المناكفة البريئة التي تحمل في طياتها روح الدُعابة و الفُكاهة لاسيَّما بين مُحبي الهلال و المريخ و عنوان هذا المقال فيه شيء من تلك الروح , فكان لقاء الأربعاء الثاني من أغسطس 2017 الذي جمع الخرطوم الوطني بهلال الملايين في المباراة المؤجلة الدورة الأولى للدوري الممتاز مساء ً في إستاد الخرطوم .
في الدقيقة العاشرة من عمر المباراة كانت المناكفة من المريخاب حيث تقدم الخرطوم الوطني بهدف السبق عن طريق محمد حسن الطيب , فإذا برسالة عبر الواتساب فحواها : ( يا رب الثاني ) فكان الرد بعد إحراز هدف التعادل الذي أحرزه البلدوزر محمد موسى في الدقيقة السادسة عشر و ينتهي شوط المباراة الأول بالتعادل .
في الشوط الثاني و في نفس زمن إحراز الخرطوم الوطني للهدف الأول كان نجم الخرطوم الوطني سيف قد تجاوز حسين الجريف سرعةً و مهارةً و يواجه جمعة جينارو و يضع الكرة في الشباك هدفاً ثانياً للخرطوم . وهنا تعود الرسائل مرةً أخرى على شاكلة : ( الله يدينا الفي مرادنا ) ليتهم التزموا الصمت حيث كانت المفاجأة بدخول ولاء الدين موسى و من أول لمسة له يحرز هدف التعادل و تمر الدقائق و يُعزز ولاء الدين هدفه بهدف ثالث . وقتها استسلم المريخاب و أرسل الأخ العزيز محمد ود البشير رئيس رابطة مشجعي المريخ بحائل رسالته لمن يُشاركونه حب المريخ : ( متين الخرطوم الوطني غلبت الهلال .. قوموا شوفوا الفيصلي الأردني و الأهلي المصري بلاش وجع قلب ) هنا كانت فرحة الهلالاب و لحظة المرح حيث تذَكَّرنا رائعة الشاعر أحمد محمد الشيخ الجاغريو ( سميري ) المعروفة بـ " سميري المرسوم في ضميري " التي لحنها و غنَّاها عميد الفن السوداني أحمد المصطفى , و في مطلعها :
يا زهرة أحلامي بنظم فيك كلامي
تايه دمعي هامي مع القمري البقوقي
برسل ليك سلامي
نزلت مني دمعة و الأمة مجتمعة
حتى يصل إلى : أنا دستوري نازل في الخرطوم تلاتة .
طبعاً الدستور المقصود هنا أولاد ماما و أحمد البشير الهدندوي و الطلبات و ليس اللوائح و مواد القانون التي تُنظم الحياة .
بفوز الهلال على الخرطوم الوطني بثلاثة أهداف مقابل هدفين واصل الهلال مشوار صدارته لفرق الممتاز برصيد 36 نقطة من 16 مباراة و كما يقول أستاذنا محمد عثمان الجعلي في رحيقه الذي تفوح منه رائحة المسك مخاطباً أحبابه الحلوين : ( دعوا القيادة لنا و استمتعوا بالرحلة ) و بذلك يؤكد هلال الملايين علو كعبه على فريق الخرطوم الوطني حيث أنه منذ صعوده لمصاف أندية الدرجة الممتازة موسم 1997 لم يحدث له أن فاز على الهلال إطلاقاً بينما كانت له الغلبة و الفوز على المريخ أكثر من مرة .
رغم تحقيق الهلال الفوز على الخرطوم الوطني بثلاثة أهداف إلا أنَّ الأداء شابه الكثير من الخلل المتمثل في كثرة التمرير الخاطئ و عدم اللعب الضاغط و بعد المسافات و انعدام اللعب الممرحل في كثير من أوقات المباراة .
* الفيصلي الأردني و الترجي التونسي
بطولة العرب التي تستضيفها مصر حتى السادس من أغسطس الجاري أفرزت الكثير من السلبيات التي كان من ضمنها اختيار بعض الأندية التي لم تكن أبطالاً في دوريات بلدانها و كذلك هبوط مستوى التحكيم لدرجة
أثر في تغيير بعض النتائج . كما لا نغفل الإيجابيات التي أفرزتها البطولة و المتمثلة في الأداء الرائع لبعض الأندية مثل العهد اللبناني و الفتح المغربي الرباطي و الفيصلي الأردني الحصان الأسود في البطولة .
لقد حقق الفيصلي الأردني فوزاً مستحقاً على الأهلي القاهري بهدفين مقابل هدف كفل للفيصلي الذهاب للمباراة النهائية التي ستجمعه بشقيقه الترجي التونسي الذي بدوره حقق الفوز على الفتح المغربي بهدفين مقابل هدف .
* تطور الكرة الأردنية
لا شك أنَّ كرة القدم الأردنية قد حققت تطوراً ملحوظاً في المستوى العام منذ أن قدِمَ للمنتخب الأردني المدرب المصري الراحل محمود الجوهري قبل عقد و نيف من الزمان . و ما فوز الفيصلي على الأهلي للمرة الثانية على التوالي في البطولة العربية الحالية , مع تواجد العديد من اللاعبين الأردنيين في الدوري السعودي الممتاز المعروف بدوري عبد اللطيف جميل لهو خير برهان على تطور و ازدهار الكرة في الأردن الشقيق .
* آخر الأوتاد :
اهتمام الدولة بالمنتخب القومي لكرة القدم خطوة رائعة سيكون لها أبعاد من النجاح بإذن الله , و هي تندرج تحت مقولة : (أن تأت متأخراً خير من أن لا تأت . )