• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-23-2024
مهدي ابراهيم

بين الاشاعة والحقيقة

مهدي ابراهيم

 0  0  7213
مهدي ابراهيم


Mhadihussain"gmail.com


قبل سنوات ..صحت العاصمة علي اخبار مخيفة ، فقد راجت قصص عن ظهور كلاب مفترسة تجوب ليالي الخرطوم ليلا ..وكعادة الناس برعوا تماما في نسج القصص والحكاوي التي أقضت المضاجع تماما ، فالكلاب المألوفة حينها بعض الناس ، تجاوزته الي نهشهم وأكلهم تماما ، هكذا قالت الروايات ، فالصحف تنشر كل يوما ضحية جديدة ، فرفعت تلك الكلاب الي مرتبة الأخبار والأمثال الشعبية السائدة ، وجري بذلك التندر والتهكم وسط الناس بسياسيهم وعوامهم ، فمصير كل خارج عن المألوف حينها انه سيرمي لتلك الكلاب الضالة ..
امام تكاثف الرواية والمخاوف ، وبروز الشهود برواياتهم الذين باتوا يرسمون الحدث بالسبك والتفصيل ، لم يكن امام الشرطة حينها بد من قطع دابر تلك (الحدوتة) التي وجدت لها من الرواج مالم يجده غيرها ، فتصاعدت الشكاوي ، ودونت البلاغات ، وظهرت الصور علي انها من الضحايا ، فكل غياب (مؤقت) اضحي صاحبه في حيز الإختفاء ، وكل من أدلج عليه الليل لظرف ما فأنقطع الاتصال به صار الهم من ذويه مباحا ، بالتبليغ والقاء التهمة علي تلك الكلاب الضالة ، وحتي كلاب الحي (المألوفة) لم تنجو حينئذ من التصفية لأن المخاوف والذعر بلغ مبلغا ان عدت نظرة كل كلب مستعطفة مصيرها الي الخوف و ونسج الرواية حوله بالأرهاب والافتراس الليلي ..
لم نلبث غير بعيد الا وأنتهت تلك الأحداث التي شغلت البلاد وأخذت لها حيزا كبيرا ، واضحت نسيا منسيا ، وانصرف الناس لخبر وافد جديد ، وكعادة شأن تلك الأخبار انها تطغي علي ما عداها حينها فتتصدر الأخبار وتصبح مادة دسمة تلوكها الألسن ، تزيد فيها ولا تنقص عليها ، وتبرز الطرف والنكات التي تغذيها ، وتصبح تماما من الأحداث اليومية التي تصلح ان تكون خبرا يكسر ملل الناس ، بالاجتماع عليه تداولا ، والتفاعل معه تشويقا ، الي ان يمضي لغايته فيتجاوزه الناس بأختيارهم الي جديد يشغلهم في المتابعة والتشويق ..
وغير بعيد ما يحدث الآن ، فقد خطفت سيدة من أمام منزلها بالعاصمة ، قطعا خبر كهذا يجعل من المخاوف تتسرب الي النفوس ، مع بروز الجرائم الوافدة ، والأنفتاح الذي طرأ علي البلاد ، فأضحي ذلك الخبر بتوابعه يتصدر الميديا بلا منازع او منافس ، فراجت الإشاعات حول المخطوفة ، وبلغ الناس بها مبلغا بالتداول والتناول الكثيف ، وحبكت الرواية سبكا ، واضحي للطرفة سلطان يسعي بين الناس يكير مللهم ويبدد همهم ، والصور تتزاحم بالمخطوفين الذين دب فيهم (الانتشار) من عدم . والشرطة أرهقت نفسها بالبيان والتأويل وتكذيب الرواية ، والناس في مخاوفهم سادرون ، وأهل المخطوفة باتوا يكذبون كل رواية اضحت تقلق منامهم ، وتذيب عنهم كل أمل في العثور عليها، فلم تعد هنالك أدني مراعاة لمشاعرهم اللهم الا كل ينشد له شأنا من القصة بمآرب شتي وان صبت جميعا في القاء اللوم علي الجهات ذات الصلة بأنعدام الأمن وانفراط عقده والمقارنة بين عهود أخري انتفت فيها تلك الجرائم الوافدة تحاكما للأمن والأمان التي سادت تلك الأزمان والفترات .
قطعا التحدي كبير في الوصول بتلك القضية لنهايتها والعثور علي المخطوفة ، حتي يقطع دابر الإشاعة من ان تتمدد ووتوسع ، فجريمة الخطف امام خصوبة ذلك الواقع تفرعت الي قضايا عديدة وان صبت جميعها في دافع تجارة الأعضاء ، فعزف كثير منا علي ذلك ، بل ومرد كثيرون علي ايراد الصور المخيفة التي مازادت اهل المخطوفة والناس الا هما علي هم ، فالصور لم تراعي للمشاعر ، وفي سياق البحث عن الأثارة انتفي الوازع وغاب الضمير ، وما ينشده الناس بالأمن والآمال اضحي أولئك يبددونه بالإشاعة والايغال في الأثارة الجوفاء ..
يقينا لن تفلح تلك الحلول التي تبني من واقع الأزمة والتي أخذت طريقها للتنفيذ بالإشتباه والشكوك في الأجانب وحصرهم ، بعد الحملة الضارية من الأسافير عليهم استنادا للجرائم الدخيلة وعصابات مافيا تجارة الأعضاء التي تحوم حولهم ، كل ذلك عندي حلول آنية واحترازية لن يجدي مفعولها ما لم يصل الناس الي فك طلاسم القصة ومعرفة مصير المخطوفة (أديبة)..فتتلاشي الإشاعة ويعود الأمان المفقود ، وتسكن ثورة المعلومات ، وتفتقر العيون الي المدامع ، وتطمئن الجنوب الي المضاجع ..



امسح للحصول على الرابط
بواسطة : مهدي ابراهيم
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019