• ×
الجمعة 19 أبريل 2024 | 04-18-2024
علي الكرار هاشم

هل تستحم الخرطوم....!!!

علي الكرار هاشم

 0  0  7283
علي الكرار هاشم



من نعم الله سبحانه علي عاصمتنا الحبيبة أن وهبها موقعا تحسدها عليه العواصم والمدن كلها فحين تستجدى المدن جمالها وبهارجها وزينتها بالعديد من المساحيق وأدوات التجميل و( المكياج ) لتبدو للناظرين حسناء كاملة الجمال فان الخرطوم ترقد هانئة علي شواطئ النيلين الأبيض هنا والأزرق هناك وقد حفت الشواطئ بالخضرة تداعبها الأمواج وتحلق عليها الفراشات والعصافير.
ولعلي هنا استعير وصف المتنبي إمبراطور الشعراء كما لقبه الداعية المفوه عائض القرني وقد قال المتنبي في إحدى روائعه وهو يقارن بين جمال الطبيعة وجمال التمدن و( الكوافير)
حُسْــنَ الحِضـارةِ مَجـلُوبٌ بِتَطْرِيٍـة ** وفـي البِـداوةِ حُسْـنٌ غَـيرُ مَجـلُوبِ
نعم كان ذلك جمال الخرطوم الفطري لعاصمة تنوم في أحضان النيلين فتشرب من ماء عذب وتتقلب في خضرة وجمال كان ذلك العهد هو قطعا ليس عهدنا هذا وليس عهد الخرطوم الحالي.
لا يسافر بصرك اليوم في ارض الخرطوم حتى يرتد إليك حسيرا كسيفا وأنت تشاهد هذه المدينة وهي تتمدد على مساحات من القذارة والأوساخ وأكوم النفايات التي ما إن تنتهي حتى تبدأ من جديد علي الشوارع العامة وداخل الحارات وحول المدارس والجوامع وبالقرب من أماكن الأكل والشرب بل وحتى المستشفيات وأجزم أنه لا يوجد مترا واحدا بالخرطوم يتمتع بالنظافة ويخلو من الأكياس.
وإذا كنا نعلم ذلك الاهتمام الكبير الذي تقوم به حواء السودانية بنظافة بيتها وكنسه وغربلة الرمل ومسح الجدران فان هذه المخرجات تذهب إلي الشارع ولا تجد من يهتم بها سوي بعض الهوام التي تبحث عن قوتها لتترك الباقي مبعثرا تزروه الرياح لتلون به الشوارع وتجعل تلك الأكياس والأوراق تحوم حرة عبر الشوارع والحدائق في منظر بائس.
تسأل الناس عن هذه الفوضى وكيف تقبلون أن تعيشوا في مدينة متسخة فلا تجد عندهم الحل غير الشكوى من عدم توفر عربات النظافة مع إنهم يدفعون نظير ذلك وقد توزع مجموعة طيبة من رجال السودان توزعوا مهام ووظائف المعتمدية وجلسوا في مكاتب أنيقة وتركوا الشوارع تستعمرها الأكياس والفضلات ولو أنهم صدقوا مع أنفسهم ومع ربهم لكان أول مهامهم النظافة فهي من الدين ومن المروءة وهي من الرقي والفهم السليم ولكنهم بكل أسف آثروا أن يحكموا عاصمة قذرة متسخة تزيد قبحا كل صباح ويعيش السكان علي أمراض الملاريا والحميات جراء هذه الفوضى والذباب والإهمال.
هذه المناظر البشعة هي أول ما تراه وان تطل علي الخرطوم من الخارج والخوف أن يكون الناس قد ألفوا هذه الصورة حتى ظنوا أن العالم هكذا وهم لا يعلمون مقدار أهمية النظافة التي هي علي اقل تقدير تبين مدي فهم الشعوب ومدي وعيها فالشعوب النظيفة هي الشعوب الواعية المتحضرة المتعلمة وغيرها أهل الجهل والتخلف فأين تضعون أنفسكم يا معتمدي ولاية الخرطوم.
بعيدا عن تلكم الفلسفة التي تضيع بينها الحقائق وبعيدا عن اللقط والنقاش الفارغ فان الأمر لا يعدو عربات مجهزة تحمل النفايات لخارج المدينة فهل هذا يستدعي مؤتمرا جديدا وهل يحتاج تدخل الأمم المتحدة إنها العاصمة والواجهة فان صلحت وتجملت صار الوطن كله جميلا ومن هنا تكون الأمنيات بحجم البلد بأن تمتد يد الإصلاح والخير والجمال للخرطوم لكي تنظف وتستحم من مياه النيلين وتنفض عنها هذه الثياب البالية الرثة وان عجزت المعتمديات فالعشم في رئاسة الدولة فهذه عاصمة السودان ووجه الذي يقابل به الناس.





امسح للحصول على الرابط
بواسطة : علي الكرار هاشم
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019