• ×
السبت 20 أبريل 2024 | 04-19-2024
هشام مكي

مؤانسة حول الحوار المجتمعي في الدمام:

هشام مكي

 0  0  7951
هشام مكي

كنت مستمعاً جيداً خلال جلسة المؤانسة التي عُقدت يوم الجمعه الماضي بإستراحة الكورنيش بالدمام, والتي كان ضيفها البروفيسور عزالدين عمر موسى رئيس قطاع المغتربين للحوار المجتمعي, وشارك فيها عدد من نشطاء العمل العام على رأسهم البروفيسور عبد الله الصديق رئيس لجنة خدمات الجالية.
دخلت القاعة وفي ذهني صورة سلبية مرسومة عن المُحاضر, لأن الأسلوب الذي كان متّبعاً هو تشويه صورة المعارضين السياسيين, وللأسف لازال البعض يمارس مثل هذا الأسلوب الخاسر الذي أصبحت تمارسه المعارضة الآن بصورة أوسع من الحكومة.
البروفيسور عزالدين عمر موسى هو واحد من علماء السودان البارزين، درس التاريخ الإسلامي وتخصص فيه, وعمل منذ ما يقرب من نصف قرن أستاذاً جامعياً بين نيجيريا والمملكة العربية السعودية, ونال عدداً من الجوائز العالمية منها فوزه بجائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية.
وعلى الصعيد السياسي لا أكون مبالغا إذا قلت أنه أكبر الشخصيات السودانية المعارضة لحكومة الإنقاذ الوطني تأثيراً على المغتربين في المملكة العربية السعودية, وربما يكون الأكثر تأثيراً وسط المغتربين السودانيين في بلاد المهجر المختلفة.
المهم في الأمر أن البروف بدأ حديثة بصورة واقعية مدهشة عندما أجاب على السؤال الذي إبتدر به المحاضرة لماذا الحوار؟ حيث أجاب: بأنّ الحكومة لم تسقط والمعارضة لم تنجح والحكومة لم تستطع تنفيذ مشروعها, لذلك لابد من الحوار, كما أنه أشار الى ضرورة الحوار لرفع المظالم إذا كانت حقيقية, أما إذا كانت متوهمة فلابدّ ان توضح, وأكد أن السبب الرئيسي الذي جعله مقاتلاً شرساً في الحوار بعد أن قاتل 25 سنة بشراسة في المعارضة هو إيمانه القاطع بضرورة بسط الحريات.
بهذه الواقعية تناول البروفيسور عزالدين بالشرح, رؤيته في الحوار المجتمعي وتطرق للقاءاته السابقة والتي عقدها في الرياض والقاهرة وغيرها من دول المهجر حيث زارت لجنته أكثر من 20 دولة, وأكد بإستمرار هذا النوع من الحوارات التنويرية, لكنه أبدى مخاوفه من أن هناك أصحاب مصالح متجذّرة في النظام, وكذلك مثلهم في المعارضة وهؤلاء ربما يتسببون في عرقلة عملية الحوار الوطني والمجتمعي وتنفيذ مخرجاته, كما أشار الى أنّ الدعوات الى العصيان المدني من قبل المعارضة, ورفع الدعم عن السلع الذي تمارسه الحكومة يشكلان هما الآخر عائقاً وخطراً على تنفيذ هذه المخرجات, ولكن التحدي الأكبر الذي يمكن أن يواجه الحوار المجتمعي هو تعارض المصالح.
ومع أنّ البروفيسور عزالدين يؤكد أنه لازال معارضاً شرساً للحكومة, ويدعو بشدة الى تفكيك دولة حزب المؤتمر الوطني الواحد عبر العمل على تنفيذ مخرجات الحوار, إلا أن ذلك في تقديري يعتبر مكسباً كبيراً للحكومة, فهذا النوع من المعارضة الراشدة مطلوب.
مجاهدات البروفيسور عزالدين في شأن تضمين قطاع خاص بالمغتربين ضمن قطاعات الحوار الستة يعتبر إنجازاً كبيراً ومهماً لشريحة المغتربين للإسهام بآرائهم ومقترحاتهم حول القضايا الوطنية ويُعد لفتة بارعة في سبيل خدمة قضايا المجتمع, بل وأثمر عن مصالح عدة للمغتربين أهمها التأكيد على أهمية مشاركتهم وتفاعلهم في الشأن العام بقضايا الوطن, وماورد في التوصيات من رؤى في شأن قضايا الحكم والإدارة يؤكد ذلك, كالإستفادة من خبرائهم في المجالس القومية المتخصصة لإدارة الوزارات, وكذلك إعتبار المغتربين كلية إنتخابية تمثل في المجلس الوطني.
وتؤكد التوصيات كذلك على بناء الدبلوماسية الشعبية وتوظيف دور المغتربين في ذلك بشتى الوسائل الممكنة, والعمل على ربطهم بالوطن ثقافياً وفكرياً وتعليمياً, وقبل ذلك تشجيع نظام التحويلات وتهيئة المناخ الإستثماري بما يحقق مشاركتهم, كل ذلك يعد مكسباً للمغتربين من هذا الحراك.
أما الإحصائية التي ذكرت في المحاضرة عن أن السودانيين بالخارج يتراوح عددهم ما بين (5ـ 10) مليون نسمة توجب ضرورة مشاركتهم في جميع القضايا, فهم حسب هذا التقدير التقريبي يمثلون حوالي ربع سكان السودان ! وللأسف الشديد ينظر لهم حتى الآن فقط بإعتبارهم بقرة حلوب للضرائب وغيرها.
شكراً لك بروف عزالدين على هذه المؤانسة حول هموم الوطن الحبيب, وأرجو للجنة التي شُكلت في اللقاء وكسبت البروفيسور جمال نور الدين في رئاستها أن تواصل مثل هذه الحوارات .. تحياتي
هشام عثمان مكي
hishammakki@hotmail.com
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : هشام مكي
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019