لم يكن مجلس الهلال (في فترة التسجيلات الماضية) في حاجة إلى التصريحات الهلامية والوعود الخرافية بخصوص المحترفين، فالعمل في مثل هذه الملفات يكون بسرية وهدوء لأن التبشير بالصفقات قبل حدوثها يكون مؤذيا خصوصا عندما يكون نجاح الصفقات مرتبطاً بعوامل أخرى لا تخص مجلس الهلال وحده.
حصيلة التسجيلات كانت ستكون مقبولة بالنسبة للجماهير حتى وإن لم تكن في مستوى التطلعات ولكن مشكلة مجلس الهلال بقيادة الكاردينال أنه قام برفع سقف طموحات الجمهور من خلال التصريحات الوردية من شاكلة (ساماتا والأخطر من ساماتا) لتمر ايام التسجيلات ويفشل الهلال في التعاقد مع أي نجم كبير ثم يفشل ايضا في التعاقد مع لاعبين آخرين جيء بهم لإزالة الحرج مثل جاجا والسوري سنحاريب وليعود في النهاية مجلس الهلال لعصفور اليد ويتعاقد مع الغاني تيتيه مكرهاً اخاك لا بطل ولتنتهي فترة التسجيلات دون إيجاد حل لمشكلة الدفاع.
ومشكلة الدفاع هي المشكلة التي قد تطل برأسها (الضار) في البطولة الأفريقية تحديدا في دور المجموعات الذي يبدأ من دور ال16 في هذه النسخة.. هذا إذا تجاوز الهلال الدور الأول بالطبع والذي سيواجه فيه الفائز من توسكر الكيني وبطل موريشص.
الكاردينال وضح تماماً أنه لا يدفع مبالغ كبيرة من أجل إستقطاب نوعية عالية من المحترفين فكل المحترفين الذين تعاقد معهم في فترة قيادته للهلال كانوا بمبالغ زهيدة بمعايير سوق الإنتقالات في أفريقيا.. لهذا فإنني كنت أستبعد تماماً ان يتعاقد الهلال مع ساماتا لأن لاعب بهذه الإمكانيات كان سيكلف الهلال مبلغاً ضخماً لن يدفعه رئيس الهلال.. قد يقول قائل لا يمكن أن يقف المال عقبة أمام الكاردينال فمن يقود ملف الجوهرة بتكاليفه الضخمة لن يتردد في دفع مبالغ كبيرة من أجل التعاقد مع ألمع النجوم ولكن هذا الحديث إنشائي لأن الموضوع لا يتعلق بالقدرة المالية وإنما بالإستراتيجية المالية.. وإستراتيجية الكاردينال كما هو واضح تدور في فلك التعاقد مع لاعبين بأقل التكاليف بغض النظر عن النوعية.
الإعلام الموالي لمجلس الهلال تغزل في التسجيلات ووصفها بالمثالية ولكن الشيء المؤكد هو أن تسجيلات الهلال في إتجاه والمثالية في إتجاه آخر.. وأكبر دليل على ذلك أنها أغفلت ملف هام جدا وهو ملف عمق الدفاع.. دفاع الهلال في الوقت الراهن يضم عمار الدمازين (الذي لن يشارك في ذهاب الدور الأول) وحسين الجريف واللاعب الجديد محمد بخاري.. وهذا يعني أن هناك شكوك في الجودة ونقص في الكمية.. الدمازين لم يقنع في الموسم الماضي ونفس الأمر ينطبق على حسين الجريف.. وتقديمهما لمستوى أفضل في الموسم الجديد أمر وارد ولكنه غير مؤكد وقد يكلف الهلال الخروج مبكرا من البطولة الأفريقية.
والمؤكد أن احد أسباب أزمة الدفاع الحالية هو تعاقد الهلال مع اوكرا.. فهذا التعاقد خاطيء من ناحية المبدأ.. فمجلس الهلال عندما تعاقد مع هذا اللاعب لم يفكر في إحتياجات الفريق وإنما فكر في توجيه ضربة إدارية للمريخ (وهي لم تكن ضربة إدارية من الأساس لأن نادي المريخ لم يفكر في التجديد للاعب).
غالباً سيلجأ الفرنسي لافاني للتوليف في قلب الدفاع.. والتوليف قد يكون له أضرار كبيرة لأن الفريق من ناحية سيفقد اللاعب المُولف في مركزه الأساسي ومن ناحية أخرى لن يكون هناك نوع من الطمأنينة بتواجد لاعب في الأصل لاعب إرتكاز في مركز غير متعود عليه وهو مركز قلب الدفاع.. مع التأكيد على أن بوي مثلا لن يكون خيارا مقنعا في قلب الدفاع.
من أسباب إخفاق الهلال على المستوى القاري في المواسم الماضية عدم إمتلاكه لمهاجم كبير يقود الفريق لمقارعة الأندية الأفريقية الكبيرة.. ومن الأسباب ايضا ضعف خط الدفاع.. الهلال تعاقد مع المهاجم تيتيه (وهو بطيخة مقفولة حاليا).. أما بالنسبة لخط الدفاع فلا توجد حلول ملموسة لهذه المشكلة.
شخصيا أرى أن الحل الإستراتيجي لأزمة دفاع الهلال هو تطوير أداء الهجوم.. فدفاع الهلال بشكله الحالي لن يكون مثاليا على الصعيد القاري.. بالتالي يجب أن لا نتفاجأ إذا إرتكب اخطاءً مشابهة للأخطاء التي إرتكبها أمام اهلي طرابلس في الموسم الماضي.. وهذه الأخطاء المتوقعة يمكنها أن لا تكون ضارة في حالة واحدة فقط وهي إذا كان هجوم الفريق فعالا ومميزا.
هجوم الهلال أمام أهلي طرابلس في الموسم الماضي لم يسجل أي هدف من كرة ملعوبة طوال 180 دقيقة.. في الذهاب لم يسجل الهلال أي هدف.. وفي الإياب سجل هدفين من ركلتي جزاء.. بشكل عام خروج الهلال في الموسم الماضي لم يكن بسبب أخطاء الدفاع فقط وإنما بسبب ضعف خط الهجوم ايضا.. وهذا الأمر يجب أن يعلمه الجهاز الفني بقيادة لافاني من أجل العمل على تطوير أداء الهجوم.. فالهجوم هو الحل الوحيد لمشكلة الدفاع.. وأساساً هو خير وسيلة للدفاع.. مع الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أن خيارات الهجوم الكثيرة قد تجعل حلول التطوير متوفرة على عكس خيارات الدفاع.