• ×
الخميس 28 مارس 2024 | 03-27-2024
رأي حر

ذكرى المؤرخ على الفكى

رأي حر

 0  0  1198
رأي حر

شئ غريب جدا الذى يصيبنا عندما يغيب اخ وصديق وعم واب من حياتنا ﻷننا نشعر ساعة غياب هذا الصديق والعم والاب وكأننا فقدنا بغيابه بعض انفسنا او بعض اجسادنا ..نشعر كاننا تحولنا الى طائر اصابت جناحه طلقة غادرة اطلقها صائد ماهر فغدا قعيدا ذليلا .
لا يملك الا ان يبقى لصيق الارض لا يبارحها بينما الارض ليست مقامه ولا مكانه نشعر كاننا ركاب سفينة ضاع منها فجاة الملاح والمجداف ولم يعد امامها ما تفعله غير ان تتخبط فى ظلمات البحر بغير بوصلة وبغير بدر وبغير دليل .
غاب فجاة واحد من حياتنا الرياضية.. واحد من هؤلاء المؤرخين لنادى الهلال الذى ظل لصيقا به حتى مفارقته البلاد الذي فقدنا بفقدانه بعض نفوسنا وبعض اجسامنا وبعض كياننا وبغياب هذا الصديق للجميع نقص عدد المؤرخين والفرسان النبلاء المثقفون المتواضعين واحدا مهما .
ولقد عددت كل هذه الاوصاف متعمدا -لانه صديق كل الرياضيين والصحفيين والاقطاب والمشجعين والذى غاب كان يضمها جميعها فى شخصه .ولان المؤرخين فى رأيى ليسوا كلهم فرسانا وليسوا كلهم نبلاء وليسوا كلهم مثقفين ولا متواضعين والذين يتمتعون منهم ببعض هذه الصفات او بها كله لا يمثلون فى تقديرى سوى قلة نادرة لعلها تكون قريبة من ندرة اللؤلؤة السوداء فى عالم الاصداف وحسبنا نستطيع العثور على هذه القلة النادرة ممثلة فى اولئك الذين استطاعوا بقوة خاصة اودعها الله فى قلوبهم وبصفاء خاص اضفاه علي عقولهم ان يفلتوا من فخ الاهمية التى استولى على الرياضيين احساس جارف بها من خلال كونهم اصحاب تنقية ومتابعة وتقليب مهنة تجعل امال الرياضيين معلقة فى بعض الظروف وفى بعض المواقف بكلمة واحدة تخرج من بين شفاههم ومن ثم فانهم بسبب هذه الاهمية نفسها وانقيادا لها راح الكثيرون منهم يتساقطون الواحد بعد الاخر ومن حيث يشعرون او لا يشعرون فى بئر الغرور ثم استطابوا المقام داخل هذه البئر الى الحد الذى جعلهم لا يدخلون مع الغالبية الرياضية فى جدال ولا يردون عليهم بما يريدون ان يعرفوا عن التاريخ الرياضى !
من تلك القلة النادرة ندرة اللؤلؤة السوداء فى عالم الاصداف والتى عصمها الله بقوة من لدنه من السقوط فى بئر الخيلاء والغرور كان صديق الكل الاستاذ على الفكى المؤرخ الهلالى المعروف والذى غاب عن الحياة الرياضية فجاة فى الاسبوع الماضى .. وخلفنى غيابه مشدوها ومذهولا .. لا اكاد اصدق ان مثله يموت فى هذه الايام الصعبة ومثل هذا الزمن الردئ التى اطبقت فيه مصاعب الحياة الرياضية على اعناق الرياضيين واخذت بخناقهم وجعلتهم اشد ما يكونوا فى حاجة الى كلمة طيبة والى همسة حانية تاتيهم منه وممن هم على شاكلته ومن طرازه ممن جاءوا الى الدنيا كى يصبحوا فيها الوانا من البلسم يوضع على الجراح الاخرين الملتهبة باصلاح الحياة الرياضية وما اكثرها فتغسلها وتنقيها وتوضع لها خارطة لتاريخ كل الاندية الرياضية
نافذة
كل نفس ذائقة الموت هذه حقيقة مؤكدة ولكن مثل هذا الانسان الشفاف العذب الذى ان كان له نظيرا بين الادباء سيكون الطيب صالح وعرفت له نظير اخر بين الصحفيين هو الاستاذ عمر عبد التام .مثل هذا الطراز المبهر اللانسان فى احلى صورة واعذبها ..مستحيل ان يموت .نعم تموت منهم اجسادهم ونعم تصعد الى بارئها ارواحهم .ان ذكراهم تبقى حية لا تموت تبقى تحكى للرياضيين جيلا بعد جيل عن ماثرهم وعن مواقفهم وتعيش الذكرة على السنة الرياضيين وبين شفاههم معطرة بهذه الماثر والمواقف التى هى الانسان على حقيقته وفى صميم حقيقته بغير زيف وبغير خداع وغير تذويق .
لقد عرفت المؤرخ على الفكى الفارس المثقف النبيل المتواضع البسيط منذ ردحا من الزمان فى بلاط الهلال وعندما عرفته كان لايزال يقف بقدميه فى اول درجة المؤرخين وكان حاضرا فى كل مناسبات الهلال مؤرخا يذداد تواضعا عند ما توجه له سؤال عن تاريخ الهلال
مثله فى ذالك مثل الشجرة المحملة بالثمر تميل فى تواضع نحوا الارض على العكس تماما من الشجرة العاطلة من كل ثمر فانها تشمخ بعودها نحو السماء .. ربما تعويضا عن احساس بالضآلة يقتلها !
نافذة اخيرة
كان رقيقا هينا لينا سهلا .. وكنت كلما شاهدته يمشى تذكرت الاية الكريمة التى تقول.. بسم الله الرحمن الرحيم (وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).. فقد كانت قدماه لاتكادان تلمسان الارض فهل تراه كان يقصد عندما اختار الا يضرب الارض بقدميه وهو يمشى ان يكون واحدا من عباد الرحمن الذين اشار المولي عز وجل اليهم فى الاية الكريمة ام انه بفطرته ودون قصد كان واحدا منهم
لقد كان الاستاذ المؤرخ المعروف على الفكى فى حياته العامة والخاصة واحدا ممن يعضون على دينهم بنواجزهم .. وكان القرآن قبل المهنة وفوق المهنة هو عشقه الحقيقى والكبير والاصيل.. ولانه تادب بادب القران وجعله مدرسته وخلقه ونبراسه .كان لابد ان يكون لنا فى النهاية الانسان العظيم علما العظيم توجها وسلوكا .ولقد اكتشفت حقيقة ذلك المؤرخ الفارس بكل ابعادها وبكل جوهرها عندما سقط فى يد شاب انعدمت فيه كل الاخلاق النبيلة وهو يمارس عملية النصب عليه .. كان ذلك المحتال اللئيم القاسى يمتهن تلك المهنة الفاسدة المفسدة وهى النصب والاحتيال ولم تكن دواخله شريفة ولا تربيته عفيفة ولا حتى انسانيته سليمة وهو يختار فريسته من اعظم الناس واطهرهم ..وبدأت تلك القصة التى كانت لها الاثر الكبير فى تدهور صحة الاستاذ على الفكى قبل مدة وهو بين ابنائه من سائقى الامجادات بالقرب من صينية القندول ضحوكا بينهم وعطوفا عليهم وغليظا عند تخطيهم سماحة المهنة
كان القدر يخبى لمؤرخنا حزن حاول تجاوزه بايمانه بان المؤمن مصاب فى جسده وفى ماله وكان كعادته بالقرب من صينية القندول وهى يقود امجاده سعيا وراء الرزق الطيب الحلال حتى صعد ذلك الشيطان الملعون عديم الاخلاق المحتال الى امجاد الاستاذ على الفكى وهو يطلب توصيله لمشوار ودار ما دار من حديث طيب من رجل طيب لمن يضمر الشر له بعد ان اكمل هذا المحتال الملعون لعبته بطريقة لم يراعى فيها رجل كبير ورهيف تبادل معه الحديث بعفوية الى ان كان ميعاد تلك الفاجعة التى المت باستاذنا على الفكى بعد أن شرع المحتال فى تنفيذ خططه بعد ان وثق فيه الرجل الطيب ليطلب منه ان يعود من حيث اخذه ليجلب اغراض اخرى بعد ان تظاهر بان رصيده قد نفذ وطلب من على الفكى جواله ليتم المكالمة التى تعنى عودته لجلب الاغراض الاخرى ولكن كانت المفاجأة الكبرى ان اختفى هذا الهزيل بدواخله والعديم للمروءة والمحتال الملعون بالجوال .. والجوال ليس فى قيمته فقط الباهظة الثمن ولكن فى كل ما تحويه ذاكرته من ارث وتاريخ رياضى مدون بداخلها اختفى هذا اللئيم وكان لابد من العودة الى المكان الاول بداعى السؤال عن هذا المحتال ولكن كله كان مسرحية نظم خيوطها عديم الضمير المخادع الغشاش الذي وضح بان لا احد يعرفه من الحاضرين وهنا اكتشف الرجل الطيب الرهيف بانه قد نصب عليه واصيب بنوبة سكرى حادة حزنا على ماجرى من ذلك الجبان الذى احسن معاملته وبعد زمن تجاوز المحنة ولكن الكل من حوله لاحظ مدى تأثره الواضح من عملية النصب والاحتيال التى وقع فيها مؤرخنا على الفكى حتى لزم الفراش
خاتمة
لقد سقط المؤرخ الفارس مرة اخرى ولكن هذه المرة شهيدا خارج الديار والوطن والاحباب .والحديث الشريف يقول فيما معناه ان من مات دون عمله فهو شهيد ومن مات دون ارضه فهو شهيد ومن مات دون عرضه فهو شهيد
وهو باخلاقه جدير حقا بمرتبة ومكانة الشهداء وهو منهم بكل خصاله وبكل تصرفاته وبكل انسانيته وفروسيته .لقد ترك المؤرخ على الفكى وراءه سيرة عطرة في كل الالسن ولكل الشفاه ولكل القلوب وترك تاريخا ناصعا عمل على جمعه فى كتاب وثق فيه الكثير من تاريخ ذلك الفارس العظيم الذى سلم سرجه وصرف جواده وذهب مبكرا جدا لكى يستريح بعد ان اعطى واعطى وكان واحدا من اشرف الفرسان فى الحياة الرياضية ومن انبل الفرسان الذين اضاءو اوجه الحياة التاريخية وجعلوا لها طعما ورائحة .
رحم الله استاذنا وصديقنا على الفكى رحمة واسعة
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : رأي حر
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019