• ×
الجمعة 29 مارس 2024 | 03-28-2024
صلاح شكوكو

لأولى النهى

صلاح شكوكو

 0  0  1389
صلاح شكوكو
الألقاب في كرة القدم

تعتبر الألقاب في السودان ثقافة شعبية يمارسها الصبية بعفوية وعبث طفولي فيطلقون إسماء لشخوص بمدلولات معينة وقد يتأتي اللقب في مراحل تالية.. ويزاد توهجا ولمعانا في المجال الرياضي .. ولعل هذه الحالة فريدة في السودان، وبصفة خاصة بين لاعبي كرة القدم، رغم أن السودان لا يعتبر من الدول التي يُشكل فيها اللقب مكانة اجتماعية و عرفية هامة كالمصريين والأتراك وغيرهم.

فكثير من الدول حولنا لها أدبياتها الخاصة في الألقاب خاصة في شأن المراكز والمهن فالمصريون والأتراك والأوربيـون على سبيل المثال يولون اهتماما كبيرا بالألقاب الاجتماعية حيث يندر أن يذكر اسم شخص دونما إضافـة لقب محدد أمام أسمه قد يكون هذا اللقب مهنيا كالأستاذ أو(الباشمهندس) أو قد يكون حرفيا (كالأوسطى أوالمعلم) أو قد يكون اجتماعيا (كالبيه أو الباشا وأفندم) وغير ذلك مما جرى على السنة الناس.

أما السودانيون عموما فلا يشكل اللقب عندهم حالة شائعـة فيما عدا بعض المجالات المحدودة كالمحامين والمعلمين ورجالات الـدين والمهندسين وحتى هؤلاء لا يوصفون بهذه الألقاب المهنية إلاّ من جانب الطبقـة المثقفـة أوالمستنيرة بينما لا يأبه العامة بذلك كثيرا أو لعل البعض منا ينظر إلى اللقب وكأنه في نوع من الاستجداء المهين، خاصة إن كان اللقب مصري المنشأ والتداول.

لكن صـورة فريـدة من ذلك تتمثـل في ميـادين كرة القدم بصفة خاصة، إذ ينـدر أن تجـد لاعبـا لا يحمل لقبـا مرادفا لاسمه..وهذه الألقاب قد تأتي من باب التشبيه أو بسبب ارتباطها بحادث معين في حياة الفرد ..واغلب هذه الألقاب مردها إلى مرحلة مبكرة من العمر، حيث تلازم في غالب الأحوال مرحلة الصبا.. فيكون اللقب في كثير من الأحايين اختزالا لفترة تاريخية في حياة الفـرد أو لحادث معين أو تشبيه أو نحو ذلك.

بكل المقاييس تعتبر الألقاب صورة فريدة تميز السودانيين عن غـيرهم في المجال الرياضي لكن هذه الصورة الفريدة تنتشر أيضا لدى البرازيليين لكن اللقب في السودان وفي أحايين كثيرة يكون فكرة ذكية تلامس الواقع، وتعبر بصورة دقيقـة عن الشخص المُلقب .

فلو تأملـنا ألقاب اللاعبـين في مختلف الدرجات، سنجد أن لكل لقب قصة واقعية، حدثا كان ذلك أو تشبيها أوموقفا، وتنفرد الرياضة عن كل المجلات بنصيب وافر عن غيرها في ذلك، لأنها تشكل بيئة خصبة للتنافس والتشجيع والكيد والمكر والدعابة.

بعض دور الرياضة لا تخلو من بعض والوصافيين المتخصصين في إطلاق هذه الألقاب، الذين يطلقونها في صورة اقرب للدعابة والمرح والطرفة.. ومعلوم كذلك أن مقاومة المٌلقب للقب الذي يطلق عليه يكون مدعاة لالتصاقه به أكثر وذلك ربما من باب الكيد البريء أوالمداعبة والمناكفة، وهذه الألقاب في أحايين كثيرة تتغلب على الاسم الرسمي وتغطي عليه وربما تمحوه من الذاكرة.. إذن كم من الناس يعرفون أن على قاقرين إسمه (حيدر حاج الصديق) ؟ .

وهناك أمثلة كثيرة للاعبين نجهـل أسمائهم الحقيقية بفعل التداول المكثف للقب على حساب الاسم الرسمي.. بينما يتواري الاسم الحقيقي ولا يكون معروفا إلا لدي المقربين وفي إطار التعامل الرسمي، كمكان العمل أو المدرسة والجامعة أو نحو ذلك والألقاب قد تكون أسماء لحيوانات أو طيور أو زواحف وغير ذلك (كالدحيش والضب والأسيد وكديس.. فوزي الأسد.. بطه.. كلبو) أو اسما لمكان معين (كالصبابي.. أبوروف.. المهدية.. أبوسعد.. الهاشماب) أو أسماء لبعض النباتات (كقرن شطه ..سنطه.. نبقه.. صمغة) وحتى السيارات والآليات تم تداولها مثال ذلك (مازدا والبلدوزر والدبابة والدفار) ولا تقتصر الألقاب على ذلك فقط ، فحتى (إبليس وشوطين والساحر) قد وجدوا طريقهم إلى ملاعبنا .

أما (أبو ناتولة وأبوعشراقة وعوج الدرب وعجب أمه وكدوس) وغيرها من الالقاب التي لا يمكن فهمها إلا من خلال إجترار لحظة تكونها حيث يستعصي كثيرا حصرها.. لكنك قد ترى فيها مالم يخطر على بال طالما أنها تتسم بهذه العفوية والتلقائية.

وعليكم أعزائي تأمل هذا العنوان الذي ورد بصحيفة الصحافة في زمن مضى حينما التقى الهلال العاصمي بهلال الحصاحيصا في مناسبة انتقال لاعب الحصاحيصا ( عروه) للهلال العاصمي حيث جاء.. (الهلال يهزم الهلال 1/ صفر.. الدحيش يحرز هدف المباراة وإبليس وشواطين يتألقان) ماذا لو حمل أحدهم هذا العدد من صحيفة الصحافة وتوجه بها إلى قطر عربي بطائرة ذلك الصباح.. تري ما الذي كان سيدور في خلد من يقـرأ ذلك العنوان؟.

الإعلام بإعتباره أداة إنتقاء وتعليم كان ينبغي عليه الأ يتداول هذه الألقاب، خاصة ذات المداليل التي لا تتناسب مع الذوق العام.. حتى لا يكرس لبعض الصور السالبة التي قد تصاحب هذه الألقاب، خاصة الرديء منها.. فالإنسان أكرم من أن يكون (إبليسا أو شيطانا أو حيوانا) وهذا ما حدا بمدير التلفزيون الأسبق المهندس/الطيب مصطفى لأن يصدر أمرا بعدم تداول الألقاب الرياضية من خلال شاشة التلفزيون.

كثيرون عارضوا هذا الإجراء من الرجل.. لكنني أعتقد أن الرفض جاء لمجرد أن الرجل حجر على إلف معتاد.. والنفس دائما ما تتمرد على ما يخرجها من إلفها الذي وقر فيها.. لكننا لسنا وحدنا في ذلك فكثير من لاعبي البرازيل طغى اللقب على أسماءهم الحقيقة حتى باتوا لايعُرفون إلا بألقابهم.. وقد تندهش أخي حينما تعرف الأسماء الحقيقية لهؤلاء النجوم المشاهير.. بيله هو (أديسون أرنس دوناسيمينتو) كافو هو (ماركوس إيفانجليستا دومورايس) كاكا هو (ريكاردو أزيكسون دوس سانتوس لينتي) زيكو هو (أرثر أنتونيس كواميرا) رونالدينيو هو (رنالدو دي أسايس موريرا).

معذرة : حتى انا فقد نالني لقب (شكوكو) ولهذا قصة قد أرويها في اوان آخر .
.........
ملء السنابل تنحنى بتواضع .. والفارغات روؤسهن شوامخ
........
shococo@hotmail.com



امسح للحصول على الرابط
بواسطة : صلاح شكوكو
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019