• ×
السبت 20 أبريل 2024 | 04-18-2024
اماسا

ما للمريخ .. وما للأفراد !

اماسا

 0  0  7843
اماسا




نبحث عن ملامح أندية كبيرة في قمة الكرة السودانية بعد أن أقنعت العالم من حولنا بأنها اندية جماهيرية تنافس على الإستحقاقات الكبيرة على مستوى القارة الأفريقية، ولكي نتحدث عن (ناد كبير) في المعنى والمصطلح، لابد أن يكون ذلك عبر السلوك الإداري والجماهيري المقنع، وما يعيشه الناديين اليوم من مشكلات يضعهما في مكانة الأندية البدائية الهمجية التي لا تعترف بالثوابت في كرة القدم على مستوى العالم، وعندما نقول أن النادي الفلاني يرفض أن يكون ضمن منظومة كرة القدم العالمية في المفاهيم الإدارية وتفاصيل الممارسة ومناهجها، متقيداً بضوابط وثوابت ومتغيرات هذه الإمبراطورية فذلك يعني أننا نجتهد خارج المضمار، وسنركض في سباق لا يعرف أحد أين ينتهي وما هي النقاط التي تقارن بالآخرين حتى نعرف أين نحن.. ومن ثم نقيم ونحدد ما سنفعله لنخطو خطوة أخرى للأمام..

المريخ تحديداً يعيش ظروفاً عصيبة للغاية، وقد تكون أكثر تعقيداً من المستوى الذي يتخيله المتلقي والمشجع وعضو الجمعية العادي، وسلسلة من المحن الكبيرة كلها أو جلها من صنع أيادي منسوبيه، لأنهم لا يفرقون بين المشكلة التي يمكننا إعتبارها من مشكلات النادي المزمنة، وتلك التي تنسب لمجالس الإدارات، ولكي أقرب وجهات النظر أدلف إلى تفصيل قد لا يعجب البعض، ولكنه ضروري.. مثلاً: هذا النادي به مشكلة موارد منذ تأسيسه، واعتمد في ذلك على جيوب الأفراد والأثرياء واختلفت الحقب بحسب ثراء من يجلس على كرسي الرئاسة.. إن كان ثرياً إتسم العمل بالإستقرار الفني والإداري لأن البعض يعتبر المال هو جوهر العملية الرياضية دون النظر للمؤثرات الأخرى، بينما يعتبر آخرون أن العقل هو ما يخلق فيها الإبداع والتفرد، وأنا ضد فكرة إعتبار المال كل شيء في المريخ تحديداً، أو في أي نادي جماهيري في ظل المستجدات التي طرأت حول العالم، والتطور الذي شهدته قضايا الإدارة الرياضية من مرحلة لأخرى حتى وصلنا إلى نماذج الإحتراف التي وضعت إطاراً معقولاً وحلولاً دائماً للمشكلات، ووضعت الأندية كلها بما فيها المريخ أمام خيارين فقط لا ثالث لهما:

الخيار الأول: إعتناق الفكر الإداري الإحترافي ووضع كل التفاصيل في هذا الإطار.

الخيار الثاني: أن نختار أنماط الهواية ونقبل بالتصنيف الذي يضع المريخ والهلال والعشرة والزهرة تمبول والزهرة ربك والزمالة أم روابة والجوهرة الهلالية والنضال برنكو جميهم في مرتبة واحدة.. يديرها أفراد أثرياء لا يتقيدون بأية نظم يمكن أن تقربهم من أندية داخل القارة أو خارجها.. وأن نقبل بالحرمان من المشاركة في دوري أبطال أفريقيا مستقبلا، وكثيراً من المزايا التي ستشفر على الأندية المحترفة فقط.

إذن مشكلة شح الموارد وإغلاق ملفات الإستثمار وإشاعة الرعب من هذا الملف هي مشكلة المريخ الكيان الكبير وليست مشكلة لجنة التسيير أو جمال الوالي، ويجب على جماهير المريخ وأقطابه وإعلامييه أن يغوصوا عميقاً لإكتشاف أو الإقتناع بأن الأسلوب الذي أدار به جمال الوالي هذا النادي طيلة ال13 سنة التي قضاها رئيساً كان أسلوباً إستثنائياً لن يتكرر بذات الكيفية حتى لو عاد هو نفسه وعادت عجلة الزمن في دورانها إلى الوراء، فقد إختلفت الكثير من خيوط اللعبة حتى على المستوى الشخصي للوالي نفسه.. لم تعد الأشياء هي ذاتها كما كانت عندما اندفع في مشروع تطوير منشآت ومرافق النادي.

تلك الفترة أصبحت جزء من تأريخ مضى بحلاوته ومرارته ويجب علينا الإنتقال إلى خطوة تالية، ذلك لأن معظم الذين ينتقدون لجنة التسيير الآن يطالبونها بأن تسير المريخ بذات النمط الذي كان في عهد جمال الوالي.. وهذا الامر صعب.. ما لم يكن مستحيلاً.. وإذا عاد جمال سيجد ذات المشكلات التي أجبرته على الإستقالة أكثر من خمس مرات موجودة وقد تضخمت بصورة مرعبة.. وبالتالي لا حلول بالكيفية التي نحاول بها الآن وعلينا تغيير خطة اللعب وطريقة التفكير.. بالتفريق أولاً بين المشكلات التي تخص نادي المريخ ككيان، والمشكلات التي تخص الأفراد الذين يتطوعون لإدارته.. ومشكلة الموارد في رأيي هي مشكلة المريخ بغض النظر عن الذين يدخلون مجلس إدارته.. تعيينا كان أو إنتخابا.. ولو جئنا بقيادي من (صقور) الحزب الحاكم بحيث أنه يحصل على دعم شهري سخي من الدولة والحزب، فالأمر لا يعدو أن يكون تخديراً موضعياً، أو حلول مرتبطة بظروف معينة لا تلبث أن تعيد الأزمة إلى مربعها الأول، ومع الظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد لن تجد الدولة داعمة في كل الأحوال.. وسنجد أنفسنا مجبرين على التعامل مع ملفات الإستثمار والموارد بعقلية اليوم.. وليس الأمس.

الحديث عن الموارد والإستثمار اليوم يختلف كلياً عن الأمس.. والحديث عنها في 2003 كان مغايراً عن 2015، بسبب أن النخبة السودانية على المستويين السياسي والرياضي مصابة بداء قصر النظر ومتلازمة العمل بنظرية رزق اليوم باليوم ولم نحظ بمن يسبق العصور بنظره يقرأ التطورات التي ستطرأ والمتغييرات التي ستبدل الأمور لذلك أرى أنه من الضروري تصحيح أوضاع القيادة المريخية، بحيث تصبر القيادة على لجنة التسيير والضغط نحو قيام الجمعية العمومية بدلاً عن إعادة إنتاج الأزمات بالبحث عن لجنة تسيير أخرى.. تعقبها لجنة تسيير ثالثة تجعل المريخ يتخبط ويدور في فلك تغييرات همجية تستند على مزاجات أفراد لا يجيدون قراءة التأريخ والواقع.

المريخ في محنة حقيقية.. وتتبلور هذه المحنة في أنه يعاني من مشكلات في جوانب جوهرية.. بينما يدور الجدل والنقاش في مواضع أخرى لا علاقة لها بالمشكل الأساسي.. والمشهد برمته يتطابق مع حالة شخص مريض في حالة متأخرة بفعل الملاريا.. أخذوه بالإسعاف إلى طبيب وضع له لاصقاً للجروح في إصبعه فكان المرض شيئاً مختلفاً كلياً عن العلاج.. وبالتالي تتفاقم الحالة ويزيد الهذيان.. وتصعد الملاريا إلى الرأس.. ويصبح الوضع أخطر.
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : اماسا
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019