قد لا يصدق الكثير من الناس أن ليستر سيتي الذي يتصدر الدوري الإنجليزي هذا الموسم وبعد مرور 25 جولة كان يقبع في المركز الأخير في نفس هذا التوقيت من الموسم الماضي.. والمركز الأخير في الدوري الإنجليزي هو المركز العشرين بإعتبار ان البريمرليج يضم 20 ناديا.
25 جولة في الموسم الماضي ومركز أخير.. 25 جولة هذا الموسم وصدارة مدهشة.. ما يقوم به الفريق الصغير حتى الآن يُعتبر محيرا ومفاجئا لأننا نتحدث عن بطولة تضم الكثير من الأندية الكبيرة مثل مانشستر يونايتد وارسنال ومانشستر سيتي وليفربول وتشلسي.. وأن يكون ليستر صاحب الإمكانيات المادية المتواضعة في مركز أعلى من هذه الأندية الكبيرة وتحديدا في المركز الأول (ولو مرحليا) فهذا أمر إستثنائي ولا يُصدق.
في النهاية قد لا يفوز ليستر سيتي بالدوري ولكن المؤكد أنه اعطى الأمل للكثير من الاندية التي لا تمتلك سلاح المال بأن هناك إمكانية بأن يزاحم الصغار الكبار بشكل أكثر قوة وشراسة.. وعندما أقول بشكل أكثر قوة فإنني أتحدث عن المنافسة الحقيقية لأن الاندية الصغيرة في أي دوري في العالم يمكنها أن تفوز على البطل أو المتصدر في المواجهات المباشرة ولكنها لا تستطيع الدخول في صراع المنافسة على اللقب.
ودخول ليستر بإمكانياته المالية المتواضعة (بالمقارنة بإمكانيات الأندية الكبيرة) في المنافسة على اللقب يجب أن يُحفز جميع الاندية الصغيرة في العالم ومن بينها اندية الدوري الممتاز في السودان والتي كانت ولا تزال تكتفي بلعب الادوار الثانوية او الهامشية في المنافسة.. مع الإشارة إلى أن الوضعية في السودان سيئة جدا بالمقارنة بالدوريات الأخرى لأن لقب الممتاز وكما هو معروف لم يخرج على الإطلاق من منطقة (هلال مريخ).. وإذا القينا نظرة لجميع الدوريات في العالم سنجد أن هناك نادي يكسر هيمنة الناديين الكبيرين في كل فترة كما فعل فالنسيا عامي 2002 و2004 وكما فعل اتلتيكو مدريد عام 2014.
وفي السودان الموضوع لا يتعلق بإنحصار اللقب في القطبين الكبيرين فقط.. حتى المنافسة غير موجودة.. فلا يوجد نادي تجرأ ونافس الهلال والمريخ بشكل حقيقي على لقب الدوري بغض النظر عن مسألة الفوز به.. فمع بداية الدورة الثانية يبدأ الهلال والمريخ بالإبتعاد التدريجي عن الأندية الأخرى مع بقاء الخرطوم الوطني والاهلي شندي في منطقة ليست بالبعيدة ولكنها ليست بذلك القرب الذي يجعلهما منافسين حقيقيين على اللقب.. وأذكر أنه قبل موسمين كان الخرطوم الوطني متصدرا في الدورة الأولى ولكن بمجرد بداية الدورة الثانية بدأ في التراجع بشكل كبير والمنافسة الحقيقية على اللقب تكون في الدورة الثانية.
والاهلي شندي الذي سيلعب غدا مع الهلال نجح كثيرا في الفوز على الهلال والمريخ في المواجهات المباشرة.. وفي الموسم الماضي فشل الهلال في الفوز عليه في الدوري الممتاز ولكنه إقتنص منه فوزا صعبا في بطولة كأس السودان بفضل هدف بشة.. ولكن هذا الفريق ورغم أنه يجد دعما كبيرا من صلاح إدريس والذي يعتبر راعي الفريق إلا أنه لم ينجح في دخول معمعة المنافسة على اللقب التي كانت ولا زالت حصرية على ثنائي القمة.
دوري سوداني الممتاز وحتى ينتعش بحق وحقيقة لا بد أن يتسع الصراع على اللقب ليشمل ثلاثة أو أربعة أندية حتى ولو فاز الهلال أو المريخ باللقب في النهاية.. فمجرد دخول أندية أخرى في محور الصراع وبشكل حقيقي فإن هذا الأمر سيُثري المنافسة وسيكون بداية لتغيير المنافسة النمطية وسيشجع الأندية على المزيد من العمل والتطوير وسيرفع من الطموحات.
ما يقوم به ليستر سيتي في انجلترا جعلني أتساءل.. من يلعب دور ليستر في دوري سوداني الممتاز؟.. أو من الذي يستطيع أن يلعب دور الفريق الإنجليزي المدهش؟.. بكل تأكيد لن نتوقع أو نطلب من أندية مثل الأمير البحراوي أو مريخ نيالا أن تحقق هذا الشيء ولكننا نتمنى أن تنجح أندية مثل اهلي شندي والخرطوم الوطني وهلال الأبيض في صناعة الحدث بالدخول وبقوة في محور الصراع على اللقب.. ورغم أن هذه الأندية تعتبر معروفة بالمقارنة بحالة ليستر في البريمرليج ولكنها لا تعتبر أندية كبيرة بالمعايير السودانية.. فعندما نقول الاندية الكبيرة في السودان فإننا نعني الهلال والمريخ فقط!
الخرطوم الوطني يرعاه جهاز الامن والمخابرات وهلال الأبيض يرعاه والي ولاية شمال كردفان احمد هارون واهلي شندي يجد رعاية خاصة من صلاح ادريس.. بمعنى ان هذه الاندية تمتلك سلاح المال ويمكنها ان تهدد ناديي القمة.. مع ملاحظة أن مستويات الهلال والمريخ تراجعت بالمقارنة بالسنوات الماضية.. وهذا يعني أن هناك فرصة حقيقية لدخول أكثر من نادي في محور الصراع مع القمة.
شخصيا اتمنى ان يأتي يوم ويصبح فيه دوري سوداني الممتاز مثل دوري عبد اللطيف جميل السعودي للمحترفين.. ففي آخر سبعة مواسم فازت خمسة اندية بالدوري وهي النصر والهلال والإتحاد والشباب والفتح.. وهذا أمر يدعم المنافسة ويجعلها اكثر جاذبية وإثارة.