• ×
الخميس 28 مارس 2024 | 03-27-2024
عبدالحي ابو زيد

انكفاءة الحزن مع لهيب الشوق

عبدالحي ابو زيد

 0  0  9472
عبدالحي ابو زيد
البعكوكة
انكفاءة الحزن بلهيب الشوق
عبدالحي ابوزيد
البحث عن الخلود لايتأتي الا بالبحث عن التفرد الذي يعطي لك الاحقية في تسجيل اسمك على ناصية التاريخ .. وكثير هم مبدعي بلادي الذين وضعوا بصماتهم على خارطة الوطن بارساء قيم واصالة باعمالهم المتميزة والتي كانت لها حضورها الطاغي واستلبت مشاعرنا وتعمقت في احاسيسنا وانكفأنا نجترها في كل الاوقات .. ولاننا شعب ذواق يحب الكلمة الصادقة ويتفاعل معها لذا فان المعطيات تكون لها تأثيرها الوجداني ..
بالامس جاءت الذكريات المرة لتلهب فينا بمواكب احزانها النبيلة بأن ننكأ الجراح ونعيش السواد ونذرف الدموع انهارا ولوعة الفراق يتماهي في دواخلنا ويكبر ليكبلنا ونحن نواسى انفسنا بتلك الاعمال الخالدة التي رسمت خطانا في محيط الالام والاحزان لكنها بلغت ما بلغت من التمدد في قلوبنا لتجبرنا على الوفاء لمن كان لهم عطاء وافر في ظل كل الاحباطات التي مرت بنا منذ سنوات لكن كل ذلك لم يفتر من توسدنا للامل كغاية نتمسك بها .. فان كان يوم امس الذي جاء يحمل ذكرى الرحيل المر لاثنين من الفنانين الشباب الذين افنوا حياتهم القليلة التي مرت كمر السحاب في استلاب قلوبنا بالكلمة الصادقة واللحن الشجي فاننا نقف عاجزين عن تفسير ماكان يريده كل من الفنان مصطفى سيد احمد ومحمود عبدالعزيز رغم كل ما قدموه من اعمال .. فالفنان مصطفى سيد احمد جاء في زمن استثنائي يحمل في جوفه رسالة حاول توصيلها لوجدان الشعب السوداني فتعامل مع المفردة كمضمون فاختار منها الكلمة الحرة الطليقة التي جلبت له المعاناة لكنه كان يؤمن بخطه فناضل وتوجع بها كثيرا ولم ييأس لانه وجد من يدفعه الي التألق من الشعراء الشباب الذين لهم خاصيتهم الشعرية المتفردة فكانو هم زاده لبناء مشروع يكون له حضور وعلامة فارقة في وجدان الشعب السوداني .. واستطاع في وقت وجيز ان يحقق احلامه ويمتطي صهوة الابداع ويصنع له جمهور آمن بفنه الراقي .. فهذا الفنان كان عميقا في مفرداته كأنه يرسم لوحة تشكيلية فيها الكثير من التأمل .. فجاءت اكثر اعماله تأثيرا على العامة اغنية (عبدالرحيم) التي تلقفتها الاذن السودانية لما تحمله من مضامين معبرة عن واقعنا الاجتماعي وأظنها كانت جواز العبور الابداعي ليعتلي افئدتنا ويثير فينا كوامن الشغف لتلقي المزيد من اعماله التي بقت في سجلات الخالدين .
كما كان ذكرى يوم السابع عشر من يناير حزينا على الرحيل المر لعشاق مصطفى سيد احمد فانه كان مختلفا بالنسبة لعشاق الفنان الراحل محمود عبدالعزيز فهذا الفنان له ايضا لونية خاصة تفرد بها دون غيره من الفنانين المعاصرين فان كان محمود قد الهب مشاعر عشاقه من الفنانين فان الشوق يظل قائما في القلوب التي ما ظلت تئن من وطأة فراقه وما زالت الصدمة واقعة على الكثيرين من هؤلاء الشباب باعتبار ان محمود او (حوته كما يطلقون عليه) كان هو الملاذ لتجسير الامهم واحزانهم وطموحاتهم وتفجير طاقاتهم .. محمود لمس شغاف القلوب وعرف كيف يؤثر عليها بما يملكه من ابداع مطلق في الكلمة واللحن والصوت فاختلف عن غيره بأن صنع جمهوره بنفسه دون ان يصنعه الجمهور وكانت تلك معادلة صعبة وهو ما اجاز له ان يملك تلك القاعدة العريضة التي كانت تحل معه اينما ذهب .. فكثيرون هم الفنانين الشباب الذين كانوا في مراحل عمره الزمني لكنه اعتلى المجد في بواكير حياته الفنية واستطاع ان يتفوق على ذاته وهو يقدم ما يريده الشباب في قالب وجداني يترجم احاسيسهم ومشاعرهم .. كان يوم امس على الحواته صعبا وهم يعيدون الاوجاع المرة في ذكرى الرحيل الذي مر عليه ثلاث سنوات .. لكن الاجمل والامثل والامتع في جماهير الحوت انهم قد حولوا تلك الاحزان الباقية في قلوبهم الي مشروع خيري ضخم يجسد الفعل الذي عاش عليه محمود عبدالعزيز رحمه الله الذي كان رؤوفا ورحيما وباذلا على الضعفاء والمساكين واهبا نفسه لاعمال الخير . فانهم بذلك يواصلون الوفاء لمن اجزل العطاء في واحدة من الملامح الاجتماعية السامية .. تلك صورة مثلى لما يتمتع به شعبنا الذي نتفاخر به وهو يقدر مبدعيه ويخلد ذكراهم بالكثير من المعاني ا
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالحي ابو زيد
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019