لا ادري ايهما أكثر غرابة.. أن يتحول نادي تشلسي مع مورينيو من فريق بطل في شهر مايو الماضي إلى فريق تفصله نقطة عن منطقة الهبوط في ديسمبر من نفس العام أم أن يفكر مجلس المريخ في تنظيم مهرجان غدا الأحد ويكون عنوان هذا المهرجان الإحتفال باللاعبين الجدد والفوز ببطولتي الممتاز وكأس السودان؟
مورينيو تمت إقالته.. وهو قرار متوقع.. فالفريق بعد أن كان يقدم أشياء كبيرة أصبح لا يقدم (أي شيء).. أما المريخ والذي لم يفز بأي شيء في الموسم الماضي فإنه يريد أن يحتفل بالفوز بالدوري الممتاز وكأس السودان في قوة عين غريبة.. مع أن راعي الضان في الخلاء كما يقول رمضان يعلم تماماً ان المريخ لم يستحق لقب الممتاز ولم يمتلك في الموسم الماضي مواصفات الفريق البطل.. فقد خسر خمس مباريات (ولو لم ينسحب الهلال لإرتفعت خسائر المريخ إلى ست).. من جهة أخرى الإحتفال بلقب كأس السودان يُعتبر أمراً مضحكا بإعتبار أن الهلال لم يأتي إلى الملعب من الأساس..!
نترك المريخ الفرحان ونتحدث عن قرار إعادة مازدا كمدرب.. وهو القرار الذي يجعلني أعود إلى جزء من مقال كتبته بعد أن إستقال مازدا بعد الخسارة الكبيرة أمام الجابون عبر التلفزيون وعلى الهواء مباشرة.. قلتُ بعد إستقالة مازدا الكلام التالي (إستقال مازدا.. ولكن هذه الإستقالة لا تعني أنه إستوعب الدرس.. فهذه ليست المرة الأولى التي يستقيل فيها مازدا.. فقد إستقال أكثر من مرة وعاد بعد ذلك لقيادة المنتخب تحت بند الوطنية.. حيث نداء الوطن والشعارات المحفوظة إياها... بمعنى أنه ربما يعود مرة أخرى).
وبالفعل.. عاد مازدا للمرة المليون.. ليتأكد من جديد أن قصة مازدا مع المنتخب عبارة عن ساقية جحا.. يرحل ثم يعود.. يغادر ثم يستلم مقاليد الأمور من جديد.. وهذا الشيء يؤكد أن هذا الإتحاد الذي يتحجج بقلة المال يرزح تحت وطأة الغباء.. فقد قال اينشتاين الغباء هو أن تفعل الشيء مرة بعد مرة وتتوقع نتيجة مختلفة.
المنتخب في السنوات الثلاث الماضية كان فاشلاً على كل الجبهات.. خاض أربع تصفيات فشل فيها بنفس الطريقة.. بل بنفس التفاصيل.. وهذا الأمر يُحسب على مازدا.. وأنا هنا لا أتحدث عن طريقة إدارته للمنتخب من ناحية فنية أو تكتيكية.. وإنما أتحدث عن فشله الواضح في أن يكون مدرباً مؤثراً.. والمدرب المؤثر في رأيي ليس هو المدرب الذي يمتلك الشهادات التدريبية المعتمدة (فقط) أو الذي يمتلك الخبرات الكبيرة.. المدرب المؤثر هو المدرب الذي يمتلك الكاريزما.. بمعنى أن يكون صاحب حضور وجاذبية وقدرة على التأثير إيجاباً بمن حوله.. إذا كان هذا التأثير على اللاعبين لتقديم أفضل ما عندهم من ناحية.. أو تنمية الروح الوطنية في دواخلهم وبالتالي النجاح في إمتحان إعلاء راية المنتخب وتحويل اللعب بشعار المنتخب من مجرد واجب ثقيل إلى فخر عظيم.. وهناك تأثير أكثر إتساعاً وهو التأثير على المسؤولين في الإتحاد العام من خلال إيجاد السبل الكفيلة بمعالجة مشكلة (عدم الإهتمام بالمنتخب).. لاحظوا أننا لا نتحدث عن مجرد مدرب للمنتخب.. وإنما عضو في الإتحاد العام.. بمعنى أنه من الناحية النظرية يُفترض أنه شريك بشكل أو بآخر في (بعض) القرارات.
مازدا أصبح مثل محمود الكذاب.. في كل مرة يشتكي من الأوضاع المالية المزرية في المنتخب ويرحل وهو غاضب ثم يعود إلى المنتخب بذات اوضاعه المالية المزرية ليشتكي من جديد من الأوضاع ويرحل ليعود من جديد وهكذا وهكذا.. أمر مدهش وغريب.
معتصم جعفر قال في إحدى الحوارات التلفزيونية أن المال هو سبب عدم التعاقد مع مدرب أجنبي.. شخصيا ضد التعاقد مع مدرب أجنبي لأسباب كثيرة وقد ذكرتها في مقالات سابقة.. ولكن أقول لمعتصم جعفر لنفترض أن المال هو سبب عدم التعاقد مع المدربين الاجانب.. ألا يوجد مدربين وطنيين غير مازدا؟.. لماذا الإصرار على مازدا دون غيره من المدربين؟
تجربة مازدا نجحت في فترة من الفترات وقد أشدنا بهذا المدرب والذي لا نقلل من كفاءته على الإطلاق.. ولكن لأسباب أو لأخرى أصبحت هذه التجربة فاشلة في السنوات الأخيرة.. بالتالي فإن التغيير لا يكون بتعيين مدرب مؤقت وغير متفرغ لمدة شهرين ثم العودة من جديد إلى مازدا.. التغيير يكون بالتعاقد مع مدرب وطني جديد ليجرب حظه.. أو التعاقد مع مدرب عربي.. فأنا ضد التعاقد مع المدربين الأجانب من أوروبا وأمريكا الجنوبية.. ولكن المدربين العرب يمكنهم أن يُشكلوا إضافة معقولة للمنتخب.. مع التأكيد على أن مشكلة المنتخب الرئيسية ومشكلة الكرة السودانية بشكل عام هي عدم وجود مراحل سنية.. لهذا تدور المنتخبات والأندية في فلك الفشل.
مازدا رجع في كلامه.. ولكن هذا ليس مربط الفرس.. مربط الفرس يتعلق بقادة الإتحاد العام.. متى سيتوقفوا عن تناوُل حبوب منع الخجل ويتقدموا بإستقالاتهم؟.. الواقع يقول أنهم لم يقدموا أفكار تفيد الكرة السودانية.. ولم يستطيعوا أن يُبدلوا نظرة الدولة النمطية للمنتخب.. رغم أن هذا المنتخب هو منتخب السودان.. وبكل تأكيد فإن قرار إعادة مازدا دليل جديد على إفلاسهم وجمودهم وربما غبائهم.
مخلص فى عمله وشاطر وما طماع وشخصيته ممتازة