في مقالي السابق قبل شهر ... بعنوان الانسحاب والحل التافه !! قلت أن الانسحاب اذا لم يؤدي لتغيير ولو جزئي في منظومة الاتحاد العام ولوائح كرة القدم المعيبة فسوف يكون الخاسر الوحيد الهلال ... والمستفيد الأكبر نده ووصيفه الدائم المريخ الذي سوف يلتهم الكعكة دون أن يغمض له جفن أو يتحسر على ضياع القانون !!
وقلت أن الهلال كان يمكن أن يدير هذا الملف بطريقة احترافية وقانونية ويضمن بالتالي نجاح العمل تماما دون أن يتضرر الهلال بالانسحاب !!
لكننا احترمنا رأي مجلس الهلال والتفاف جمهور الهلال حول مجله وتأييده للقرار.
و في النهاية رجعنا كما قلت للحلول التافه ولأن الرياضة جزء من كل فإن البلاد كلها تعمل بنظام الحل التافه .... حيث أننا لم نسمع بأحد يطبق القانون حتى رجال القانون أنفسهم وهم القضاة والمحامون ووزارة العدل ورؤساء اللجان العدلية والمفوضية وووو...الخ !! لذلك لا يستغرب أحد أو يتململ من هذا الحل التافه الذي ثبتته أعلى سلطة رياضية ألا وهي الجمعية العمومية !!
هناك مجموعات أشبه بالعصابات تدير بعض أعمالنا الرياضية والسياسية وكل طرف من هؤلاء لديهم مصالح مشتركة ولذلك يسعى الجميع الحفاظ على مصالحهم الذاتية حتى لو كانت الضحية هيبة الدولة أو ضياع القانون أو تكريس حلول الجودية التافهة بعيدا عن القانون !!
ما قام به وزير الشباب والرياضة وبمباركته لعمل الاتحاد العام دون أي دراسة أو فهم لطبيعة المشكل وهو الذي يجهل كل شيئ عن قوانين كرة القدم وكيفية إدارتها نسبة لحداثة عهده بهكذا عمل وما قام به وزير العدل ثم ما جاء من تدخل البرلمان في عمل لا علاقة لهم من بعيد أو من قريب سوى المصالح المشتركة في قسمة السلطة والثروة وما فعلته المفوضية من فوضى في تفسير القانون وتحريفه ورمي القنبلة بعيدا عن جسمها لتقع في قاعة الجمعية العمومية التي كرست الحل التافه وقننته وجعلته حلا قانونيا رضي به الجميع كل حسب نصيبه في قسمة الثروة والسُلطة !!
بالكو
الكل خاسر بهذا الحل التافه الذي أنتهى عليه هذا المشهد الحزين ويمكننا أن نصنف المشاركين في هذا الحل التافه كما يلي:
خسر الاتحاد العام وأثبت للجميع أنه أسوأ اتحاد كرة قدم في أفريقيا وربما في العالم وأن رجال الاتحاد العام أضعف من أن يديروا كرة القدم في البلاد ناهيك أن يطوروها!
خسر قضاة اللجان العدلية وهم يفشلون في تكريس القانون وحاكمية القانون ويفشلون في تفسير لوائح واضحة مما جعلهم محل تهكم وسخرية وتندر !!
خسرت وزارة الشباب والرياضة وهي تفشل في تطبيق القانون ومحاسبة أو مراقبة عمل الاتحاد العام وتخاف الاقتراب من مكاتبه بفزاعة اسمها الفيفا وأهلية الحركة الرياضية بينما الحقيقة غير ذلك وكما ترون رئيس إمبراطورية الفيفا نفسه مسجون وموقوف ورئيس الاتحاد الاوروبي كذلك موقوف ورؤساء اتحادات قارية وأعضار كبار في لجان الفيفا المختلفة تم توقيف بأوامر من حكومات أمريكا أو سويسرا !
خسر البرلمان ممثل الشعب والذي يفترض فيه أن يكون أكثر جهة تقف مع القوانين وتطالب بتطبيقه بكل حزم وشفافية لكنها مصالح تقسيم الثروة والسلطة!
خسرت المفوضية لفشلها في تطبيق القانون وبالتالي أفقدت الثقة بنفسها ويرجى منها مستقبلا أن تفعل ذلك .
خسرت الأندية التي سكتت عن الحق ورضيت أن تكون في مقاعد المتفرجين في موضوع يخصهم جميعا .

خسر المريخ وهو يرضى بأن يأكل الميتة والدم !!! خسر المريخ النادي العريق وهو يشتري موسم ميت بثمن بخس !! خسر المريخ وهو يقبل أن يتوج ببطولات ميتة على أنقاض القانون !! أكبر الخاسرين من رضي أن يكون من المتفرجين ليغنم بكأس ميتة في النهاية وكما حدث من قبل في قضية التجنيس الشهيرة الذي كافح الهلال من أجلها وكسبها بالقانون وبعد أن كان وصيفنا من المتفرجين بل من الداعمين للاتحاد العام ضد الهلال لكنهم كانوا أول نادي يستفيد من التجنيد بعد أن كسب الهلال القضية لدرجة أنهم سجلوا في موسم واحد ثمانية محترفين نصفهم مجنسين وهذا اعتقد أنه من أكبر عيوب إدارات المريخ التي تقف دائماً في الضفة الأخرى من الهلال في أي قضية حتى لو كانت في مصلحتهم ومصلحة الرياضة السودانية !!

أقل الخاسرين هو نادي الهلال ولا أريد أن أبالغ وأقول لم يخسر الهلال أبداً من هذا الانسحاب لكنه أقلهم ضرراً ولأن الهلال هو القائد والرائد فمن الطبيعي أن يفعل ذلك ويتحمل من أجل مصلحة السودان ورياضة السودان أن يضحي بمجرد بطولة تدار في لجان الإنقاذ والاستنقاذ !! الأمر أكبر من دوري غير ممتاز وكأس سودان شبه ميتة !! قضية الهلال أكبر من الفوز بلقب إن فقده الهلال لن يفقره وإن ظفر به الوصيف بهكذا طريقة فلن يغنيه ولا يضيف إليه غير السخرية والاستهزاء !!

والهلال ضرب عدة عصافير بحجر حيث حرك الساكن واثبت للحكومة أنه كبير البلد ونادي جماهيري فعال وليس قوال فقط واثبت لاتحاد خرمجة القدم أن الهلال حامي الأندية الضعيفة ولن يرضى بالظلم بعد اليوم وأن ما حدث هو مجر مناظر والقادم أسوا إن لم يغيروا ما بأنفسهم وعملهم , ومجلسه أثبت للجميع أنه أقوى مما تصوروه المرجفون في المدينة والهلال أثبت للمريخ أن قضيته أكبر من لقب فاز به عشرات المرات من داخل الميدان !!
بعض الخاسرين هم أقلية من بني جلدتنا الذين جاسوا خلال الديار وجاهدوا كي يصطادوا في الماء العكر بل وحاولوا زيادة تعكير الماء لكن خاب فالهم وطاشت سهامهم وارتدت إليهم وباتوا اليوم يرددون مع كبيرهم عن خسائر الهلال ورئيسه ومكاسب المريخ !!

أكبر الخاسرين هي كرة القدم السودانية وكذلك أكبر الخاسرين هي السلطة الرابعة التي فشلت في أن تخلع رداء الحزبية وتقف مع الحق والقانون !!

لكن في النهاية الحل الذي حدث يشبهنا ويشبه كُورتنا تماما !!