بمجرد إنتهاء مباراة منتخبنا الوطني ونظيره اليوغندي إنتشرت الكثير من المنشورات الغاضبة في موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك بسبب الخسارة بإعتبار أن الخسارة داخل الأرض وأمام منافس متوسط.. الكل بدأ يهاجم في الإتحاد العام بلهجة غاضبة وإنفعال كبير.. كما أن الغضب لم ينحصر في فيس بوك فقط.. فقد إنفعلت بعض الجماهير بالمقصورة الرئيسية وهتفوا ضد المسؤولين في الإتحاد العام (الذين شكلوا غيابا كبيرا عن المباراة) وطالبوا بعودة دكتور كمال شداد بالهتاف الشهير عائد عائد يا شداد.
الرجل المثير للجدل محمد سيد أحمد والذي كان حاضراً للمباراة وجد نفسه في مرمى النيران فقد هاجمته الجماهير بعنف وطالبت بطرده والمؤكد أن الموضوع لا يتعلق بإخفاق المنتخب.. ف(لسانه الطويل) هو السبب!
طبيعي أن يُحّمل الجمهور الإتحاد العام ما يحدث.. فالإتحاد وكما كتبنا كثيراً هو أس الداء وأساس البلاء.. ولكن غير الطبيعي هو الوصول لمرحلة كبيرة من التشنج والإنفعال.. فالخسارة في مباراة الذهاب كانت متوقعة.. والخسارة أمس الأول ايضاً كانت متوقعة.. فالمنتخب الوطني منتخب خاسر حتى قبل أن يلعب.. لأن العقلية خاسرة.. كما أن المنتخب كالعادة يخوض المباريات المهمة دون أي إعداد من أي نوع.
وكيف لا تكون العقلية خاسرة والإتحاد العام يعيش الإخفاقات في كل تصفيات.. إخفاقات في تصفيات كأس العالم.. إخفاقات في تصفيات كأس الأمم الأفريقية.. إخفاقات في تصفيات كأس الأمم الأفريقية للمحليين.. الإتحاد يعيش ويشاهد هذه الإخفاقات دون أن يحاول تغيير هذا الواقع بالإهتمام بالمنتخب إهتمام يليق به كواجهة للبلد.
المسؤولون في الإتحاد العام يتحدثون دائماً عن المشاكل المالية.. وأنا أقول طالما أن المسؤولين في الإتحاد لا يستطيعون وبعلاقاتهم الواسعة أن يتحركوا في كل الإتجاهات الممكنة لجلب المال للمنتخب فإن الأفضل هو أن يعطونا عرض أكتافهم!
الحديث الدائم والممجوج عن غياب الدعم أصبح مبتذلاً.. والمشكلة في رأيي لا تتعلق بغياب الدعم كما يردد المسؤولين في الإتحاد.. ففي كل فترة يكون هناك دعم ما من جهة ما.. ولكنه يكون ضعيفاً.. مثل الدعم الذي تلقته المنتخبات الوطنية من جهاز الأمن قبل أسبوعين والذي بلغ 250 ألف جنيه (ربع مليار بالقديم).. وهو دعم خجول.. أقول خجول لأننا نتحدث عن المنتخبات الوطنية التي تحتاج إلى ميزانية كبيرة قائمة بذاتها.. ولكن عموماً ورغم أن الدعم لم يكن كبيراً ولكن جهاز الأمن يُشكر عليه.. فشيء خيرٌ من لا شيء.. والمؤكد أن دعم جهاز الأمن إذا تزامن معه دعم من مؤسسات أخرى لإختلف الأمر.. وهذه هي المهمة التي كان يجب أن يقوم بها المسؤولين في الإتحاد.. وهي العمل بشكل جاد على إستقطاب المال.. أقول (كان يجب أن يقوم بها المسؤولين في الإتحاد) لأن المرحلة القادمة لا تحتمل بقاء هؤلاء النفعيين.
كل الوقائع تقول أن الكرة السودانية لن تتقدم خطوة إلى الأمام في ظل وجود هذا الإتحاد الذي لا يعرف كيف يدير النشاط.. ولا يعرف في الوقت ذاته كيف يقود المنتخبات الوطنية.. فشل ذريع (ورا) فشل ذريع.. في كل الملفات.. وما زال المسؤولين في الإتحاد (مُكنكشين) في مقاعدهم.. رغم أن الإستقالة أدب.. أعتقد أن الرحيل أكرم لهم.. فما يحدث للمنتخب في مختلف التصفيات دليل على الفشل.. كما أن المجاملات والترضيات التي يقوم بها الإتحاد والتي قادت الموسم إلى مرحلة الأزمة التي نعيشها الآن دليل آخر على هذا الفشل.. هذه الأزمة التي جعلت الجميع ينسون وربما يتناسون المنتخب رغم أنه يخوض مباراة رسمية.. رغم أنه يلعب بإسم السودان!
البعض يتحدث عن أحمد بابكر وعن الطريقة التي أبعد بها لاعبي المريخ في إشارة إلى أن إستبعاد لاعبي الأحمر هو سبب الخروج وهو حديث غير منطقي لأن المشكلة أكبر من إختزالها في غياب لاعب أو لاعبين.. فالمنتخب مع مازدا كان يضم لاعبي المريخ ولاعبي الهلال بالإضافة إلى بعض اللاعبين من الأندية الاخرى ورغم ذلك كان يخرج من التصفيات وبخسائر كثيرة.. واحيانا كبيرة.. بمعنى أن المنتخب هو المنتخب.. فاشل وبشكل واضح.
هناك توقعات بإقالة أحمد بابكر والإستعانة بمدرب أجنبي.. وأظن أن مجرد التفكير في التعاقد مع مدرب أجنبي يُعتبر تفكير غير سليم ويُعتبر إهدار للمال لا أكثر.. لأن المنتخب يحتاج إلى إهتمام حقيقي من الدولة وليس إلى مدرب أجنبي.. ماذا فعل وازاريك؟.. ماذا فعل قسطنطين؟.. يمكن القول أن مازدا ورغم انه عاش في جو كبير من الإنتقادات إلا أنه نجح بشكل أكبر من المدربين الأجانب بقيادته للمنتخب لنهائيات افريقيا مرتين 2008 و2012.. صحيح فشل بعد ذلك في تكرار النجاح.. ولكن ليس لأنه مدرب فاشل.. ولكن لأن الظروف نفسها لا تساعد على النجاح.. كما أن نوعية اللاعبين في الفترة الحالية ضعيفة جدا.. على عكس جيل 2008 الذي كان يمتلك مقومات معقولة للنجاح!