• ×
الخميس 18 أبريل 2024 | 04-17-2024
عبدالله مسعود

صلاح إدريس الذي ظننت أني أعرفه

عبدالله مسعود

 0  0  3259
عبدالله مسعود


رمية:
الأعداء وحدهم هم الذين يطعنونك من الخلف، أما الأصدقاء فيطعنونك من الأمام وأنت تفتح ذراعيك لاحتضانهم فيغرسون خناجرهم في خاصرتك حتي المقابض، فتتحول إبتسامتك الودودة، من هول المفاجأة، إلي ذهول مطبق ويفتر ثغرك عن ضحكة مكبوتة مفعمة بالسخرية والأسي.
الموضوع:
يقول الشاعر (المتنبئ بالطبع): خليلك أنت لا من قلت خلي وإن كثر التجمل والكلام. ويقول مناقضا ذلك البيت بقوله: ما الخل إلا من أود بقلبه وأري بطرف لا يري بسوائه. هذان البيتان يمثلان رؤيتي ورؤية أخي وصديقي صلاح إدريس لمعني الصداقة. فأنا أتمثل البيت الأول وأخي وصديقي صلاح إدريس يتمثل البيت الثاني. كنت أميل دوما إلي القول بأن زماننا هذا الشرس يفتقر إلي الخل الوفي الذي يحب المرء لذاته وصفاته وليس لما يملكه من متاع الدنيا وحطامها. بلغ زماننا هذا حدا من الشراسة جعل الصديق يأكل لحم أخيه حيا أوميتا وهو المتسبب في موته، ماديا كان الموت أو معنويا لا فرق. كثر الشقاق والنفاق والطمع وجمع المال بالحق والباطل أكان من حلال أو حرام لا فرق؛ ناسين أو متناسين ألا قدم تزول يوم القيامة حتي يسأل المرء عن أربع....منها سؤال المرء عن ماله مم اكتسبه وفيم أنفقه.
صلاح يتمثل البيت الثاني من قول الشاعر (أو هكذا أحسب، فالمسألة تقديرية)، ما الخل إلا من أود بقلبه وأري بطرف لا يري بسوائه؛ فلا عجب أن جر عليه ذلك التفضيل تكالب حشد من المنافقين والإنتهازيين والنصابين (بوجود إنتخابات أو بدونها)، الذين أدركو أن طاعته العمياء فيما يأمر به أو يفضله أو يحبذه أو يستسيغه هو الضمانة الوحيدة للبقاء في دائرة المقربين والتمرغ في نعماء صلاح ظهرا لبطن (فرصة وأجمل فرصة أنا يوم لاقيتو). فصلاح برمكي الطباع وأربابي النشأة وكريم الخصال بالمعني الشامل للكلمة، فهو لا يقيم للمال وزنا ولا يرد لإحد طلبا (وناس ديل وشهم ناشف !!). كرم صلاح يعم تلك الفئة (وبالطبع يعم غيرهم فهمو كثر)، لأنه يعرف كيف يستخدمهم؛ فإن أومأ مجرد إيماءة فسيمشون علي العجين ويا عجين ما جاك شر. أما الغير فربما باعده صلاح (لا أقول شفره كما درج السابلة) لإختلاف في وجهات النظر مهما كانت الأواصر ومهما علا كعبهم في محبة صلاح لهم ومحبتهم له لأنه يضيق بالرأى الآخر أحيانا. فإذا غضب صلاح وقل ما يغضب باعد الصديق وغير الصديق علي طول. هذا الصلاح يصيبك بالحيرة أحيانا حد الجنون. ودود جل الوقت وغير قليل ألا تستفزه معارضة من صديق أو مساءة من شانئ ويمد حبال الصبر لدرجة يشعر معها المرء أنه أيوبي الطباع، وأحيانا يشعرك (أن روحو في مناخيرو). ينتابني بعض من إحساس (والله أعلم) أنه مزاجاتي. باعدني لأكثر من مرة ولأكثر من سبب ولكن لم أسع إليه أو أهتم لذلك رغما عن أني كنت أفتقده كصديق وكنت أقول له في حالات المواددة والصفاء يا صلاح: أنا لك ناصح وبك شفيق وعليك حريص،توطئة لعرض وجهة نظر تحتاج لتمهيد فأحس بالإرتياح يتخلل خلايا جسده خلية تلو الأخري. في آخر مرة باعدني فيها لم ألتقه لسنتين أو أكثر ولم أتابع أخباره لأطمئن عليه إذ شغلت بتأليف كتاب ألغاز النفط والغاز وأخذته للأخ الصديق خالد إدريس (طيب الله ثراه) في مطبعة دار الأشقاء للطباعة والنشر والتوزيع التي يمتلكها صلاح ويتولي إدارتها الأخ خالد وسددت كامل قيمة الطباعة مقدماوالتي جاملني فيها الأخ خالد كثيرا. لم يعلم صلاح عن ذلك الموضوع شيئا. قال لي الأخ خالد الذي سر بمقدمي قبل أن يعرف الموضوع الذي أتيت لأجله: يا أستاذ، لماذا لم تعد تأتي لصلاح كسابق عهدك. قلت له باعدني صلاح إذ ضاق صدره بنقدي ونصحي ولكن ثق أن صلاح سيعود إلي لأنه يعرف معدن الرجال ويضع لكل شخص قدرا لا تشوبه شائبة.
شاءت مشيئة الله أن ينتقل عمنا أحمد إدريس (طيب الله ثراه) إلي دار البقاء فشددت الرحال إلي شندي بمعية الصديقين صلاح دهب وصلاح خوجلي لمواساة صلاح والأسرة في الفقيد فوجدت من بين حشود المعزين كافة من باعدهم صلاح، فأنا أحدهم وأعرفهم (نفر نفر كقول ريا لسكينة) وإن إختلفت الأسباب والمسببات. فيهم المواسي بحق ولكن فيهم أيضا وهم أغلبية: المنافق والمخاتل والمخادع والمتألم والمتأمل والمتسول الأرعن، لا يعنيهم الأمر (تماسيح ذات دموع)، تماسيييييح....من نوع أبو نقطة الأصلي. رجعنا إلي المدينة (شندي أيضا مدينة) فإذا بأولئك النفر الذين ساءهم إنفراد صلاح بي والتحدث إلي، رغم عن أنهم يجهلون ما دار بيننا إذا بهم يرجفون في المدينة بأنني كنت (أتكبكب) كلما لاح صلاح، وعند الوداع عضضت علي كم جلبابه نشوة وغبطة..تصوروا !! إن مثلي لا يتكبكب أبدا وإن فعل فلا أظن أنه سيفعلها في مناسبة لا تستوعب الكبكبة إلا من أتي به لتوه من الصراية الصفراء (مشفي المجانين). والله لو شئت لأسمعتهم كلمات تدخل معهم القبر لن ينسوها أبدا، ولكن صنت نفسي عما يدنس نفسي.
من يومها قررت الهجرة ثانية ميمما شطر الرياض، فغادرت الي جدة في 24 أغسطس 2009م ومكثت بها أسبوعا ثم واصلت سفري للرياض ولم أعد للخرطوم منذ ذلك التاريخ. بعد فترة إتصل بي صلاح بعد أن عثر علي هاتفي من أحد الأصدقاء، وبعد التحايا و(حق الله بقاء الله) إستفسرني قائلا:هل صحيح إنك تبحث عن عمل !؟ نفيت ذلك وأكدت له أنني عملت في مكتب محاماة له وزنه بعد وصولي للرياض بأسبوع وتم تحويل زيارتي إلي إقامة وأنا أستعد الآن لإستقبال زوجتي بعد إستخراج إقامة لهأ...كان لسؤاله مغزي واحد سأتطرق له المرة القادمة إذ للموضوع بقية ،،،

عبدالله مسعود
الرياض المملكة العربية السعودية
في 14 شوال 1436هـ الموافق 30 يوليو

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالله مسعود
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019