يُحسب لمدرب الهلال السابق باتريك اوسيموس أنه كان يمنح اللاعبين الشباب الفرصة على عكس الكثير من المدربين الذين يخافون من الإعلام والجماهير وقبل ذلك الإدارة لهذا يلعبون بالتشكيلة التي تضمن لهم تحقيق الفوز دون التفكير في المستقبل خصوصاً وأنهم يعلمون بأن خسارة أو خسارتين تعني الإطاحة بهم لأن الإداريين في السودان لا يصبرون على المدربين.
وبعد رحيل باتريك أو بعد الإطاحة به تخوفنا أن يكون المدرب الجديد جباناً ولا يتحلى بروح المغامرة ولا يفكر في المستقبل ولكن مدرب الهلال نبيل الكوكي كان في الموعد من خلال منحه الفرصة للاعبين الشباب فشاهدنا أطهر الطاهر يشارك في بعض المباريات وشاهدنا وليد علاء الدين هذا بالإضافة إلى إختياره للصيني ليكون في الكشف الأفريقي على حساب وليد الشعلة.. ولكن مشاركات اللاعبين الشباب كانت تكون في حدود المعقول بمشاركة لاعب أو لاعبين في تشكيلة واحدة ولكن بالأمس فاجأ الكوكي الجميع بدخوله لمباراة النسور بتشكيلة إحتياطية بها العديد من اللاعبين الشباب.
الكوكي أشرك محمد محمود.. بشة الصغير.. صهيب الثعلب.. عماد الصيني.. وبالإضافة إلى ذلك دفع بكوناتيه وجمعة وفيصل موسى.. مع إشراكه لبعض اللاعبين الذين يلعبون في بعض الأحيان وهم أطهر الطاهر وصلاح الجزولي ووليد الشعلة الذي شارك في المباراة الأخيرة أمام هلال الأبيض وسجل هدفاً.. وإذا كان هناك إستثناء فهو يتمثل في اتير توماس الذي يُعتبر اللاعب الأساسي الوحيد الذي شارك في تشكيلة الأمس.
وحتى عندما دفع بلاعبين في الشوط الثاني فإنه بدأ بلاعب شاب ايضاً وهو معتصم عبد القادر مكان أطهر الطاهر ثم بعد ذلك أشرك لاعبا أساسياً وهو نيسلون بديلاً لصاحب الهدف الأول فيصل موسى وإختتم تغييراته ببوي مكان الثعلب.
جرأة كبيرة من المدرب التونسي ومجازفة واضحة لأن المرحلة لا تحتمل التفريط في النقاط خصوصاً مع تعثُر المريخ أمام مريخ الفاشر وهو التعثُر الذي يجب أن يستغله الهلال أفضل إستغلال ولكن في ذات الوقت لا بد أن نتفق على أنه أراد من خلال هذه المغامرة أن يضرب عصفورين بحجر واحد من خلال هذه التشكيلة.. العصفور الأول منح هؤلاء اللاعبين الفرصة لإظهار قدراتهم في مباريات رسمية وهو الأمر الذي يمنحهم الثقة وهو الأمر الذي سيستفيد منه الهلال على المدى البعيد.. العصفور الثاني يتمثل في إراحة اللاعبين الأساسيين من اجل مباراة المغرب التطواني يوم الجمعة.
على المستوى الشخصي أحترم قرار الكوكي وأتفق معه في ضرورة منح اللاعبين الشباب الفرصة ولكنني في الوقت ذاته أختلف معه في الطريقة أو العددية رغم تحقيق الهلال لنتيجة الفوز وبرباعية.. فالتغيير في التشكيلة يجب أن يكون في حدود المعقول.. وأعتقد أن إسم المنافس هو الذي جعل التونسي يقوم بهذه المغامرة.. فالنسور لا يعيش أفضل أيامه ونتائجه الأخيرة ليست جيدة بالتالي لم يتخوف الكوكي من المغامرة.. والمؤكد أن المنافس لو كان الخرطوم الوطني مثلا لخرج الهلال بنتيجة سلبية.
عموماً ورغم أن التشكيلة كانت تخلو من اللاعبين الأساسيين إلا أن المباراة شهدت بعض اللقطات الجميلة والأهداف الرائعة مثل لقطة صلاح الجزولي والذي أطلق تسديدة بعيدة المدى تصدى لها حارس النسور أبو عشرين بصعوبة لترتطم بالعارضة وتخرج.. لقطة سينمائية جميلة واظن أن هذه التسديدة لو ولجت شباك النسور لأصبح الجزولي منافساً شرساً لنزار حامد في (أحلى الاهداف).
ولكن إذا كان التوفيق لم يلازم الجزولي فإنه قد لازم اللاعب الشاب صهيب الثعلب والذي سبق الجزولي بتسديدة رائعة من خارج خط ال18 هدف على طريقة اللاعبين الكبار جعلت أبو عشرين يتحول إلى أبو عشرة .. هذا الهدف جعلني أتذكر هدف للنجم الفرنسي الكبير تييري هنري في شباك سيلتيك الاسكتلندي في دوري الأبطال عندما كان هنري يلعب في برشلونة.. نفس الإستلام ونفس التحرك ونفس زاوية وطريقة التسديد.
مباراة هلال الأبيض أعادت كاريكا وقدمت بشة الكبير بشكل مميز ومباراة الأمس فتحت الباب على مصراعيه لصهيب الثعلب والذي سجل هدفاً يُعبر عن خياله الواسع وجرأته في ذات الوقت.. فهناك كثير من اللاعبين يتهيبون او يتخوفون من التسديد من خارج ال18 ولكنه ورغم سنه الصغيرة ورغم أن هذه التجربة هي الأولى له إلا أنه كان جريئاً وشجاعاً مسدداً الكرة وكأنه يلعب في الهلال منذ سنوات.. وقد ساهم بشكل أو بآخر في الهدف الثالث من خلال تداخله مع مدافع النسور.. برافو يا ثعلب.
الثعلب سجل هدفاً خيالياً فشعر وليد الشعلة بالغيرة الإيجابية فسجل الهدف الرابع للهلال بطريقة مختلفة عن طريقة الثعلب ولكنها لا تقل جمالاً فقد إستفاد من خطأ المدافع وإستلم الكرة وإنطلق وراوغ وسدد بقوة من خارج خط ال18 هدف رائع.. التحية للكوكي الشجاع والذي يفكر في المستقبل والحاضر في آنٍ واحد.. نحييه رغم إختلافنا معه في الطريقة.. فالمهم هو أننا نتفق معه من ناحية المبدأ.. والمبدأ ينادي بإعطاء الشباب الفرصة.. وشباب الهلال زي الورد.

صباح الخير بالليل
فوائد عديدة من مباراة الأمس.. مشاركة توماس بعد انتهاء الإيقاف.. وإعطاء كوناتيه الفرصة.. تجهيز الجزولي لمباراة المغرب التطواني.. عودة بوي بعد غياب ودخوله في الدقائق العشر الأخيرة.. هذا بالإضافة إلى مشاركة فيصل موسى وتسجيله لهدف حتى ولو كان الهدف من ركلة جزاء والمؤكد أن هذا الهدف سيكون مفيد للاعب من الناحية المعنوية.. ولا ننسى وليد الشعلة الذي إستمر في التهديف.. الشعلة الذي ننتظره على المستوى الأفريقي في الموسم القادم.. ولا ننسى ايضاً اللاعبين الشباب مثل محمد محمود وبشة الصغير والصيني والذين تفاوتت مستوياتهم ولكن المؤكد أنهم إستفادوا كثيراً من التجربة.
النسور ظهر بلا أنياب رغم أنه واجه الفريق الثاني للهلال والشيء الإيجابي الوحيد الذي قام به هو زيارته لشباك الهلال عن طريق ابراهيم محمد ابراهيم وبصورة جميلة.. هدف إبراهيم من الأهداف الجميلة في المباراة ولكنه لا يصل لمستوى هدفي الثعلب والشعلة.
الهلال حتى وإن لم يقدم مباريات جميلة فإن نجومه يسجلون أهدافاً جميلة.. نزار في سموحة.. اندرزينهو في التطواني.. وصهيب والشعلة في النسور.. في إنتظار مباراة المغرب التطواني يوم الجمعة.
هلال المستقبل يبعث على الإطمئنان.. وهلال الحاضر إستعاد صدارة الممتاز (بإعتبار قرار إعادة مباراة المريخ والأمل) وبالإضافة إلى ذلك يتجه نحو الدور نصف النهائي بخطوات واثقة مع التفكير بشكل جاد في اللقب.. قولوا ما شاء الله.