(( خواطر زول )) عبد الله القاضي
طالعنا مساء امس الثلاثاء بياناً غريباً وهزيلاً يشبه تماماً إتحاد كرة الفشل السوداني ويشبه تماماً عقليات وفكر الذين يديرون هذا الاتحاد الضعيف الذي يقودنا من فشل الى فشل ومن مهزلة لأخرى ... لكن الغريب أن يشارك في هذا البيان الفطير جهاز بحجم ومكانة قوات الشرطة بل ووزارة الداخلية التي تعتبر أقوى وزارات الدولة في حفظ الأمن والسلم القومي !!!
كانت هناك مباراة في الدوري بين نادي المريخ العاصمي ومريخ فاشر السلطان ... وكانت المباراة في أرض المريخ العاصمي وبالتالي مسئولية حفظ الأمن وسلامة المباراة وسلامة جماهير المنافس هي مسئولية اتحاد كرة القدم ونادي المريخ أولا وأخيراً ثم يأتي دور الشرطة كمراقب فقط من بعيد لبعيد والتدخل في الوقت المناسب لو حدثت أمور تستوجب تدخل الشرطة بالقوة التي تملكها ... لكن في المقام الأول مسئولية الملعب ومن فيه تقع على النادي المضيف واتحاد كرة القدم !!
اثناء سير المباراة وبعد تسجيل هدف السبق لمريخ الفاشر بفترة وجيزة ودون سابق إنذار رأينا هرجاً ومرجاً ونزولاً من جماهير الناديين لأرض الملعب والشرطة تطارد البعض والبمبان ثم اختلط الحابل بالنابل ... كعادة الاخراج العقيم والتصوير البدائي لم نعرف ما يدور وحتى معلق المباراة اختفى في ظروف غامضة وسمعناه يقول أن جماهير المريخ رمت الحجارة والقارورات على الملعب وقبل أن يكمل الرواية تدخل شخص فظ غليظ وخلع منه المايك او الهاتف الذي يتحدث منه ومنعه من تكملة الرسالة وأدخل المشاهدين ومن في الاستوديو التحليلي في هيص بيص !!
ثم أتت روايات مختلفة من هنا وهناك تقول أن أحد أفراد الشرطة استفز الجمهور بحركة غير أخلاقية وردت له الجماهير التحية بأفضل منها ... لكن من خلال الصور راينا عدداً مهولاً من الناس لا أدري إن كانوا إداريين أو من الجماهير لكن صورهم ظاهرة ومسجلة هؤلاء كانوا يطاردون المعلق ياسر مختار ويحاولون الاعتداء عليه ..!
إن كان المعلق غير أمين في نقل الحدث فيجب التحقيق معه من جهة عمله وكذلك مطلوب من نادي المريخ رفع مذكرة لنقابة الإعلاميين ضده مع العلم بأنني أجهل لأي جهة ينتمي المعلقين ومقدمي البرامج والمذيعين , حتى تتم محاسبته بعد التحقيق معه بشفافية .أما الشخص الذي حاول أن يمنعه من أداء واجبه فيجب أن يقدم أيضاً للمساءلة بل ويحاكم من قبل لجنة الانضباط إن كانت هناك لجنة منضبطة أصلاً !!
أما هؤلاء الاداريين الذين يجلسون في كل مباراة حول الملعب وبجوار الاحتياطي ويركضون داخل الملعب في أقل احتكاك يحدث بين اللاعبين أو الجمهور فهذا مخالف مع تعليمات الفيفا وحتى المدير الفني لديه مساحة محددة لا يستطيع تجاوزها ناهيك أن يكون شخص لا علاقة له بالمباراة المقامة كمدير فني أو مدير كرة أو لاعب احتياطي أو الصبية الذين يجمعون الكرات لأن هؤلاء فقط هم المسموح لهم التواجد في هذا المكان !! لكن لضعف الاتحاد وهشاشة المسئولين عن تنظيم المباريات نرى العجب العجاب داخل الملعب وكل من هب ودب وله علاقة بإداري أو مسئول في الاتحاد تجده يحجز مكانه حول الملعب بينما يمنع الاعلاميين والمصورين !!

بالكو ....!!
نأتي للموضوع الأهم ألا وهو دور قوات الشرطة فقد كتبت مقالات كثيرة عن الطريقة البدائية التي تنتهجها قوات الشرطة السودانية وهي التي تجاوز عمرها 107 عاما منذ تأسيسها ورغم ذلك تعتبر أفقر قوات شرطة في أفريقيا ولا تعرف كيف تقف حتى داخل ملعب كرة قدم !!
حراسة الملاعب لديها ترتيبات أمنية خاصة وقوات نظامية تتدرب عليها حتى انها يمكن أن تنقل تدريباتها اليومية للاستاد للتعلم واكتساب الخبرة في نفس البيئة والأماكن التي يقومون بحراستها ! في جميع مبارياتنا نشاهد رجال الشرطة وهم مشغولين بمشاهدة ومتابعة المباراة بل تجد من يقفز فرحا مع الهدف ومنهم من يطير من رأسه (الكاب) ومنهم من يجلس القرفصاء وكأن الأمر لا يعنيه في شيئ وفئة أخرى أكثر حرصا لبسط الأمن لدرجة الضرب واستعمال الهراوات في أمور لا تستحق بل تساهم في مزيد من الفوضى وأسوأ من كل ذلك هو استعمال البومبان أو الغاز المسيل للدموع حيث يعاقب الكل بجريرة نفر قليل مما يزيد من الاحتقان الجماهيري ضد رجال الأمن والبمبان ممنوع رسمياً بأمر الفيفا بل ممنوع عالميا ويعتبر ضد حقوق الانسان !!
على رجال الأمن أن يعلموا أن مهمتهم ليست مشاهدة المباراة أو التشجيع بل مهمتهم حفظ الامن والنظام وبالتالي عليهم تصحيح الخطأ الرئيسي والمتمثل في وقوفهم المعكوس بحيث يجب أن تكون أعينهم على الجمهور وظهورهم على الملعب لا العكس وعليهم الانتشار وسط الجماهير وفي المدرجات حتى يشاهدوا من قرب المتفلتين ووضع (الكلبش الحديدي) في يد أي متفلت بدون تردد وبدون شوشرة أو احتكاك مع بقية الجماهير أو استعمال القوة الزائدة وهكذا تفعل قوات الأمن في كل مكان ولا نشاهد الضرب بالهراوات ولا البمبان !!
البيان الفطير الذي شارك فيه لواءات من جهاز الشرطة لأمر محزن ... وما سمعناه من أن الشرطة خرجت من الملعب بأمر الجماهير لو كان صحيحا لأكثر حزناً فتعتبر فضيحة ويجب محاسبة من كان يقود الفصيل الذي كان في الاستاد .... !! كل ما هو مطلوب من إدارة شرطة الولاية التحقيق مع القادة الذين شاركوا في عملية حفظ الأمن وكذلك محاسبة الفرد أو الضابط الذي يقال أنه تسبب في إثارة الجماهير بكل أمانة وشفافية ومحاسبة كل من يثبت أنه شارك في الفوضى بأي صورة من الصور إداريا كان أو شرطيا أو من عامة الجماهير حتى لا تتكرر هذه الفوضى !!

البيان الفطير يقول في نهايته إن الهدف الاستراتيجي والغاية من تكاتف المؤسسات والهيئات والمجتمع هو تهيئة الأجواء لتأهل المريخ للمرحلة القادمة !!

وهذه سقطة كبيرة من سقطات اتحاد كرة الفشل وكذلك سقطة من جهاز الشرطة !!!

إن الشرطة لا دخل لها من بعيد أو من قريب بتأهل المريخ أو الهلال ولا يجب أن تتحدث عن هذا حتى بالصوت المسموع لأن هذا ممنوع حتى مع المنتخب القومي طالما هناك تنافس بين فريقين ... عليك يا اتحاد كرة الفشل أن تهيئ نفس الأجواء الآمنة للمتنافسين ولا دخل للشرطة بعد ذلك إن تأهل الهلال أو كي ام كي أو المريخ أو عزام التنزاني أو منتخبنا القومي أو منتخب الصومال!!
أنتم تجلبون لأنفسكم المصائب بهكذا تفكير وللأسف تقودون اتحاد كرة قدم كل هذه السنوات العجاف وتشاركون في لجان الفيفا ولجان الكاف ولم تتعلموا إطلاقاً و تجهلون أبسط قواعد تنظيم المنافسات !!
المؤسف أن تسمح وزارة الداخلية بهذه المهزلة لقوات الشرطة وحتى مجرد السماح لهم بالمشاركة في هذا البيان يعتبر خطأ لأن الشرطة أكبر من الاتحاد العام ولا يعقل أن تأتي في المركز الثاني في البيان ولو صدر البيان من الشرطة ثم اشركت الاتحاد ونادي المريخ لكان مقبولا !!
لقد أضعتم هيبة الشرطة وأخشى ما أخشى إن استمر الوضع هكذا وتستطيع مجموعة من الجماهير أن تأمر الشرطة بالخروج من الملعب أن نصل ما وصل إليه الحال في الشقيقة مصر .. حيث أن أكثر من مليون شرطي مصري فشلوا في الوقوف في وجه بضع آلاف من أولتراس الأهلي أووايت نايتس الزمالك وقد أزهقت أكثر من مائة نفس في ملاعب مصر بسبب ضياع هيبة الشرطة وعدم استطاعتهم السيطرة ليس لضعف الشرطة بل لأن الثورة أضاعت هيبة الشرطة وأصبح أي طفل يمكنه أن يقف في وجه رجل الشرطة ويصرخ فيه أو يرميه بحجر لذلك منذ ثلاثة سنوات ملاعب مصر خاوية على عروشها من الجماهير بعد أن ضاعت هيبة الشرطة !!!