• ×
الثلاثاء 23 أبريل 2024 | 04-22-2024
اكرم حماد

مولد وصاحبه فاشل

اكرم حماد

 0  0  1139
اكرم حماد
كما أفكر
أكرم حماد
ساقية جحا تأخذ الماء من البحر وتعيده إليه.. والنتيجة (كأنك يا أبو زيد ما غزيت).. وساقية الحالة الكروية السودانية تشبه إلى حد التطابُق ساقية جحا.. فشل.. ثم عدم تعلُم من الفشل.. ثم فشل.. نحن نعيش الفشل في الموسم.. ينتهي الموسم فتأخذ الساقية الكروية الفشل.. ينطلق الموسم الجديد فتعيده إلينا كما تعيد ساقية جحا الماء إلى البحر.
أنظروا إلى أزماتنا.. هي أزمات كل موسم.. ومشاكل كل عام.. ملف البث مثلا.. هذا الملف الذي لا يعرف الحسم إلا في الساعة 25.. والملاحظ أنه في هذا العام دخل إلى الساعة 27.. علماً بأننا لا نتحدث عن مسألة علمية دقيقة حيرت العلماء.. ولا نتحدث عن خطة للقضاء على تنظيم داعش.. نحن نتحدث عن موضوع بسيط جداً.. ملف بث مباريات الدوري الممتاز.. وكلنا يعلم أن حقوق البث بنص لوائح الفيفا أمر يخص أو يتعلق بالجهة المنظمة للمسابقة وهي الإتحاد السوداني لكرة القدم.. وكلنا يعلم أن الفشل أمر طبيعي في أي ملف من ملفات الحياة.. بالتالي فإن فشل الإتحاد العام في ملف بث مباريات الدوري الممتاز في موسم من المواسم أمر مقبول.. ولكن غير المقبول أن يفشل الإتحاد العام (كل عام) في هذا الملف.. وغير المقبول أن يتم إنهاء الأزمة كل موسم في توقيت متأخر وبعد تدخلات حكومية.
والأمر المثير للشفقة هو حديث المسئولين في الإتحاد العام عن هذه التدخلات أو التوجيهات الحكومية بسعادة غامرة مثل حديث رئيس الإتحاد معتصم جعفر عن تدخُل نائب رئيس الجمهورية في الموضوع والإشارة إلى دوره الكبير في إنهاء الأزمة.. هذا الأمر دليل على عدم إحساس الإتحاد العام بالمسئولية الملقاة على عاتقه.. لأن ملف البث لا يخص الحكومة.. وحتى إذا إفترضنا جدلاً أن هناك حالات تستوجب اللجوء لخيار التدخل الحكومي فلا يمكننا أن نقبل أن تصبح القاعدة العامة هي إنهاء الأزمة من خلال توجيهات رئاسية.. لأن الإتحاد العام يدير نشاط رياضي.. وتدخل الحكومة في هذا النشاط وترحيب الإتحاد العام بهذا التدخل يتنافى ويتعارض مع أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية.
المؤكد أن أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية مجرد شعار فضفاض.. يتم إستخدامه أو التلويح به في أوقات.. وتجاهله في أوقات أخرى.. والمؤكد ايضاً أن الإتحاد العام لا يمتلك أي أفكار خلاقة لوضع حد لهذا الفشل.. وعندما تحتج الأندية وتعلن العصيان يلجأ المسئولين في الاتحاد العام لأسهل وربما (أجبن) طريقة وهي الإستنجاد بالحكومة.. الحكومة التي كانت وما زالت تعمل على إلهاء الشعب ب(لعبة) الشعوب.
وضح بما لا يدع مجالا للشك أن الإتحاد العام لا يتعلم من أخطائه ولا يريد أن يتعلم.. فبعد تجربة فاشلة مع قناة قوون عاش تجربة أخرى لا تقل فشلاً مع التلفزيون القومي واللافت للنظر أنه قام في الموسم الماضي بإيقاف بث ما تبقى من مباريات بطولة الدوري الممتاز عبر الناقل الحصري تلفزيون السودان وقام ببيع حق بث المباراة الختامية بين الهلال والمريخ لقناة قوون التي عاش معها الفشل قبل ذلك.. بمعنى أنه لم يتخذ موقفاً إلا في الوقت بدل الضائع.. والموقف في حد ذاته تم بشكل خاطيء.. والاسوأ من ذلك أنه إنتقل بمباراته الأخيرة من شريكه في الفشل إلى شريك فاشل سابق وهي قناة قوون.. قناة قوون التي حصلت على حقوق البث قبل سنوات بمبلغ أكبر من القيمة الحقيقية للدوري في ظل رعاية وإعلانات ضعيفة.. والنتيجة كانت عجزها عن السداد ثم دخول صاحب القناة في أزمة مالية أدت إلى بيعه للقناة.
ربما نتفق أو نختلف على الطريقة التي تحتج بها الأندية ولكن المؤكد أن لها قضية عادلة لأنها تتضرر بشكل مباشر من النقل التلفزيوني لأنه يؤثر بصورة واضحة في الحضور الجماهيري ولا يُعقل أن تأخذ الأندية عائد مادي ضعيف من نصيبها في الدخل بسبب عزوف الجماهير وفي ذات الوقت تتفرج على مسلسل فشل القناة الناقلة في السداد وبالتالي عدم حصولها_أي الأندية_على نصيبها أو نسبتها من البث.
حتى في ملف الرعاية لم يصب الإتحاد العام النجاح وفشل في تسويق بطولته ليضطر في النهاية للعودة لمربع شركة سوداني ربما بشروط سوداني لأنه لا يوجد اي منافس لهذه الشركة.. وعدم وجود منافس في حد ذاته دلالة على الفشل في التسويق وهو الفشل الذي يعود لعدد من الأسباب من بينها ضعف المسابقة نفسها بالإضافة إلى الجدل الدائم المتعلق بالبث.. فلو كان البث منتظما دون أي عراقيل لإنعكس هذا الأمر بشكل إيجابي على الرعاية والرابح سيكون الإتحاد العام ذاته بالإضافة إلى الأندية.
في الاسبوع الأول قالوا البث سيكون في الاسبوع الثاني وفي الثاني قالوا سيكون في الثالث وعندما جاء الثالث أكدوا إنفراج الأزمة مع الإشارة إلى أن البث سينطلق في الاسبوع الرابع.. الآن نحن في الاسبوع الرابع.. والساقية لسه مدورة.. وآخر الأخبار تشير إلى أن النقل سيكون في الاسبوع الخامس وأن توقيع العقد مع قناتي بي ان سبورت والتلفزيون القومي سيكون اليوم.. ولكن لا شيء مضمون.. فلا إنفراج مع إعوجاج العقليات التي تدير النشاط الكروي في السودان.. وحتى إذا إنفرجت الأزمة فإنه سيكون إنفراجاً جزئياً.. فلا يبدو مستبعداً أن يحدث إشتباك جديد أثناء الموسم.. وحتى إذا تم فض الإشتباك فإن الموسم القادم سيكون مسرحاً لإعوجاج جديد.. أو بحث عن إنفراج جديد.. هي ساقية.. ساقية عنوانها (مولد وصاحبه فاشل).




امسح للحصول على الرابط
بواسطة : اكرم حماد
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019