• ×
الأربعاء 24 أبريل 2024 | 04-22-2024
اكرم حماد

الرجال البلهاء

اكرم حماد

 4  0  5536
اكرم حماد
كما أفكر
أكرم حماد
رغم مرور سنوات طويلة على أيام المرحلة الإبتدائية إلا أن القصص التي كنا ندرسها في كتاب المطالعة ما زالت راسخة في الذاكرة.. مثل زرقاء اليمامة ومحمود الكذاب والدجاجة الصغيرة وبدر وأمل ومريم الشجاعة.. والرجال البلهاء.
والرجال البلهاء قصة تتحدث عن عشرة أصدقاء ذهبوا للإستحمام أو السباحة في (ترعة).. وبعد أن خرجوا من (الترعة) أرادوا الإطمئنان أو التأكُد أنهم مكتملي العدد فقرروا العد.. فبدأ واحد منهم في العد فوجد عددهم تسعة وليس عشرة.. فإندهش الجميع وبدأ آخر في العد فوصل إلى نفس الرقم الذي وصل إليه الأول وهو الرقم تسعة.. تبودلت أدوار العد ولم يتغير الرقم أو الواقع.. دخلوا عشرة وخرجوا تسعة.. فوصلوا إلى قناعة بأن العاشر قد غرق في (الترعة).. وفي النهاية ظهر (العاشر).. لم يخرج من الترعة.. بل خرج من بينهم.. فالشخص الذي يعد أو يحسب كان ينسى نفسه.. كلهم إتفقوا على نسيان أنفسهم أثناء العد.. فتحول الرقم (ببلاهة) من عشرة إلى تسعة.
والإداريون في السودان ينسون أنفسهم ايضاً.. ويتناسون حقيقة مستويات اللاعبين والتي لا تستحق أي مطاردة من أي نوع.. ولا تستوجب ما يُعرف بالخطف.. ورغم ذلك يتحول الرقم الذي يجب أن يُدفع في اللاعب و(ببلاهة) من 300 أو 400 مليون إلى مليار وستمائة مليون مثلما فعل الهلال.. وثلاثة مليارات مثلما دفع المريخ.. ليؤكد هؤلاء الإداريين أنه لا فرق بينهم وبين الرجال البلهاء الذين فشلوا في العد.. لأنهم فشلوا في (التقييم).. وسقطوا في (ترعة) المكايدات ليخرجوا ناقصي الأموال بعد أن جرفتهم المزايدات.
بكري المدينة الذي دوّخ المدينة بأخباره أنموذج مصغر لحالة الفشل التي تعيشها الكرة السودانية.. فهذا اللاعب هو المهاجم الأول في السودان في الوقت الراهن بمعايير (السوق) وبمعايير الضجة الإعلامية.. وهذا أبسط مثال لفشل الكرة السودانية.. فأن يكون المهاجم الأول بإمكانيات متواضعة مثل إمكانيات المدينة فهذا يعني أن حواء السودان دخلت في غيبوبة.. ولا أقول أصيبت بالعقم.
وبالإضافة إلى ذلك يُعتبر هذا اللاعب أنموذج صارخ لحالة الإفلاس الفكري التي يعيشها الإداريين والإعلام.. فمجلس المريخ لم يدخل في خط المدينة كما قال الزميل العزيز سامر العمرابي إلا رداً على إستفزازات الإعلام الهلالي التي سخرت من فكرة التعاقد مع اللاعب التي يروج لها الإعلام المريخي.. وقبل ذلك لم يتفق مجلس الهلال مع المدينة على مليار وستمائة مليون إلا خوفاً من إنتقاله للمريخ وليس قناعةً بإمكانيات اللاعب.. لأن الكاردينال غير مقتنع من الأساس بإمكانيات المدينة وأكد أن سعره لا يتجاوز ال300 مليون.
الإعلام نفسه يعاني من البلاهة.. فعندما كان هيثم في الهلال كان أفضل لاعب بالنسبة للإعلام الهلالي ولاعب منتهي الصلاحية في نظر الإعلام المريخي لدرجة أن بعض الصحفيين المريخاب كانوا يطالبون بعدم ضم هيثم لقائمة المنتخب نظراً لتقدمه في السن.. وبمجرد أن إنتقل هيثم للمريخ تحولت القناعات 180 درجة وأصبح الإعلام الهلالي يراه مجرد لاعب عجوز في الوقت الذي بدأ فيه الإعلام الأحمر بالنظر إليه بعين الرضا ونصّبه أميراً ساجداً.
وذات الأمر يتكرر الآن مع المدينة.. فبعد أن كان مجرد مهاجم (أروش) في نظر بعض الإعلاميين المريخاب أصبح مهاجماً رائعاً في نظرهم بمجرد توقيعه على العقد.. وبعد أن كان عقرباً ونمراً وتمساحاً في نظر كثير من إعلاميي الأزرق أصبح مجرد لاعب (كهربتو زايدة).. علماً بأنني أراه مهاجماً متواضعاً.. ولكن الفرق بيني وبين الكُتاب الذين إنقلبوا 180 درجة أنني قلتُ هذا الرأي حتى قبل أن ينتقل للمريخ.. بل طالبتُ بالإستغناء عنه أكثر من مرة لأنه أقل قامة من الهلال.. وقلتُ من يدفع لمن؟.. الهلال للمدينة.. أم المدينة للهلال.. وبالتالي أرى أن مبلغ ال3 مليارات التي دفعها المريخ لا تخرج عن كونها سفه.. والسفيه هو مبذر ماله فيما لا فائدة فيه وبعبارة أخرى هو الذي يصرف المال في غير موضعه.
وليت البلاهة إنحصرت في الإدارة والإعلام فقط.. حتى المشجعين يعانون من هذا الأمر.. (بعضهم بكل تأكيد).. فالإستقبال الذي أدهش اللاعب الأثيوبي بوتاكو هو إستقبال طبيعي في العرف الجماهيري.. والأعناق التي حملت هذا اللاعب حملت من قبله عشرات بل مئات اللاعبين.. وهذا الأمر لا يحدث إلا في السودان.. فلا يوجد جماهير في العالم (تحمل) لاعباً على الأعناق قبل أن يلعب.. وكثيراً ما يحمل المشجعين لاعباً لم يشاهدوه يلعب على الإطلاق ولم يشاهدوا له ولو لقطات على اليوتيوب.. ولكنها البلاهة.. التي يغذيها ويُنميها إعلام متخصص في هذا المضمار.
المنظومة الرياضية كلها تعاني من البلاهة.. وشخصياً لا أعفي نفسي من هذا الداء.. لأنني جزء من منظومة فاشلة.. هذا من ناحية.. من ناحية أخرى لأنني أعرف أنني أكتب لأخاطب الموتى.. موتى الضمير وموتى العقل.. وأعرف ايضاً أن الضرب في الميت حرام.. ورغم ذلك أكتب.. وأضرب.. أنا عضو أصيل في الحزب.. حزب الرجال البلهاء.. إبكوا معي.
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : اكرم حماد
 4  0
التعليقات ( 4 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    ابوملاذ 11-08-2014 07:0
    تحياتي
    اعدتنا الي الاصل الذي كاد ان يصبح صورة
    تحياتي وانت تكتب ماهو حقيقة مغطاة بغربال
  • #2
    خليل عباس 11-08-2014 02:0
    رائع ي استاذ وفقك الله وسدد خطاك.فقط واصل في النقد البناء دون الالتفات لنقادك...
  • #3
    محمد علي يحيي 11-08-2014 12:0
    أكرم أكرمك الله كلنا بلهاء لكن من يقتنع ويسمع... وللأسف الشديد نحن ننتسب لهذه المنظومة ...
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019