تتقاصر الكلمات وتهرب الأفكار و لكن من قبل و من بعد إنَّا لله و إنَّا إليه راجعون . ما أعظمه من قول و ما أعظم مردَّه و ثوابه . به يسترجع المرء ليردد الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد لله أهل الحمد و الثناء , المنفرد برداء الكبرياء , المتوحِّد بصفات المجد والعلاء و الخلد و البقاء .
كُلُ مَن عليها فانٍ . و يبقى وجهُ ربِّكَ ذو الجلال و الإكرام .
هكذا هو الموت دون استئذان يحل بالمخلوق و هو المصيبة التي أصابتنا في فقدنا و فقيدنا الغالي داؤود عبد الحق أبو رونق صاحب القلم الأحمر الذي وافاه الأجل المحتوم مساء الاثنين 18 أغسطس 2014م .
عرفته نعم الأخ رغم أني لم أقابله وجهاً لوجه .. تآخينا في الله بواسطة القلم الذي رفع الله شأنه و أقسم به في كتابه الكريم ( ن و القلم و ما يسطرون )
رغم عشقه للمريخ و للون الأحمر عندما ينتصر الهلال يتصل فيَّ مُهنِّئاً بهذه العبارة ( يا حبيبنا مبروك .. مبروك , لكن الغريق قدام . و يعقبها بضحكة أبادلها إياه .) و عندما يخسر الهلال يتصل فيَّ مُواسياً بهذه العبارة : ( يا صاحب الأوتاد هارد لك .. و بلهجة عامية فيها تطييب خاطر " ياخي نحن ذاتو ما عندنا كورة " .)
كان لي قصب السبق في معرفة خبر وفاته وذلك بقدرٍ من الله حيث اتصلت في خاله الصحافي الزميل الأستاذ يعقوب حاج آدم ( بحكم قربه لنادي الاتفاق بالدمام ) لكي استوثق منه معلومة خبر تسجيل نادي الاتفاق للمحترف اللاعب السوداني أنس أبو المعالي . فلم أحظ بردٍ في المرة الأولى و لا في الثانية , فقلت في نفسي سأحاول للمرة الثالثة و إذا لم يرد سوف أتصل في داؤود عبد الحق و أسأله عن خاله يعقوب . فإذا بالأستاذ يعقوب حاج آدم يرد عليَّ و قال لي : يا أحمد (داؤود عبد الحق ) توفى الآن و أنا ماشي الأحساء حيث منزل فقيدنا الغالي . فرددت معه : إنَّا لله و إنَّا إليه راجعون . لا حول و لا قوة إلا بالله , ثم أجهش يعقوب بالبكاء .
سبحان الحي الذي لا يموت .. اللهم اجعل مقام عبدك داؤود عبد الحق مقاماً طيباً كريماً و حقق له من النعيم ما جاء في هذا الحديث :
قال البراء بن عازب : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في جنازة رجل من الأنصار , فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم على قبره منكساً رأسه ثم قال : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ) ثلاثاً ثم قال : ( إنَّ المؤمن إذا كان في قبل من الآخرة بعث الله ملائكةً كأنَّ وجوههم الشمس معهم حنوطه و كفنه فيجلسون مدَّ بصره , فإذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض و كل ملك في السماء , وفُتحت أبواب السماء فليس منها بابٌ إلا يُحبُ أن يُدخل بروحه منه , فإذا صعد بروحه , قيل : أي ربِّ عبدك فلانٌ فيقولُ أرجعوه فأروه ما أعددتُ له من الكرامة فإني وعدته (( منها خلقناكم و فيها نُعيدكم ومنها نُخرجكم تارةً أخرى )) و إنه ليسمع نعالهم إذا ولَّوا مُدبرين حتى يُقال : يا هذا من ربُّك و ما دينُك و من نبيُّك ؟ فيقول ربيَّ الله و ديني الإسلام و نبيِّ محمد صلى الله عليه و سلم . قال : فينتهرانه انتهاراً شديداً وهي آخر فتنة تُعرض على الميت , فإذا قال ذلك نادى منادٍ أن قد صدقت . وهي معنى قوله : ( يُثبتُ الله الذين آمنوا بالقول الثابت ) ثم يأتيه آت حسنُ الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول : أبشر برحمة ربك و جنات فيها نعيم مُقيم فيقول : و أنت فبشرَّك الله بخير من أنت ؟ فيقول : أبشر أنا عملك الصالح والله ما علمتُ إن كنت لسريعاً إلى طاعة الله بطيئاً عن معصية الله فجزاكَ اللهُ خيراً . قال : ثم ينادي منادٍ أفرشوا له من فُرش الجنة و افتحوا له باباً إلى الجنة , فيفرشُ له من فُرش الجنة و يُفتح له بابٌ إلى الجنة , فيقول : اللهم عجِّل قيام الساعة حتى أرجع إلى أهلي و مالي .
اللهم أغفر لعبدك داؤود عبد الحق و أدخله جنات النعيم و الهم آله و ذويه و أصدقائه و معارفه الصبر و السلوان . إنَّا لله و إنَّا إليه راجعون .