• ×
الجمعة 29 مارس 2024 | 03-28-2024
صلاح شكوكو

الحـركة في الملعـب

صلاح شكوكو

 0  0  14116
صلاح شكوكو

إندهش بعضنا وهم يشاهدون كأس العالم ومباريات كرة القدم عموما وهم يتأملون تحركات لاعبي الكرة في أرجاء الملعب المختلفة بالكرة أو بدونها.. هذه التحركات التي تتسم بالرشاقة والخفة والتلقائية.. وهي تأتي كرد فعل طبيعي، لحركة الكرة داخل الملعب وكتوقعات افتراضية لمسارات الكرة واتجاهاتها، وفي أحايين كثيرة تكون هذه التحركات مجرد مناورات يشغل بها اللاعب الطرف الآخر.

بعض الناس يعتقدون أن هذه الحركات تحدث دون أي جهد ذهني أو تفكير عقلاني.. وكأن كل تلك العمليات التحليلية تأتي من باب التلقائية اللاواعية وهذا بالطبع خطأ كبير، ذلك أن هذه الحركة فيها قدر كبير وجهد عضلي وعصبي وذهني يقوم به اللاعب لتحقيق أكبر قدر من التفاعل في أرجاء الملعب المختلفة.

وهناك فرق كبير في الحركة بين لاعبينا وغيرهم.. فبينما يتسم أداء لاعبينا بالبطء والرتابة، فإن مميزات الكرة الحديثة مبنية بدرجة كبيرة على السرعة والمباغتة والمفاجأة وإستغلال السوانح والبناء التكتيكي الرأسي، والسرعة والتفكير اللحظي.

والتحرك في الملعب يعتبر جزء من المهارة التي تقتضي نوعاً من الانتباه والتركيز العالي البناء، حيث يدخل فيها التحليل العقلي بدرجة كبيرة، مع التوازن وإختيار البدائل المتاحة.. ومعلوم بداهة أن اللاعب الذي يقف في مكان سليم هو الذي يقود زميله الذي يمتلك الكرة من خلال توفير فرص المناولة والتحرك، ومعلوم كذلك أن الذي يمتلك الكرة لاعب ميت ويحتاج إلى زميل يعينه على فك الحصار والتقدم التبادلي للأمام.

إذن .. ما الذي يقود تحركات اللاعب داخل الملعب ؟؟؟

الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة.. ذلك أن هناك موجهات كثيرة ومتداخلـة تقـود حركة اللاعب أولها الصورة البصرية التي تنشأ عند متابعة اللاعب لمجريات اللعب، حيث يستخدم اللاعب كلتا عينيه بمركباتهما المختلفة بدءًا بالعدسة وانتهاءًا بالشبكية، لرسم صورة خيالية متعددة يختار منها أنسب الاحتمالات والفرضيات، وفق موازنة عقلية خاصة تقوده لتوقع مكان الكرة ومسارها وإتجاهها، وتتيح له فرصة المناورة بالكرة وبدونها.

كذلك هناك الفعل اللاإرادي الذي يعطي اللاعب إشارات تلقائية تأتي من خارج دائرة الإدراك، بحيث تجعل اللاعب في أحايين كثيرة وفي جزء من الثانية يتحرك في اتجاه معّين، وهذه الصورة تكون اكثر وضوحا في حالات حراس المرمى الذين يواجهون ضربات الجزاء أو الضربات الترجيحية، حيث يحاولون قراءة الموقف من خلال إتجاه الخصم وزاوية التوجه والإندفاع، ثم إتجاه التصويب للإرتماء.

أما اللاعب المهاجم فإنه يحاول أن يختار بين التسديد أوالتمرير أوالمراوغة، وفق انحرافات مفاجئة وتمويهات، بل إنه يحاول استغلال أنسب البدائل المتاحة لإنجاح هجمته مستصحبا معه قراءة الخصوم ومدى تغطيتهم وآليات استعدادهم لإفساد هجمته.

وأخيرا نجد ملكة التخيل الذهني التي تندرج تحتها كل تلك العناصر التي ذكرناها.. حيث يقوم اللاعب بعدة عمليات تحليلية بصرية وعصبية وفكرية قبل أن تصل الكرة إليه، فيجهز لنفسه، بعدة سيناريوهات محتملة.. وهذه تعرف باللياقة الذهنية وهذه لا تتأتى إلا في وجود لياقة بدنية جيدة، وجرعات تدريبية متناسقة وحتى نتصور أداءً رياضيا مثاليا لا بد من وجود موهبة فطرية وبنيان جسماني سليم، يكمل الجانب الفني ويجعل الأداء متناسقا.

وهكذا تصبح حركة اللاعب في الملعب، خليطا بين الحركة بالكرة وبدونها وفي كلتا الحالتين يحتاج اللاعب إلى لياقـة بدنية وذهنية عالية، تقوده للقراءة السليمة والتوقع الذي يقترب من الواقع، كما أن التمركز الصحيح للاعب يعتبر تكنيكا، يعبر عن مدى حضور البديهة التوقعية عنده.

أما المدرب فإن دوره ينتهي في خط التماس، بعدها يبدأ اللاعب منفردا في إستخدام مهاراته العقلية وإختيارته التقديرية، مستصحبا معه توجيهات المدرب، حيث يختار الأنسب من بين البدائل المطروحة، وفق الخطة العامة التي خطها المدرب ذلك أن المدرب ومهما أوتي من البراعة وسعة الأفق فإنه لن يحيط بمجريات اللعب وظروفه، وما سيحدث في الملعب من سجال.

لذا فإن المدرب الممارس أنسب للتدريب من المدرب الذي لم يمارس اللعبة، لكن هذا الأمر لا يعني فشل المدرب الآخر، طالما أنه يستطيع أن يتحسس الأمر ويتعمل معه، بيد أن اللاعب السابق يستطيع أن يتعامل مع المنطق واللا منطق في مسارات الكرة وأحولها.

لكننا نستطيع أن نحدد بعض الأشياء والممارسات التي تؤثر سلبا على أداء اللاعب وحركته في الملعب بصورة إيجابية ومنها :-

* عدم ممارسة التمارين بانتظام وجدية.

* عدم المحافظة على اللياقـة البدنية.

* عدم أخذ جرعات كافيـة من الراحة والاستجمام.

* عدم الاهتمام بالتغذية السليمة.

* تعاطي المواد التي تؤثر على العقل والأعصاب والجسم بصورة عامة .

* نقل المشكلات والأزمات الاجتماعية للملعب .

* التمرد أوالتوقف عن اللعب لفترات طويلة .

* الإصرار على اللعب في ظل الإصابة .

------------------

ملء السنابل تنحني بتواضع ... والفارغات رؤوسهن شوامخ

-----------------

صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو)

shococo@hotmail.com
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : صلاح شكوكو
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019