• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024
عبدالله علقم

الانتخابات المحمولة برا عندما تصبح السرقة ثقافة مجتمعية(3-3)

عبدالله علقم

 0  0  11978
عبدالله علقم
(كلام عابر)
الإنتخابات المحمولة براً
عندما تصبح السرقة ثقافة مجتمعية
(3-3)
ذكرت في الحلقتين الماضيتين أن بعضا ممن أدمنوا التحكم في الجالية السودانية في المنطقة الشرقية،المملكة العربية السعودية والتصرف في أموالها سعوا بمعاونة نفر من السفارة السودانية في الرياض للإلتفاف حول قرارات السلطات السعودية المختصة بحظر نشاط الجاليات الأجنبية على أراضيها فيمموا وجوههم شطر السفارة السودانية في الرياض، حيث كونوا جالية للمنطقة الشرقية بعد أن رفضت صالات فنادق الدمام استضافة اجتماعهم.أعقب ذلك خلاف بين جهاز المغتربين والسفارة السودانية في الرياض.. كل منهما يدعي،بلا وجه حق، أنه وصي على كيانات المغتربين السودانيين الاجتماعية الطوعية غير الربحية، وسقت أمثلة لتطفل السفارة على هذه الكيانات وما جلبته عليها من شقاق وأضرار انتهت بحظر نشاطها، وفي هذه المرة نستعرض بعض الممارسات المالية السيئة التي كان يقوم بها المهيمنون على الجالية السودانية في المنطقة الشرقية في تعاطيهم مع المال العام.
السفارة السودانية تدفع بعض المبالغ للجاليات من مال مستقطع أًصلا من المغتربين ويفترض أن يخصص لمعالجة الحالات الإنسانية.درجت الجالية السودانية في المنطقة الشرقية على تلقي هذه المبالغ مع مصادر دخل أخرى والتصرف فيها بلا رقابة إلا من ختم مكتب مراجعة قانونية أحيانا. أي مكتب مراجع قانوني لا يتحري في أوجه الصرف ومدى قانونيتها بل يُدقق في صحة حسابات الإيرادات والمصروفات على ضوء ما يقدم له من مستندات معززة،ومن ثم يضع ختمه على ما يقوم بتدقيقه من ميزانية أو قوائم مالية،لكن المتصرفين في شؤون الجالية طوال سنين ماضية يعتبرون ذلك (أي ختم مراجع الحسابات) صكا بطهارة اليد ونظافة الجيب، بل إن السفارة في مرة من المرات أرسلت لهم خطابا يشيد بهم.
شهد مكتب المراجعة بصحة فواتير وسداد إقامة السيد عبدالرحمن سرالختم،والي الجزيرة آنذاك ومرافقيه في فندق خمسة نجوم في الظهران، سددها المتصرفون في شؤون الجالية وقتها من مالية الجالية رغم أن السيد الوالي، وهو قد جاء في زيارة للترويج للاستثمار في ولايته وجذب المستثمرين السعوديين، على عادة الولاة تلك الأيام، لا بد أن يكون هو ومرافقوه يحملون معهم قدرا وفيرا من الدولارات المُخصصة لهم من الدولة السودانية لتغطية تكلفة إقامتهم الفندقية ومنصرفاتهم الشخصية (وبزيادة كمان). تكلفة مثل هذه الفاتورة التي من المفترض أن تخصص لأيتام أو أرملة أو موقوف سوء تصرف في المال العام،مهما كانت المبررات، حتى لو شهد مكتب المراجعة بصحتها وصحة سدادها وخصمها من إيرادات الجالية،حسب المعايير المحاسبية المتعارف عليها.
مسؤول الجالية الذي يشتري طقم جلوس وطقم سفرة ليؤثث صالون أو غرفة جلوس شقته بعد رصف أرضيتها بالسيراميك خصما من المال العام بحجة أنه يستضيف اجتماعات لجنة الجالية في شقته،أمر معيب معيب معيب والسكوت عليه أمر معيب هو الآخر.
فندق خمس نجوم في مدينة الدمام تكرم مشكورا بإعفاء ديونه على الجالية، لكن الإعفاء لم تستفد منه الجالية،(يعني بالعربي كدا..الفاتورة خصمت رغم الإعفاء من خزينة الجالية).
تأسست مدرسة سودانية في المنطقة الشرقية وأغلقت بعد تجربة لم تستمر طويلا..إيرادات هذه المدرسة التي استلمت الجالية قدرا معتبرا منها محل شبهة كبيرة لا سيما وأنها استعصت على كل مراجع حتى يوم الناس هذا.
هناك من يقوم بمساعدة بعض السودانيين المحتجزين في مخافر الشرطة بسبب مخالفتهم أنظمة الإقامة في المملكة العربية السعودية، فيجعل من نفسه،بما يشبه الشهامة، وسيطا بين السجين والسفارة السودانية لاستكمال استخراج وثائق سفره الاضطرارية، وغير ذلك من متطلبات التسفير حتى يغادر السجين المملكة العربية السعودية مبعداً للسودان. من يقوم بذلك العمل الإنساني يستحق فعلا أن يقال له :أحسنت وجزاك الله خيرا على كل ما فعلت وتفعل، لولا أنه، إمعانا منه في سوء الفعل، يتقاضي بلا حياء ولا خوف، إتاوات باهظة سواء من السجين أو من ذويه ومعارفه خارج السجن حتى فاحت الرائحة الكريهة.
هذا غيض من فيض الممارسات المالية التي ارتبطت ببعض من كانوا يتصرفون في أمور الجالية السودانية في المنطقة الشرقية السابقة سيئة الذكر،وهي الجالية التي ارتبطت بها صفة (جالية خمس نجوم) بسبب إحتفالات ومهرجانات التكريم وإستقبال ووداع الوفود والصرف البذخي غير المسؤول في أمور لا تعود بالنفع على السودانيين المقيمين في المنطقة الشرقية ولكنها تحقق شيئا من الذوات المهملة التي اختلط عليها المال العام والمال الخاص والمال الحلال والمال الحرام.
قد تكون السرقة، سواء من المال العام أو من جيب المواطن(السرقة هي السرقة)، مصدرا يوميا لا غنى عنه لتوفير متطلبات العيش اليومي للموظف العام الفاسد الذي تدفعه الحاجة، ليس لمد يده متسولا من المواطن فحسب، بل إدخال يده في جيب المواطن حتى لو كان ذلك المواطن لا يقل عنه فقرا وضنك عيش. كبار الموظفين العامين الفاسدين تدفعهم للسرقة طموحات أكبر من مجرد توفير إحتياجات العيش اليومي، وكلما ارتفع سقف هذه الطموحات غير المشروعة، ارتفع حجم النهب من المال العام. في هذه الحالة يتطور الفساد من ممارسة شخصية،مثل حال الموظف العام الغلبان، إلى مؤسسة متكاملة الأركان تضم أكثر من متنفذ لص في أكثر من مواقع.
المغتربون أقل عرضة من غيرهم في داخل الوطن للسرقة لأن دخل المغترب ،مهما قل، يوفر إحتياجات العيش اليومي له ولآخرين يعولهم، من حيث المبدأ، كما إن المغترب بحكم وظيفته ليست له في مهجره ولاية على مال عام أو خاص في معظم الأحيان. معظمهم لا يتعاطي الشأن المالي إلا ما يتعلق براتبه، هذا مع حسن الظن بالمغترب الذي اغترب للبحث عن لقمة شريفة حلال له ولمن يعولهم،لم تتوفر له في وطنه. حالات ممارسة سرقة المال العام القليلة وسط المغتربين تعكس ثقافة مجتمعية أكثر من كونها نهجا مؤسسيا متكامل الأركان، أو ممارسة فردية تدفع إليها ظروف اقتصادية ضاغطة. وفي جميع الأحوال تظل السرقة فعلا ترفضه الأديان، والأعراف، والمجتمعات.
قبل الختام:
لا أقصد التشهير بأحد بعينه، ولكني أطمع في أن يكون مجتمع السودانيين في المنطقة الشرقية مجتمعا نظيفا خاليا في مقبل الأيام من مثل هذه الممارسات غير الحميدة،وثقافة إنتهاك المال العام التي أصبحت شائعة في السودان، وربما نواصل الحديث في مرة قادمة، حسب التساهيل، وأستغفر الله لي ولهم ولكم.
(عبدالله علقم)
Khamma46@yahoo.com
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالله علقم
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019