• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024
اماسا

ما بين باقة ورد عصام الحاج وخنجره المسموم.. تأريخ

اماسا

 0  0  1952
اماسا

تقلب الرجل ما بين السلب والإيجاب وكثرة تناقضاته تجعله غير أهل للعب دور حمامة سلام
أبوعاقله أماسا
وقفنا أما قاضي محكمة الصحافة في قضية النشر التي دونها مجلس إدارة نادي المريخ وأمانته العامة المكونة من عصام الحاج عثمان ومتوكل أحمد علي ضد صحيفة التيار السياسية، ومثل عصام في تلك الجلسة التي يمر أحداثها شريطاً من الأحداث والذكريات أمامي ليشهد ضد ما كتبته في مقال كان هو مثار الشكوى، وكان السؤال المباشر الموجه له من الأستاذ خالد سيد أحمد المحامي حول المؤسسية وإدارة المال العام في المريخ، وهل هنالك شبهات فساد مالي أم لا؟.. فكانت إجابات الرجل تؤكد أن المريخ مكان مثالي لا يسمح بأية تجاوزات يمكن أن تشكك في منهجية العمل الإداري لأنه كان جزء من تلك المنظومة على أيام شهر العسل بينه وبين الوالي ومجموعته، ولأن حرب المصالح لم تشتعل بعد، ولكن.. حكمة الله في خلقه وخليقته أن جعل الأيام بين الناس دول: (وتلك الأيام نداولها بين الناس لعلهم يتفكرون)... صدق الله العظيم.. وما كانت إلا شهور قليلة حتى بدأ الرجل يتحدث عن الدكتاتورية والفساد المالي في المريخ، بل واستحدث مصطلحات جديدة لم نألفها في تأريخ المريخ الطويل على نحو (الإكيلة) وغيرها من العبارات.. وكل ذلك ليثبت لنا بطريقة أو بأخرى أن تلك الشهادة التي أدلى بها أمام المحكمة بعد أن وضع يده على كتاب الله لم تكن سوى (لزوم ما يلزم) وأن الحقيقة هي ما قاله لاحقاً بعد أن ذهبت السكرة وحضرت الفكرة.
إذا كان الإنسان قد جبل بطبيعته على النسيان، فهذا الرجل يحاول أن يتناسى أننا حضرنا كل التفاصيل الدقيقة والأحداث التي مر بها نادي المريخ إبان فترة سكرتاريته الأولى في التسعينات، من لدن عام الرمادة ومشروع المليار لإعمار الدار، وتلك الجيوش التي كنا نراها وهي تسرح في المجتمعات بتذاكر حملت شعار المريخ وعبارات رقيقة أن هلموا يا أهل المريخ.. ناديكم يناديكم، وقبل أن يتماهى ذلك المشروع العملاق ويضيع في غمرة الصراعات المفتعلة، وحتى الآن أرى أن المسؤول الأول والأخير عنه هو مولانا أزهري وداعة الله، أحد حلفاء عصام الحاج الخلص.. ولم يتم العثور على الصندوق الأسود لمشروع المليار.. وكذلك كنا نسمع عن أساطير يرويها المقربون لمجموعة البركة التي كان يتزعمها عصام حينذاك، وكيف أنه يلوح بحركة إيحائية مسيئة لكل من يقابله ويهم بالإنصراف نحو باب مكتبه، وكيف كان يتفنن في إنتقاء العبارات الغريبة والألفاظ النابية من قواميسه الخاصة للتعبير بها في مخاطبته للآخرين، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى نفور عشرات من أنصاره ليضطر في نهاية المطاف إلى إعتزال العمل الرياضي ويختار المكوث والعزلة في منزله.. ولكن قبل أن ننتقل إلى مرحلة أخرى من تلك الحقبة الكارثية في تأريخ المريخ، لابد من الحديث عن الطريقة التي كان يتم تسجيل اللاعبين بها، وكيف كانت إدارة النادي تعاملهم، وما هي الأسباب التي صنعت المتواليات الستة وعام الرمادة؟ .. وكذا تلك الهزائم المأساوية للفريق أمام فرق هزيلة ومغمورة مثل جامعة أوتالي المغمور والمنصورة المصري رغم أن الفريق كان يضم عناصراً مميزة من حيث الأفراد والمهارات (نميري أحمد سعيد، خالد أحمد المصطفى، إبراهومه، باكمبا، زيكو، حاتم، عبد الإله، فاروق جبره، صباحي، ونجم الدين أبوحشيش والضوء قدم الخير).. وغيرهم من النجوم الذين صنعوا إحدى أمجادنا التي أهدرها إتحاد محمد علي كير، وذلك عندما حققوا التفوق وبلغوا نهائيات كأس الأمم الأفريقية في جنوب أفريقيا قبل أن يخسروا إدارياً في القضية الشهيرة لمصلحة منتخب الجزائر، فالصراعات التي كان يفتعلها الرجل بإحترافية عالية كانت قد خلقت أجواءً خانقة في النادي، وجعلته مكاناً غير قابل لمفردات الإبداع، ونحن الآن نشم ذات الرائحة بعد أكثر من 14 سنة، لأن ذلك الواقع المؤلم للمريخاب لم يكن وليد صدفة أو ضرب من ضروب سوء الطالع وإنما كان وراءها صناع محترفون للأزمات، وعشاق مميزون للصراعات الإدارية والأجواء العكرة وعلى رأسهم عصام الحاج، وما زلنا نتذكر تفاصيل الصراع الدامي بينه ومحمد إلياس محجوب، حيث كان يشغل منصب السكرتير بينما كان محمد إلياس محجوب نائباً للرئيس، وقد حدثت الصدامات بعد إتهامات مباشرة أعلنها إلياس جذبتهما إلى أتون حرب بسبب تسريب السكرتير لأجندة الإجتماعات وأسرارها، لدرجة أن بعض الصحف والصحفيين كانوا يكتبون تفاصيل (ماسيجري) في إجتماع لم ينعقد بعد.. ولكن نهاية تلك المعارك كانت بإعتزاله العمل الإداري الرياضي وإعتكافه بمنزله، وبعدها شهد المريخ أهدأ فتراته الإدارية، وكذلك أغزر إنجازاته الكروية بثلاثية الدوري الممتاز التي أعادت الهيبة للنادي بعد أن كانت الكفة قد مالت لمصلحة الند التقليدي وإن كان الخروج الأفريقي المبكر عيباً فإننا لا ننسى أن المريخ قد غادر من دور ال16 أكثر من مرة أمام فرق قوية مثل شباب بلوزداد الجزائري والأهلي المصري وكانون ياوندي.. ولم يخسر أمام أي منهم على أرضه.
هذه الحقائق أصبحت جزءً من تأريخ الرياضة السودانية، لأن المريخ ركن لا يستهان به من أركانها، وحتى نشخص علة المريخ اليوم، لابد أن نستصحب تأريخها على غرار تأريخ المرض عند الأطباء، فعصام الحاج رجل يجيد الحديث، ولكنه لا يحسن التصرف ولا يفلح في إدارة الأزمات بمعزل عن الجلبة ورفع الأصوات على الطريقة الفضائحية المعروفة في الأحياء الشعبية، لذلك رأيناه يؤيد جمال الوالي، وينحاز إليه تارة، ويختلف معه ويعلن عليه الحرب مرات أخرى بحسب حالة الطقس الرياضي والإجتماعي والسياسي.. وأن يخرج علينا في آخر الزمان بدعوة إلى الإصلاح والحوار فتلك من علامات الأزمة الكبرى في المريخ.. فتناقضاته التي تغطي عين الشمس لا تؤهله لأن يكون من المبادرين بأي فكرة جميلة للمريخ، لأنه قد توج نفسه ملكاً للصراعات والأزمات والخصومات في تأريخ النادي الحديث، فرغم رأينا الواضح في عدم جدوى أسلوب جمال الوالي في إدارة نادٍ جماهيري مثل المريخ، إلا أن بروز عصام الحاج من جديد بدور الواعظين يجعلنا أقرب إلى الإرتداد نحو عامي الرمادة والتقشف، كما أن هذه الأخيرة (التقشف) كانت دعوة حق أريد بها باطل، بمعنى أنه كان بإمكانه تنفيذ سياسات إدارية جديدة تمر في الناس دون أن يحدث تلك الجلبة الغريبة ويمنحهم إنطباعاً بأن التقشف يعني موت اللاعبين جوعاً، وانحسار نجومية المريخ بشكل مفاجيء من نادٍ يأسر العالم العربي بقدراته، إلى فقير معدم لا يجد قوت يومه، وهو ما كان يعني إنتقال غير مرن وضار للكيان المريخي، ودليلي على ذلك أن الآثار السالبة للجانب الإعلامي الذي صاحب كلمة تقشف ما تزال موجودة.. والغالبية لم يفهم حتى الآن ما كان يقصده الرجل.. وهو الذي كان يطل في القنوات الفضائية ليتحدث لغة الإنقلابات السياسية ليتوعد الناس بالويل والثبور وهو لا ويل عنده ولا ثبور يعد به الناس..!
المريخ لم يعد يحتمل ظهور إداريين في شخصيات خيالية وأسطورية تفتل عضلاتها إعلامياً، وتدير صراعاتها على معيارين ومكيالين.. ووجهين.. فبعد كل ما حدث وتم سرده نبحث عن (فكرة) هادئة لحوار جاد بعيد عن وسائل الإعلام وعدم حياديتها، تهدف في المقام الأول لإيجاد مريخ مهاب إدارياً وفنياً.. تديره مصفوفة أفكار تسبق المال لتفتح له الآفاق، حوار يشكل منظومة إدارية متكاملة تليق بنادٍ في حجم المريخ وتأريخه وجماهيريته والملايين من الدولارات التي تنفق فيه سنوياً بلا طائل.. ونموذج عصام الحاج من وجهة نظري باتت أقرب للكائن الفضائي الذي لا يستطيع العيش على كوكب الأرض.. وبعيداً عن المقارنة بين الرجلين يجب أن يعلم الحاج أن عودته إلى عزلته وإعتزاله إنما هي مصلحة المريخ الحقيقية وليست في طرح يحمله كباقة ورد بيمناه، وتحمل يسراه خنجراً مسموماً.
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : اماسا
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019