كم هي جميلة تلك الفرحة التي أدخلها الهلال في قلوب السودانيين وكم هي جميلة تلك اللوحة التي رسمها الجمهور الذي ضاقت به مدرجات إستاد شيخ الملاعب السودانية الذي أُفتتح في العام الذي شهد فيه السودان استقلاله .
لا أحد ينكر علاقة الجمال التي تربط بين ليوناردو دافنشي من نوابغ عصر النهضة و لوحة الجوكوندا ( الموناليزا ) ذات الابتسامة الساحرة , وكذلك لا أحد ينكر علاقة الجمال التي رسمها الهلال والجمهور الذي شهد مباراة الهلال والملعب المالي من داخل إستاد الخرطوم الدولي فقد كانت لوحة في غاية الجمال .
يوم لا يُنسى أخذ مكانه بين صفحات سجل التاريخ ... إنه التاسع من مارس 2014م حيث الثامنة مساء كان الزمان , والمكان إستاد الخرطوم الدولي , والمناسبة مباراة الإياب لدور ال32 المؤهلة لدور ال16 في بطولة الأندية الإفريقية الأبطال التي جمعت بين المُضيف الهلال صاحب الأرض والجمهور والجمال والفن والمقام العالي , وبين الضيف القادم من دولة مالي الحامل لاسم الملعب المالي من العاصمة باماكو .
قبل الاسترسال والخوض فيما نثره الهلال من عطر الفرح الذي أهداه لكافة الشعب السوداني يجب الوقوف عند العنوان أعلاه .. فلْيَعُد للهلال مجده
للأمانة لم يكن في خاطري هذا العنوان و إنَّما السبب فيه يرجع و يعود للهلالابي القُح أحد ركائز رابطة أهل الهلال بحائل ألا وهو الدكتور بابكر محيسي , إختصاصي الأطفال و المدير الطبي لمستشفى حائل العام , عندما اتصل مهنئاً بفوز الهلال على الملعب المالي و مستفسراً عن شطر بيت من قصيدة الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة التي جاء فيها :
في سبيل الله قمنا ... نبتغي رفع اللواء
لا لدنيا قد عملنا ... نحن للدين فداء
فلْيَعُد للدين مجده ... أو تراق منا الدماء
نعم غاب الهلال في الموسم الماضي 2013م عن بطولة الأندية الإفريقية و من وقتها عقد العزم على التعويض في موسم 2014م والمُضي قدماً في هذه البطولة فها هو أول الغيث التأهل لدور ال16 .. فلْيَعُد للهلال مجده .. فقد كان الفوز بهدفين نظيفين جميلين أملحين عزز بهما نتيجته الإيجابية التي خرج بها في باماكو بتعادل سلبي ثمين من فك فريق قوي منظم . ليواصل الهلال رحلة الكفاح والصمود حاملاً لواء كرة القدم السودانية مدافعاً عن سمعتها في المحفل الإفريقي .
في الخرطوم كان الهلال في الموعد تماماً فقدَّم نجومه السهل الممتنع أمام فريق عنيد منُظم فأطرب الجميع منذ الدقيقة الأولى التي كادت كرة العقرب بكري المدينة أن تتخطى خط مرمى الملعب المالي ... لتأت البشائر أنَّ للهلال رأي و كلام فحواه إدخال البهجة في النفوس لتزداد وتيرة التفاؤل لدى محبي الموج الأزرق بأنَّ النصر قادم بإذن الله , فكانت عقارب ساعة الملعب ( إستاد الخرطوم ) قد أشارت إلى الدقيقة 9 التي فيها اهتزت شباك الملعب المالي برأسية المرعب مدثر كاريكا إثر التنفيذ المتقن من الغزال الأسمر مهند الطاهر للكرة الثابتة التي أرسلها بالمقاس للنجم كاريكا ليحرز الهدف الأول والذي انتهى عليه الشوط الأول .
وفي الشوط الثاني تواصل العطاء فأثمر الهدف الثاني في الدقيقة 69 برأسية البديل الناجح بشه .
نجح المدير الفني نصر الدين النابي في قراءة المباراة فكانت التبديلات التي حفظ بها توازن الهلال فدخل كل من نزار حامد و بشه و عمر سيدي بيه بدلاً عن مهند الطاهر و كوليبالي و مدثر كاريكا .
تأهل الهلال لدور ال16 لكبرى بطولات الأندية الإفريقية بعد أن أصدر تأشيرة الخروج النهائي للملعب المالي .
من حق الهلالاب أن يفرحوا ولكن يجب العمل على ترتيب الأوراق لأنَّ مرحلة دور ال16 تحتاج إلى دراسة و خطة خاصة حتى يتم التأهل لدور المجموعات , ودون شك سيطبق الهلال الخطة الواجب إتباعها لأنَّ لكل حدث حديث .
صمت مريخاب حائل
في ظاهرة تدعو للاستغراب لم أكن أتوقعها على الإطلاق , بعد نهاية مباراة الهلال أمام الملعب المالي و التي كسبها الهلال بهدفين نظيفين كفلا له التأهل لدور ال16 . حيث العلاقة الكبيرة التي تجمعني بعدد كبير من مريخاب حائل لم يتصل مهنئاً عبر الهاتف سوى الرئيس الفخري لرابطة مشجعي المريخ بحائل الأستاذ مصطفى محمد علي و الأستاذ بدوي إسماعيل , كما أنه غاب أيضاً صوت صاحب القلم الأحمر الأستاذ أبو رونق داؤد عبد الحق الذي عوَّدني أن يتصل مهنئاً في كل انتصار يحققه الهلال .
آخر الأوتاد :
بالفوز الذي حققه الهلال على الملعب المالي يكون الهلال قد حقق الفوز على كافة الفرق المالية التي سبق لها أن قابلت الهلال بدءً من سيركل و دوجوليبا ثم الملعب . في الوقت الذي لم يقابل المريخ أي فريق من مالي وهنا همسة في أذن من له خيال واسع ليس من مالي الخاص بل مالي الدولة التي كانت تُعرف بالسودان الفرنسي سابقاً .