• ×
الخميس 28 مارس 2024 | 03-27-2024
عبدالله مسعود

حصاد الألسن

عبدالله مسعود

 0  0  1766
عبدالله مسعود
حصاد الألسن عبد الله مسعود
مرضان السنين
الواقعة التي سأوردها سبق لي أن أوردتها في مقال لي من سلسلة مقالات نشرت في صحيفة المشاهد بالتزامن مع صحيفة كفر ووتر الإلكترونية حملت عنوان "كرتنا الجميلة" أيام كانت كرتنا جميلة، فعلا لا قولا. وبما أن الحديث يجر بعضه وبما أن الحديث ذو شجون إلي جانب أن الحديث حلو في خشم (سيدو) فأستميحكم العذر في إيرادها تدعيما لوجهة نظري في كرتنا الحالية.
شاهدت في الستينات من سالف القرن فيلما مصريا تدور أحداثه في حارة من حارات القاهرة الشعبية حيث جلس رجل في الشرفة التي تطل علي الشارع يدخن الشيشة بمزاج رايق لم يعكر صفوه إلا زيطة وزمبريطة في الشارع من تحته. مد بصره فإذا الهرج والمرج يشتد أوارهما والطبول والمزامير تصم الآذان والقوم فرحي ورقصي. نزل الرجل ليستقصي الأمر (شمار بأه) أيه دا ياعم !؟ فقيل له أن فلانا قد تخرج من السجن، فرد ساخرا: ومال لو تخرج من الجامعة كان عملوا أيه !!؟
كرتنا السودانية الحالية متخلفة عن ركب الكرة الإقليمية والقارية والعربية دع عنكم الكرة العالمية فتلك رقصة لا نملك لها رقابا. ومع خيبتنا الكبري وسير كرتنا القهقري فنحن نتشنج ونسئ ونرغي ونزبد إذا إنهزم فريق نشجعه محليا أوإقليميا (مع أن الهزيمة محمدانا وبايتة ومقيلة معانا). نضرب الحكم ونقذف الخصوم من اللاعبين بالقارورات (رفقا بالقوارير) والطوب والحجارة ونتشابك بالأيادي في المدرجات (الأيادي هنا ليست لها علاقة بقس بن ساعدة) ونقتلع كراسي الإستادات من جذورها، مع أنها لم تحرك ساكنا وتأدبت معنا ونحن جلوس عليها. نلعن ونسخط ونسب يمنة ويسرة منهين كل ذلك بسب العقيدة والعياذ بالله. نفعل كل ذلك وإحنا ما عندناش كورة، ومال لو كان عندنا كورة كنا عملنا أيه !!؟
يشطب لاعب فيهدد أحدنا بالإنتحار. ينضم نفس اللاعب للفريق المناوئ لفريقه السابق والغريم اللدود (ليس الشقيق فهذه تستخدم للتخدير فقط قبل التشريح) فإذا بالعويل والصراخ يشقان عنان السماء فيستدعي ذلك شق الجيوب (الزحمة وكدا !!). يدخل شخص أو أكثر في إغماءة لا تجدي معها النشادر أو الكلونيا أو رائحة اللحم الضاني او الأذان ولكن يعود ذلك الشخص إلي وعيه حينما يصرخ أحدهم في أذنه: سيدا..سيدا، فيهب مذعورا: وسيد أبوها كمان !!
دولتنا السنية تعتبر لعب الكرة ضربا من العبث وترفا إجتماعيا وملهاة فارغة لا طائل من ورائها؛ مع أنها درع للشباب وحصن حصين لهم من إرتياد طرق وعرة ومنحدرات صعبة، تمتص شبابهم وعافيتهم وتتركهم نهبا لمستعصي الأمراض الجسدية والنفسية "حما الله شبابنا من كل علة". أما اللعب علي الذقون ولعب الثلاث ورقات ولعب ملوص فقد إزدهرت في هذا العصر؛ يا لسخرية القدر!! أيعقل أن تتفشي وتنمو وتزدهر في دولة المشروع الحضاري كل تلك الألعاب إلا لعبة كرة القدم !!؟
لم أفاجأ ولم أحزن لما حل بمنتخبنا القومي ضد غانا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2014م. ولا داعي للخوض في الأسباب والمسببات فالكل يعرفها، وغير قليل من جهر بها وجأر؛ إلا أنني فرحت لقرار مازدا في وضع قدمه علي الطريق الصحيح، الذي أرجو أن لا ينكص عنه، ألا وهو الإعتماد علي الشباب الذين سيكونين مؤهلين لتمثيلنا في كأس العالم عام 2018م؛ كما أناشد كافة المسئولين في الأندية الرياضية أن يحذو حذوه ويقتفوا أثره في الإهتمام بالنشأ والشباب إذ علي أيديهم سيتم إنتشال كرتنا من الوحل الذي تغوص فيه. لقد قلت مرارا وتكرارا وسبقني غيري بالقول: إن كرة القدم في السودان لا يمكن أن يغيض الله لها أمرا رشدا ما لم تغير الدولة من توجهها الأهوج وسياستها الرعناء نحو رياضة كرة القدم خاصة والرياضة عامة، وتدعمها بالمال وبالتشجيع ووضع القوانين الصارمة التي تمنع التغول علي الساحات الرياضية. كما أن علي الدولة أن توالي الكفاءات وليس ذوي الإنتماءات. ولا تقتصر مسئولية الأخذ بيد كرتنا العليلة علي الدولة وحدها، بل أن علي الهيئات والموسسات والشركات وحتي الأفراد أن ينفضوا عن كرتنا غبار السنين ويضعوا عنها وزرها والأغلال التي تكبلها. كنت قد كتبت من قريب عن بعض المقرحات في ذلك الصدد وناشدت من ناشدت وألححت علي من ألححت وتوسلت إلي من توسلت ونورت من نورت ولكن هل أبصر أعمي المعرة !؟ وهل سمع من في أذنيه وقر !!؟
تخريمة: فعلم ما استطعت لعل جيلا*** سيأتي يحدث العجب والعجاب
عبد الله مسعود
30/7/1434هـ
9/6/2013م
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالله مسعود
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019