• ×
السبت 20 أبريل 2024 | 04-18-2024
عبدالله مسعود

حصاد الألسن

عبدالله مسعود

 1  0  1213
عبدالله مسعود

حصاد الألسن عبد الله مسعود
الرياضي المثالي

تلقيت و أنا من الغبطة في نهاية نبأ تكريم إدارة الرياضة بجامعة الخرطوم لذلك الرياضي المفن الذي نُعت بحق بلقب "المايسترو" . لقد كان لي شرف معرفة المايسترو يوسف مرحوم عند قبولي بجامعة الخرطوم في يوليو 1960م كطالب حقوقي ، إذ كان يوسف يشغل وظيفة سكرتير كلية الإقتصاد حينئذ. كنت قد إنضممت للفريق الأول لكرة القدم بالجامعة منذ أول تمرين لي مع المقبولين الجدد لإختيار المتميزين منهم للعب في الفريق الأول و كنت أحدهم ولا فخر. بعد فترة وجيزة إتصل بي الأستاذ / يوسف مرحوم و عرض علي فكرة أن أنضم لنادي النيل و دعاني لتمرين في ميدان النيل جنوب كوبري الحرية . أديت التمرين مجاملة ليوسف الذي لا يستطيع أحد أن يرد له طلبا ، فيوسف مستودع لطف و كياسة و تهذيب و فوق ذلك كله ، كنت من المريدين و المتيمين بأسلوبه الإنسيابي في اللعب و خلقه الرياضي القويم . فهو يطربك بمهاراته المتعددة و بأدائه السهل الممتنع. كان حقا أن يهيم الكل في ذلك البحر الزاخر من العلم و الثقافة و الفن و الأدب و التواضع و الذوق السليم . فهو و لا غرو الرياضي المثالي على مر العصور .
حضرت التمرين عصر يوم قائظ ضمن ثلة من المشاهير أمثال : برعي سليم والضُرس و أبو إسكندر و المدرب بخيت . عدنا بعد إنتهاء التمرين إلى نادي النيل فهرع يوسف ليخلع حذاءه و يتوضأ و يلحق بصلاة الجماعة في "البرش" الذي هو السمة المميزة لكافة الأندية الرياضية في الوقت الذي كنا نتلهف لتناول الليمون بالثلج المكسر وروح الموز. بعيد ذلك سألني يوسف عن إنطباعي عن فريق النيل ، دون أن يوحي إلى بشئ لفرط رقته و حساسيته و إنسانيته . فهمت ما رمى إليه المايسترو و قلت له : إن نادي النيل من الأندية العريقة و يجهد الكثيرون أنفسهم لينالوا شرف الإنضمام إليه إلا أنني أصدقك القول لا أود اللعب في الأندية الرياضية و أنا حديث عهد بالجامعة و لا أود أن يصرفني شئ عن دراستي الجامعية خاصة أن كلية الحقوق تعد أصعب كلية في الجامعة بإستثناء كلية الهندسة . وافقني و لم يجادلني في الموضوع و ظل صديقا عزيزا منذ ذلك التاريخ و أنا به فخور و إن باعدت بيننا الأيام و السنون لظروف الإغتراب.
نحن شعب يغيض فيه الوفاء يوما بعد يوما ، فكم من مبدع و مفن عطر أيامنا بفنه و إبداعه و صار نسيا منسيا. نحن من بعد الإستقلال صرنا بلد "الإستغلال" ، نعتصر المواهب و نمتص كل الرحيق ثم نقذف بها في سلة النسيان .
العالم المتحضر يقيم المتاحف للأدباء و الفنانين و الرياضيين . متاحف تضم سيرتهم و إنجازاتهم و صورهم تخليدا لذكرى أولئك العمالقة و توثيقا لتاريخ تنهل منه الأجيال القادمة و تحذو حذو تلك الفئة من بني عبقر الذين أحالوا كالحات أيامنا بهجة و سرورا . تحية لك أخي يوسف أيها الصَديق من البعد . دعائي أن يمتعك الله بالصحة و موفور العافية بمثل ما أمتعتنا بفنك الرفيع المتفرد.
عبد الله مسعود
الرياض ، المملكة العربية السعودية
21/6/1434هـ
1/5/2013م

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالله مسعود
 1  0
التعليقات ( 1 )
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    صالح عثمان سعيد 05-02-2013 07:0
    التحية لك عمنا عبدالله مسعود وانت تتحدث عن أحد الاساطير السودانية في كرة القدم وهم كثر في زمن قل فيه الوفاء وأصبح ( الكاش يقلل النقاش )في عصر العولمة والإنتهازية البغيضة التي سرقت أحلام البسطاء أن تذكر إنسان بالخير فأنت ( كسار تلج ) لاحظ الجملة الغريبة لفظا والمحتوى للغوغاء معروف كان جيلكم هو العظمة بحالها وكان هناك بلد إسمه السودان ( حدادي مداي ) مليون ميل مربع تحتها الف خط أصبح منقو زمبيري تائه في الغربة أما الصديق في القولد فقد أصيب بالسرطان والفشل الكلوي ومات ناقما. التحية لك مثنى وثلاث ورباع وانت تكلل جيد هذا المبدع بكلماتك الناصعات.
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019