• ×
الجمعة 26 أبريل 2024 | 04-24-2024
عبدالله مسعود

حصاد الألسن

عبدالله مسعود

 0  0  1339
عبدالله مسعود
حصاد الألسن عبدالله مسعود
كرتنا الجميلة (3)
يقول الناس إنك خنت عهدي ولم تحفظ هواي ولم تصني. ذلك الصنف من الناس الذي يخاطب هيثم مصطفي بهذه اللهجة الشاعرية إنما يعيشون في عصور سحيقة تعود لحقبة الجاهلية الأولي. كتبت مقالا في 24/8/2012م عن مغادرة اللاعب ذي الأصول الهلالية حسن أبوالعائلة كشوفات الهلال مشطوبا دون أن يؤدي شطبه أو إنضمامه للمريخ لأية ضغائن أو حزازات أو توزيع تهم الخيانة كيفما إتفق. شطب أبو العائلة وبقي لأكثر من ستة أشهر يمني فيها النفس بدخول الأجاويد لإعادته لحظيرة الهلال ولكن لا حياة لمن تنادي. كان جميع الهلاليين علي قلب رجل واحد هو الأستاذ / عبدالله رابح، ذلك السكرتير الذي لم يجود الزمان بمثله. لقد أسدل المعلم الفذ والإداري الحصيف ومنبع الحكمة الأستاذ / عبدالله رابح الستار علي موضوع أبو العائلة فلم يشذ أحد وقيل سمعا وطاعة. كان أبو العائلة يعلم علم اليقين ألا مكان له في الهلال بعد أن تطاول علي الرمز (الأمير) لذا نال منه اليأس وكان لابد مما ليس منه بد، غير أنه كان مترددا بين الإنضمام للموردة أو المريخ ولكنه فضل الإنضمام للمريخ علي كره منه، لإمكانات المريخ المادية التي تفوق نظيرتها في الموردة. كان سليمان فارس يقول عن الموردة في تلك الحقبة: الموردة بتلعب بس ما فيش أمكانيات.
كانت التسجيلات وحتي الخمسينات تتم سنويا لذا كانت تنقلات اللاعبين من وإلي الهلال أو المريخ تتري بصورة تدعو للدهشة وتقف عند ذلك الحد. لا إستنكار ولا إساءة أو تجريح أو خصام. فعلي سبيل المثال لا الحصر فإن خوجلي أحمد حسن (أبو الجاز) وهو لاعب مريخي أصيل تنقل بين الهلال والمريخ لأكثر من مرة وكذلك الأخوين عابدين حسين وعلي حسين. بريقع أو القانون إنتقل للهلال موسم 1952م/1953م وبقي فيه عاما واحدا وعاد أدراجه للمريخ عام 1953م ثم عاد مرة أخري للهلال عام 1964م ليبقي في سجلات الهلال حتي وفاته. طلب مدني (دبويا) انتقل إلي الهلال من المريخ بخدعة وبقي في الهلال موسما كاملا دون أن يلعب له مباراة واحدة ثم عاد للمريخ وبقي فيه إلي أن تم نقله للأبيض ليختم حياته الكروية في مريخ الأبيض (أدركته المنية في كادوقلي حيث كان في مهمة من مصلحة الأشغال التي كان يعمل سائقا فيها). فيصل السيد (إستيف) إنتقل إلي الهلال موسم 1957/ 1958م ولذلك قصة لا تخلو من ذكاء ودهاء. في ذلك العام قدم إلي السودان فريق أودا التشيكي للعب مع الفرق السودانية كدأب الفرق الأوربية في كل شتاء أيام كرتنا الجميلة. في مباراة أودا التشيكي مع الهلال التي لعبت في 13/11/1957م تعرض سبت دودو لكسر في أصبع يده عندما إندفع ينقذ مرماه من هدف وشيك فأصابه اللاعب التشيكي بمقدمة الحذاء. غضب سبت لعدم إهتمام الإدارة بعلاجه حسب زعمه وسافر لمسقط رأسه في جبال النوبة في إجازة إمتدت طويلا مما أشيع بأنه لن يلعب للهلال ذلك الموسم وسينتقل للمريخ. عاد سبت في مطلع التسجيلات ليوقع للهلال بعد أن ذهب عنه االغضب إلا أن الأستاذ / عبدالله رابح قال له تمهل لأننا نريد أن نحرم المريخ من الحارس الذي بزغ نجمه (فيصل السيد). إتصل رابح بفيصل وأعلمه بأن سبت ما زال غاضبا عليهم وسيذهب للمريخ وقد صرفوا النظر عنه، فإذا أتي للمريخ فلا مجال لك أن تقف بين الخشبات الثلاث بعد ذلك (يعني واطاتك أصبحت). لذا أولي لك فأولي أن تنضم للهلال. إنطلت علي فيصل الخدعة ووقع للهلال وقبل أن يجف مداد قلمه نودي علي سبت، الذي كان قابعا في حجرة مجاورة، ليوقع بعد فيصل وبقي فيصل في الهلال لاعبا وإداريا من بعد إلي أن توفاه الله. كان فيصل وسبت يتناوبان الحراسة في الهلال والمنتخب ويفضل كل منهما الآخرعلي نفسه.
الإنتقالات المعاصرة لا تحضرني وأحسب أن ما أوردته يلقي الضوء علي مفهوم الرياضة في زمن لم تكن فية ثمة مغريات بل كان الكل ينشد المتعة الكروية أينما وجدت. كان زمنا جميلا يضم مساحة رحبة من حرية الإختيار في اللعب لفريقين شقيقين، حقيقة لا مجازا، يمثلان عصب الحياة الكروية. مع كل تلك التنقلات كان اللاعبون يمدون حبل الوداد والوصال والتسامح فيما بينهم فلا غرو أن كانت نتائج فرقنا القومية المكونة من جل لاعبي الهلال والمريخ مبهرة وناصرة وسنية البهاء. ما أحيلاه زمن. للأسف إنه قد ذهب بلا عودة.
أمل وانهار، مات ولم يترك تذكار، مات وهأنذا أسمع صوت مناحته في الدار، مات وشيعناه واستغفرنا وأنبنا بعد بكاء حار، وأتي من لا يعنيه الأمر ولم يحزن، جاء ليشرب قهوتنا يغتاب الناس وينتهك الأسرار، ويجلجل ضحكته كالنصل، ما كان سوي أمل وانهار (صلاح أحمد إبراهيم). رحم الله موتانا وموتي المسلمين جميعا، ولي عودة.
حاشية:
قال الفكي بشير بريمة إنه إذا إلتقي هيثم فلن يبادره بالتحية وإذا بادر بها هيثم فلن يردها عليه (يا راجل !!!)، ألا تنصاع لأمر الحق سبحانه وتعالي: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) !!؟
عبدالله مسعود
الرياض - المملكة العربية السعودية
12/2/1434هـ
25/12/2012م


امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالله مسعود
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019