• ×
الجمعة 29 مارس 2024 | 03-28-2024
عبدالله مسعود

حصاد الألسن

عبدالله مسعود

 0  0  1322
عبدالله مسعود
حصاد الألسن عبدالله مسعود
كرتنا الجميلة (1)

يقول آدم سميث أب الإقتصاد الغربي: لا يستطيع أي مجتمع أن يزدهر ويكون في رغد من العيش والهناء إذا كان معظم أفراد ذلك المجتمع يحفهم الفقر والتعاسة. إن هذا التوصيف ينطبق علي الواقع الذي نعيشه في سوداننا الحبيب بصورة تطاول المبالغة. فالفقر والتعاسة يغمران معظم سكان السودان ويدثرانهم من الرأس إلي القدم. هذا الواقع المفجع هو الذي دفع برياضتنا لتسير القهقري. ليس ذلك فحسب بل أن القرار بإبتداع الرياضة الجماهيرية في عام 1976 م قد سارع الخطي نحو الهاوية ولم تستطع كرة القدم أن تنهض من كبوتها منذ ذلك الأمد. فالمشاهد لواقع كرتنا قبل عام 1976م يلحظ كيف كنا نمثل بعبعا مخيفا لكافة الدول العربية والأفريقية في كرة القدم. هزمنا دول غرب أفريقيا: غانا، ساحل العاج ونيجريا. وفي الدول العربية تفوقنا علي مصر (عقدتنا الراسخة)، والمغرب، وتونس، والجزائر. تفوقنا عليها بجدارة دون عون من حكم. كانت فرق شرق أفريقيا صيدا سهلا لنا، لكننا كبونا ولم نقو علي النهوض. لم تظهر موهبة واحدة منذ منتصف السبعينات ترقي لمستوي آخر عنقود الجيل المبهر: جكسا، قاقارين، الدحيش، كمال عبد الوهاب، كسلا، الفاضل سانتو. لماذا !!؟ الإجابة فيما تحدث به آدم سميث وأوردته في فاتحة المقال.
إن ما قدمته الخمسينات والستينات ومنتصف السبعينات من لعيبة وفنون أنعشت وأطربت وأمتعت وروت جماهير الكرة السودانية يجل عن الوصف، ولا تقل مهارات أولئك الأفذاذ عن مهارات محترفي البرازيل وأوروبا والأرجنتين. فصديق منزول وبرعي وسبت وسليمان فارس والمحينة وجكسا وأمين زكي وعمر عثمان وعمر التوم هم في مصاف جيل العمالقة في العالم أمثال: بيليه ومارادونا وجورج بست ودينيس لو وبيتر شيلتون وجورج ويا وروماريو ومن لف لفهم.
كانت ثقتنا كبيرة في فرقنا؛ والحق يقال إن رايات النصر كانت ترفرف أينما حلت منتخباتنا وأنديتنا. أما الآن فحدث ولا حرج؛ كلما غادرنادي سوداني أو منتخب للعب خارج البلاد ترتفع الأكف بالدعاء تطلب الستر من عند الله تعالي أن تأتي الهزيمة المؤكدة بردا وسلاما علي الأفئدة وخفيفة علي الشباك. ومع كل هزيمة ترتفع الأصوات المنادية بالتقوقع وعدم إشتراك الفرق السودانية والمنتخبات في منافسات خارجية خوفا من الفضائح والثلاثيات المعهودة. هذا التردي المذري الذي حاق بالكرة في السودان جعلنا (ويا للسخرية) نفرح عندما تقل الهزيمة عن الثلاثيات إذ أن الهزيمة بأقل منها هي بالنصر أشبه.
إن ما نلحظه من إزدهار وما نشهده من تطور مضطرد في أندية عربية ساهم محترفونا السودانيون في إرساء قواعد كرة القدم فيها يجعلنا نتحسر علي كرتنا الجميلة في الزمن الجميل. ما العمل إذن !؟ أمام ما نحن فيه من هوان، والشجر الذي بلونا المر من ثمره، والكوادر التي تجثم علي صدورنا في كل المرافق المنوط بها تطوير الرياضة في وطننا، فإن الحل هو أن ندفن رؤوسنا في الرمال، بل أن ندفن أجسادنا بأكملها في الرمال ونترك الرؤوس ليقضي عليها الطير حاجته والله المستعان.
عبدالله مسعود
الرياض المملكة العربية السعودية
9/2/1434هـ
22/12/2012م
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : عبدالله مسعود
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019