• ×
الجمعة 29 مارس 2024 | 03-28-2024
جلال داوود ابوجهينة

نحن كدة

جلال داوود ابوجهينة

 0  0  6699
جلال داوود ابوجهينة
أعجبتني و آلمتني في نفس الوقت قصة المغترب الذي ظل يرسل كل ما يدخره من مال إلى أحد أقربائه بالسودان لبناء منزله .... و كلما سأله عن سير عملية البناء ومستوى ارتفاع السور عن الأرض ... يقول له قريبه : و الله الطوب بقى غالي عشان كدة ما اشتريناه.
وأحيانا يأتي الرد : السيخ معدوم من السوق.
وأحيانا : ما لاقين بنائين.
و لما وصل المغترب نهاية حد الصبر سأل قريبه :
البنيان بالضبط إرتفاعو وصل لحدي كم متر من الأرض ؟
فقال قريبه : حوالى مترين أو مترين و نص.
فقال المغترب و هو يبحث عن منفذ للخلاص : خلاص .. أسْقِف على كدة ..
حكاوي المغتربين مع البنيان و السماسرة و الأراضي العشوائية طويلة و ذات شجون وأشجان.
وحكاوي الإعتماد على الأهل و الأصدقاء في البناء أو إدارة أي إستثمار قد تملأ كتبا ..
في الثمانينات من القرن المنصرم ..
اشترى عدد من الأشقاء المغتربين أرضا بركن من أركان العاصمة المثلثة في حى جديد عن طريق أحد السماسرة ..
والسمسار هذا عرفوا طريقه عن طريق أحد الأقارب و الذي عرف طريق هذا السمسار عن طريق زميل له في العمل ( سلسلة طويلة تجعل الإمساك بطرف الخيط عند حدوث أي مشكلة كالبحث عن إبرة في كومة من القش أو كلعبة السلم والثعبان ).
ثم لظروف كثيرة أجبرتْ الأشقاء على عدم البدء في البناء وتركوا الأرض تدغدغ أحلامهم فمساحتها ستكفيهم الثلاثة.
ثم كتبوا خطابا لوالدهم بالقرية بأن يذهب للعاصمة ويتفقد الأرض عند ذهابه للخرطوم بغرض العلاج.
وبالفعل ..
جاء والدهم للخرطوم ... منتفشاً كما الديك الرومي .. فأولاده أصبحوا من ملاك الأرض بالعاصمة المثلثة ...
أخذ الوالد معه أحد الذين يعرفون المنطقة المعنية معرفة جيدة وذهبا إلى حيث تقع الأرض ..
و لكنهما لم يجدا أي أرض فضاء في المنطقة المعنية..
كل الأراضي هنا مبنية والسكان يدخلون ويخرجون و الدكاكين في كل ناصية والميادين يلعب فيها الأطفال وأعمدة الكهرباء تقف شامخة ...
و بعد تدقيق وبحث توقفا عند القطعة حسب الرقم المكتوب على عقد البيع الإبتدائي عن طريق المحامي والسمسار .. فوجدا منزلا به شجرة ضخمة تزقزق عليها الطيور .. والبوابة عليها جير أبيض من الجهتين وترحيب بالحاجة عند مقدمها الميمون من الحجاز ..
الأب دخل في سراديب جديدة عليه ..
نهاية اللهث وراء الشرطة والأراضي والبحث عن السمسار والمحامي .. كانت لا شيء .. رجع خالي الوفاض. و هو يتمتم ( هو نحن شَبَه العاصمة ؟؟؟ )
الشقيق الأكبر يعاني منذئذ من مرض السكر.
وأحدهم رجع للقرية واستقر بها نهائياً وأقسم بألا يذهب للعاصمة المثلثة حتى و إن صارت ( سداسية الشكل ) ..
والأصغر .. قال أنه يتمنى أن يسمح له كفيله بالعمل بالسعودية حتى يموت ويدفن فيها.



امسح للحصول على الرابط
بواسطة : جلال داوود ابوجهينة
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019