• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024
جلال داوود ابوجهينة

نحن كدة

جلال داوود ابوجهينة

 0  0  6686
جلال داوود ابوجهينة

عافاكم الله جميعا من كل مرض.
أسهل شيء لدينا نطق الحلف بالله، ثم باليمين المغلظة وبالطلاق.
ويأتي في الترتيب الثالث ، وصف الدواء لكل من نزوره من المرضى ،
يعني لا نخرج من عند مريض إلا و قد عملنا له غسيل مخ بتكرار فوائد دواء قد جربه فلان و قام زى البغل، وجربته فلانة ، فكان الحِمْل والفصال أهون من سلق البيض.
في السبعينيات من هذا القرن، أتاني سعودي مستفسرا عن أفضل مكان يسكن فيه بالخرطوم ،
و بعد أن قدمت له النصح والإرشاد ، فهمت منه أنه ينوي الذهاب إلى هناك لأن سودانيا وصف له (حَلَل التمساح) علاجا للعجز الجنسي ( يا ناس شوفو لى حلل ).
وحلل التمساح هو ذكر التمساح والله أعلم. فقلت له : ليه ما تروح عند الطبيب.
فقال أنه راجع عدة أطباء و لكن دون نتيجة.
ذهب أخونا في الله للسودان،
وهناك أتْخَمه ( حوَّاتي فلاتي ) بكمية من الحلل إياه فصار يأكله بطريقة فاقت إستهلاكه من الكبسة وتوابعها. وعندما عاد كان لسان حاله يقول ( لا لقينا بلح الشام و لا عنب اليمن و لا موز الصومال ).
و بعد شهر أُدْخل المستشفى وأجريتْ له عملية دقيقة بسبب تلبك في المصران ، نتيجة لتلك الكميات التي إبتلعها.
يقول الفرنجة أن القوة الجنسية تكمن في كبد البط و الذي يسمى ( الفواغرا ) و منه تم إشتقاق إسم الفياغرا ( إن شاء زول عزيز لديكم ما يحتاج ليهو )،
والروس يقولون الكافيار لا يُعْلَى عليه . والأفارقة يصرون على مسحوق قرون وحيد القرن و القورو.
و لا أدري ما الذي جعل الحواتة عندنا يصفون الحلل ؟ ربما له جرعة محددة ووقت معين.
و إلى أن يدخل (حلل التمساح) دستور الأدوية الأمريكي فسيكون التمساح مهددا بالإنقراض كالنمر الآسيوي .
ذات مرة ، نزلت ضيفا في فندق بوهين ببورتسودان، و في بهو الفندق وجدت شابا يتلوى من الألم ، فسألته ما به ، فقال أنه شرب فنجانين من البنزين. فقلت له لماذا يا هذا؟ فقال : وصفه لى واحد وقال إنو بيعالج الدودة الشريطية.
و هاهو يتلوى كالدودة الشريطية. فتخيلوا المجازفة.
أذكر عندما كنا صغارا ، كان مرض السعال الديكي ( الكدكود ) و هو سعال يبدأ بكحة خفيفة ثم تنقلب إلى كحة مجرورة طويلا مع إنتفاخ الأوداج و إحتقان العيون و بروز عروق الرقبة و خروج اللسان مع كل كحة و كأنك تقول ( يا لييييييل يا عييييين ) و لكن بصوت ديك شركسي ، و تظل تدور في الحوش و أنت تعزف عزفا منفردا و أنت منحني الظهر، و عندما تنتهي هذه النوبة ، تكون فقدت سوائل من عيونك و أنفك و خشمك و هلم فقدان سوائل.
و أيامها كان الدواء الموصوف في الشفخانات و المراكز الصحية دواءا لا يتمتع بمفعول قوي ، مما جعل الناس يبحثون عن الطب البديل ، فتفتق ذهن أحد جهابذة الطب البلدي على وصف خارق ، لو كان أرشميدس عائشا لهرول ( عريان ملط ) للشارع و هو يصيح وجدتها وجدتها.
كان الدواء هو لبن الحمير ، نعم و الله ، لبن الحمير ، مئات الأطفال شاركوا الجحوش اللبن المحلوب من ( الحمارات ) اللبونات. ،
حتى أننا كنا نعاكس كل من شرب من هذا اللبن ( أخو الجحش في الرضاع ) ،
صديقنا ( متوكل ) الحلفاوي عندما كبر قليلا ، كانت أذناه طويلتان زيادة عن اللزوم ، فكنا نعاكسه بأنه ربما شرب الحليب إياه من ثدى الحمارة رأسا.
عشرات النباتات في السودان ، جربها الآباء و الأجداد كعلاج ، و لكنها تحتاج إلى تقنين في الإستعمال ، و ذلك بقيام صيدليات الطب البديل القائمة على الدراسة و التحليل المعملي.
معظم الذين يدمنون الصعوط الآن ، إستعملوه أول مرة كدواء لوجع الأسنان المنخورة بالسوس ، ثم تبدأ الدوخة ، ثم الغثيان ، ثم الإستفراغ ، ثم التبنيج الكامل ( لدرجة أنه يمكن خلع سن صغيرة بدون ألم )، و تبدأ عملية الإستسلام للخدر اللذيذ الذي يأتي من ثالث سفة ملفوفة في القطن.
أذكر أن أحد المزارعين بالشمال ، كان لا يخلو بيته من مشروب ( الدكاى ) .
و الدكاى مشروب من التمر المخمر في زير فخاري لعدة أيام في الصيف ،
و هو أقوى من الشربوت و أقل قوة من العرقي. كان لديه ولد صغير مزعج لدرجة بعيدة ، فكان يأتي لوالده في الوقت الذي يجلس فيه ليتسلطن بالمنكر.
فأعطى الأب لولده يوما كورية مليئة بالمنكر ، فكتحه الشافع ، و فنجل عويناتو لبرهة ، و ضحك ضحكة المندهش ، ثم تكرفس في البرش بالقرب من والده حتى الصباح.
الولد كان نحيفا جدا و له كرش كبيرة جدا و رأس أكبر لا تتناسبان و حجم جسمه ، فكان يبدو من بعيد كعلامة الإستفهام.
بعد أن تذوق الولد طعم ذلك المشروب كان يأتي لوالده في نفس التوقيت و هو بالسروال فقط ،
و يقوم بالتمليس على كرشه و هو يقول : أبوى ، أديني كوريتي عشان أنوم.
فيكتح ، ثم يتكرفس و ينوم. داء و دواء.
حكى لي أحد الزملاء ، أنه و زوج أخته كانا يتناولان المنكر في منزل نسيبه هذا بإحدى أحياء مدينة أتبرا العريقة. فجاءت أخته و قالت لزوجها أن إبنها ( ذو العشرة سنوات ) يتلوى من المغص . فذهب إليه والده ، و عاد و ملأ كأسا من العرقي النضيف ، و رجع لولده و قال له : خد الدوا دة ، جبتو من التمرجي جارنا.
فكتحه الولد على دفعات و هو ممتعض الوجه.
و بعد قليل جاءت الزوجة و قالت أن الولد مازال يتلوى. فعاجله الأب بكأس مترعة أخرى. فنام الولد نوما عميقا حتى الصباح.
و في الصباح سأله أبوه : إنت كويس.
فقال : جدا.
فقال له أبوه : الدوا كان مر ؟
فقال الولد و هو ( يمطق ) : أنا كنت بقيت كويس من الكباية الأولى ، لاكين عشان تديني تاني ، عملت نفسي لسع متوجع.
فناوله أبوه صفعة ، فقد خسر كأسا من جراء كذب إبنه.

امسح للحصول على الرابط
بواسطة : جلال داوود ابوجهينة
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019