• ×
الأربعاء 24 أبريل 2024 | 04-23-2024
جلال داوود ابوجهينة

نحن كدة

جلال داوود ابوجهينة

 0  0  7075
جلال داوود ابوجهينة


رأيت في صغري جارنا ( الموقر و مهاب الشخصية ..)
يحاول أن يتحسس صدر فتاة مراهقة بعمر حفيدته بشبق ولهفة، ورغبة مجنونة تنفر من عينيه المحمرتين بحُمَّى اللحظة، و هي تقاومه وتحاول التملص منه مذعورة ..
و لم ينقذها سوى دخولي المفاجئ ورؤيته لي ..
فأسرع نحوي محاولا معاقبتي لدخولي دون استئذان ( وكأنه يمارس حقا مشروعاً ) ..
فهرولت خارجا والرعب و الدهشة ملْء العينين و النفس.... .
عندما حدَّثْتُ أسرة الفتاة بما رأيت و أنا مبهور الأنفاس ..
اتهموني بالسَّفَه و التلفيق و تضخيم الأمور..
( كيف تتهم هذه القامة الموثوق بها أيها المتطاول ؟ )..
كان شعوري وقتها بأن كل ما درسناه في المدرسة لا بد أنه محض افتراء و كذب ..
و أن الجاذبية الشعرية سحر و شعوذة ..
و أن الثعالب لا بد أن يكون لديها دين ودستور محترم ..
و أن الأرض ليست بكروية ..و لا تدور حول نفسها ..
و لا وجود لخط الاستواء
و ظل الرجل في نفس قامته و هيبته ( لا تنقص بل تزيد ) .........
( دجال في مسوح الرهبان ) ظل ينظر إلى باحتقار وغيظ ..
و مع أنهم اكتشفوا حقيقته كاملة غير منقوصة بعد عدة سنوات .. إلا أن أحدا لم يجرؤ على أن يقول (البغلة في الإبريق ) .. ظلت بغلة الرجل تدخل وتمرق من فم الإبريق الضيق تحت رفض مكبوت وجُبْن يصيب بالغثيان ..

بعدها ...
حاولت كثيراً أن أكون كقارب صغير أَنطَلِقُ مع بقية السفن والقوارب والمراكب حيثما تقودني الرياح فارداً ما تيسر لي من الأشرعة.. ولكنني فشلت .. فشلت فشلا ذريعاً ..
***
ثم
إحدى قريباتي، زوجوها رغما عنها من رجل لا تطيقه تحت إلحاح الأسرة وضغوطها والتحجج بتقريب ما تباعد من الروابط الأسرية ..
و لكن .. لم يمض على زواجهما بضعة أشهر .. حتى أتتني يوماً ووجهها مليء بالكدمات والرضوض والدم يسيل من فمها .. منظر يستفز الحجر الأصم ..
فما كان مني إلا أن ذهبت إليه مع أحد أقاربي الذين منحهم الله بسطة في الجسم و ضموراً في العقل محاولاً التفاهم معه بالحسنى..
( إلا أنه استقبلنا بسيل من الشتائم وحاول أن يستعمل العنف معنا أيضا ... )
فما كان من الفحل الذي معي إلا و أن أراه عدة نجيمات في عز ذلك الظهر القائظ و كال له من ذات المكيال وسقاه من نفس الكأس..
( رغم اقتناعي التام وقتها بأن مكيال الفحل كان أوسع بحيث فاض كيله .. أما كأسه فقد كانت أشد مرارة..) ..
و لأن الفحل إياه كان مكروهاً من كل الأسرة ( لأن مَنْطِقه يكْمُن دائماً في يديه إن عجز عقله إيصال فكرته و حججه ) .. فقد وقفتْ كل الأسرة مع الزوج و وصفته بأنه مظلوم قد وقع عليه ظلمي البائن بينونة غليظة لاستعانتي بمجنزرة بشرية لاستعادة حقوق تلك المهيضة الجناح رغم أن تواجده معي في تلك اللحظة كان محض صدفة ..
بل وذهبوا أكثر من ذلك فقد طلبوا مني بأن أذهب بالزوجة للاعتذار للزوج ..
هكذا صارت العلقة المرتدة ظلماً يتطلب اعتذار تلك المهضومة الحق .. فلما عرضت الأمر عليها طلبتْ الطلاق فوراً و كان رسولها في طلب الطلاق تلكم المجنزرة البشرية ....
فنكص الزوج على عقبيه خوفاً وفزعاً و حدث الطلاق .. و هي الآن مع زوج آخر تنعم بدفء حب زوجها وأبناءها ..
ميزان العدل عند الناس ليس بأعمى .. بل هو مبصر و له عدة مكاييل وأوزان .. والمحاكم عند الناس تُعْقد ويكون الحكم جاهزاً والقرار ممهوراً قبل الاستماع إلى أي أقوا أو شهود ..


****

في إحدى القرى .. تنازع العمدة ومواطن في أحقية قطعة أرض زراعية خصبة .. وتطور النزاع حتى كاد يطال علاقات الناس مع بعضها البعض..
فالبعض يقف مع المواطن سراً ولكن في العلن إما محايد أو صامت وأكثرهم في صف العمدة ....
وأجتمع الأهالي لحل النزاع ..
ورغم أن الأهالي كانوا على يقين تام بأن العمدة لا يملك ( شبراً واحداً ) في تلك الأرض و لا حق له حتى بالمرور على ترابها ، إلا أنهم ( وبَّخوا ) المواطن على تجرؤه على منازعة العمدة واتهموه بالاعتداء على حقوقه وطالبوه بالقيام وسط كل الناس والاعتراف بأحقية العمدة في كامل الأرض والتنازل عنها والاعتذار عما سببه للعمدة من إزعاج ..
عينهم في فيل الظلم ويطعنوا في ظله المتهالك....
انعقدت محكمة برئاسة العمدة ( خصم وحكم )
فوقف المواطن المسكين وسط وجوم الناس .. شامخاً و لكن بانكسار المغلوب على أمره
وفقد أرضه بالإجماع..
وجم الناس ليروا ( عورة كرامتهم ) تُنْزع عنها ورقة التوت .. كل جريرته أن ( عورة الناس ) حق مشاع للعمدة وأمثاله وعليه هو وأمثاله أن يقوموا بتعريتها ( وحينئذ لا لوم عليه .. فالكل راضٍ ). العورة عورتنا و نحن أحرار فيها ..
قام الرجل .. والوجوم يخيم على الكل..
العمدة قابل إعلان النصر في زهو وخيلاء منتفخ الأوداج ..
وقف الرجل وأقترب من العمدة وقال بصوت واثق : توكلت على الله الحى القيوم ..
ثم صفع العمدة بيده المخشوشنة التي أستهلكها استصلاح تلك الأرض.. صفعة جعلتْ العمدة مطروحا على قفاه أرضا..
ثم قال للعمدة : الأرض مبروكة عليك..
ثم أنطلق لا يلوي على شيء ..
الذهول ألجم ألسنة الناس للحظات .. قبل أن يعلنوا أن الرجل لا شك فقد عقله ..
حاول بعض ( حارقي البخور ) أن ينالوا من الرجل .. و لكن العمدة منعهم .. فهو يعرف بأن الأرض التي نالها زورا وظلما .. تستحق أكثر من صفعة .
امسح للحصول على الرابط
بواسطة : جلال داوود ابوجهينة
 0  0
التعليقات ( 0 )
أكثر

للمشاركة والمتابعة

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019