• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024

قصه قصيره ... تلغراف ...السروال !!!

 قصه قصيره ... تلغراف ...السروال   !!!
قصة / سيف الدين خواجة / 
لم تكن تلك القرية التي ترضع القمر وتستلقي علي كثبان رملية ابيض من الحليب بخصوبتها ارضا وبشرا مادية وحسب بل لها في مدارج الروح مسالك ومدارج سالكه بين اهلها واضيافهم فهي كما امها الناس من كل حدب وصوب في حلكات المجاعات كان يؤمها الدارويش ولهم تاريخ عريض في ذلك وروايات وحكايات تذهل الرسام وتحملك حملا كانك في ارض سليمان لا تكاد تسمع حكاية حتي تري غيرها علي ارض الواقع بتواتر الاجيال واستمرارها المنسرب من الخصوبة المستدامة في الناس والارض فهي قرية في جزيرة فتحت اذرعها وقلبها للناس وفتحت فخذيها لتهاجن الاجناس والقبائل عز نظيره فوجدت فيها الاقوام متكأ هادئا لصيرورة الحياة ها هو الدرويش (العطايي ) الجوال الذي لايعرف له اصل ولا فصل ولا قبيلة ولا جهة ولا مسكن اهو من الانس ومن اي القبائل او من الجن او هو من الملائكه حين تساله يتهرب قائلا (جايين من الله ماشين لي الله ) كل البلاد تحكي عنه بمحبة ولا تعرف له مستقرا علي حال وها هو يستحم في البحر والفيضان (وازق وزق ) والبحر مستف من القيف للقيف وموسيقي عبثية تعزف بمسمفونية متحدة العطاء بغير نشاز بين امواج البحر واصوات الطيور مختلفة الاشكال والالوان والاحجام في زيارتها الموسمية مع اصوات التماسيح وحيوانات البحر الذي لم يسبر ولن يسبر غوره احد ، ها هو الدرويش يقطعه من الغرب الي الشرق قاصدا الفكي ود اب نيران ولكنه يخرج من البحر بدون سروال فيساله الناس :ـ
الناس :ـ يا العطايي سروالك وينو
العطاي :ـ شالو البحر
الناس :ـ جنيت مالك ما مسكتو
العطايي :ـ الدكه انقطعت انا ان كان مسكتو العرق كان شالني
الناس :ـ نان اسع كيف
العطايي :ـ الفكي ود اب نيران يديني نامن امشي اشيل حقي
الناس :ـ يا مخلول تشيل حقك من وين
العطايي :ـ اشيلو من عبد الدايم في الجزيري الحليوي
الناس :ـ بسم الله بينك وبين الجزيرة مشي بالحماره نص نهار
العطاي : الله في انا كورنك ليهو وقال بمسكو لي
وهنا انشد الدوريش وهو يجري باتجاه خلوة الفكي :ـ
عبد الدايم ما هو زيكم نائم
صاحي دايما موحد الدايم
يخدم الناس ويرعي البهائم
الله حي سروالي بلقاهو سالم
وهو عادة يختفي من الانظار سريعا لا احد راه يمشي علي رجلين ولا احد يعرف كيف جاء ولا كيف ذهب ما هي الا امتار من الجري ويختفي !!!
ولا احد يعرف كيف وصل تلغراف العطايي لعبد الدايم الذي كان ذات صباح مع ابن اخيه وترباله الصمد ود الزهره يقفان علي النيل حين شهق ود الزهره يا عمي :ـ
عبدالدايم :ـ مالك يا ولد
ود الزهره :ـ شوف داك هدم ابيض تقول زول غرقان
عبد الدايم :ـ وريني وين .
ود الزهرة:ـ شايف العرق الجاي علينا داك مع الخشبات بس مكرن فيهن .
عبد الدايم :ـ اي والله يا ولد اول ما يجي اقع امسكو .
ود الزهره :ـ وين نوديهو
عبد الدايم :ـ يا ولد اسمع الكلام دا سروال العطاي اتملص منو في البحر قاطع من الغرب للشرق .
ود الزهره :ـ يقع جف وهو يقاوم التيار وهو ينقنق (والله عمي دا عندو جنس حاجات لباس شنو هسي وينا وين العطايي الله لا كسب الدراويش بقولنا في رقبتنا في.... مافين ..هو نحنا فاضين كفاية البحر حاذقنا حذق واقعين في سهر الجداد ولا نومو)
ود الزهرة يعوم يصل الخشبات يمسك فيها زي الطوف عشان ما يغرق باقي العرق حامي والقماش مكرن فيها حتي خرج وهو يقول لعمه :ـ
ود الزهره :ـ ايه هدم ساكت .
عبد الدايم :ـ كدي فرو .
ود الزهرة :ـ والله فعلا سروال !!!
عبد الدايم :ـ ما بتسمع الكلام قتلك دا سروال الشقي دا العطاي .
ود الزهرة :ـ هسي نسو شنو .
عبد الدايم :ـ شرو فوق كرقت البقر مشان ينشف بعد 3ايام بجينا هنا يشيلو .
خلال هذه الايام الثلاثه ظل عبد الدايم ينبه الناس قائلا (يا اخواني لو واحد فيكم شاف (العطايي) يكلمو يجي يشيل سروالو من تحت معلق في كرقت بقرنا هو عارف مشان مرات قعد يجي تحت يشرب اللبن طبعا في ناس تضحك من كلامو سروال شنو النساهو العطايي مجنون لاقي مجنون .
في ضحي اليوم الثالث عبد الدايم وود اخوه ود الزهره يفطران في ارضهم وفي زراعتهم كعادة الترابلة فاذا ( العطايي ) يظهر فجاة ويكورك بطول حسو يا عبد الدايم :ـ
عبد الدايم :ـ شفت يا ولد الدرويش جا
ود الزهره :ت والله صدقت
عبد الدايم :ـ تعال افطر يا العطايي
العطايي :ـ دا حين سروالي ما جا بي جاي
عبد الدايم :ـ يداك المعلق في كرقت البقر بس تعال افطر
العطايي :ـ افطر مع الترابله والدني بي فوق مقلوبه في الصفاح وبعد شويي في المسيد الصفر تجي مليان خير برجاكم فوق .
وفجاة يظهر العطايي في المسيد ويشيع جوا من البهجة والمرح فالناس عادة تتفاءل بظهوره ويعتبرون ظهوره فال خير وان المناسبة كلها خير في خير وان المسالة سعيده من أولها لاخرها وهو عادة ما يبارك لكل الناس بدون فرز وهو يضحك وعادة الناس ما تناديه يا بركه بارك ولدي دا عشان ينجح وهو لا يرد طلب فقط يضع يده علي الولد ويقول ما شاء الله فالح وهكذا .........
ما كاد ت صلاة الظهر تنتهي حتي بدات مراسم الصفاح ( الزواج ) ولما تنتهي المراسم وكتابة العقد والمأذون يقول مبروك عادة ما يكون هناك شخص محدد يقف علي اعلي مكان في المسيد ويكورك (عروروك-عروروك عروروك ) كناية عن نهاية الاجراءات الرسمية لبتبدأ الافراح ويتبادل الناس التهاني وتنطلق الزغاريد من النساء لفترة ويختلط النساء والرجال في التهاني والبعض تنهمردموعهم خاصة اذا كان العريس او العروس يتيما او كانت هناك حالة وفاة قريبة من العروسين فينخرط كثير من الناس في نوبة بكاء بامنيات لو ان الميت حضر هذه المناسبة التي افتقدوه فيها ثم يبدا الغداء بتقسيم الناس لمجموعات عشر ة عشره او سته سته وذلك حسب توصية والد العريس وحالته المادية او مكانته الاجتماعية الا انه وفجاه صرخ (العطايي ) وصار يبكي بصوت مسموع لكل الناس مما لفت انتباه الناس وكلهم يساله (مالك يا العطايي ) وهو يبكي وهو يتمتم بكلمات تبينها حكيم القريه ترجمها للناس (العطاي يتقطع ولا يتركب ) (انا اسو شنو اقع وين واخلي وين ) وهو مع ذلك يتدرق علي الارض كالمصروع ويبكي والناس محتاره حتي هدا قليلا قائلا (انا اتقطع ولا اتركب هنا صفاح بالشرق سماية في الحلي صدقه بالغرب حوليي ..اسو شنو ) هنا كلهم بصوت واحد يا العطايي قول بسم الله اكل الحاضري دي وخلاص يرد العطايي (يا ناس اتقطع ولا اتركب انا مامور آكلن كلهن ) فما كان من حكيم القرية الا امر الناس ان تذهب للاكل ويتركوه مع العطايي حتي هدأ قائلا له (ان شاء الله يالعطايي تاكلن كلهن بس قولي وهو يمسك يده انت بتمشي كيف ) العطايي يرد متهربا من الاجابه (ياشيخ فكني كسرت يدي فكني خليني آكل واحصل الباقات ) الحكيم يضغط يده قليلا الا تقولي ... العطايي (والله ياشيخ امرق بعيد من الناس اشيلي شوية واطه واقول يا الله اجمعلي الواطه زي ما جمعتها للرسول انا ..ماشي كدي القي نفسي هناك ) مواصلا (فكني ياشيخ غيرك ما في زول عارف استرني ) وجلس للاكل ثم قام وغسل يديه ومازح قليلا وفي غمضة عين وانتباهتها اختفي عن الانظار وتناقل الناس اخباره انه أكل هذه المناسبات وصارت كلماته حكمه في القرية وما حولها لكل انسان مشغول يقولك (الليلة انا زي العطايي اتقطع ولا اتركب ) !!!





امسح للحصول على الرابط
 0  0  17312

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019