• ×
الجمعة 19 أبريل 2024 | 04-18-2024

الابحار في سديم العشق ... سفر : الذكريات !!!

الابحار في سديم العشق ... سفر : الذكريات !!!
 الابحار في سديم العشق
الاصحاح الرابع
سفر: الذكريات
سيدتي
سأبدأ رسالتي إليك اليوم بمطلع القصيدة التي ألقيتها في صالونك العامر والذي لم أبح فيها باسمك وفي مطلع القصيدة تركت نقاطاً بعدد أحرف اسمك ؛ أتذكرين فقد أثار هذا في الحضور تساؤلات عمن تكون تلك التي تُخاطب بالقصيدة ؟! ؛ وسؤالك الملح يوم إلتقينا في بيروت وفي مقهى الروشة في ذيّاك الصباح بالتصريح عن تلك الأنثى ورغم إصرارك إلإ أن ذاك الإصرار لم يزحزحني في البوح ولأسباب سآتي على ذكرها لآحقاً على كل حال دعينا نمر على هذه الابيات على سبيل اجترار الذكريات الحالمة التي عشناها سوياً :-
حجــرٌ فــــؤادك يا .. فإنـني ما عــــدتُ أحتـمل الصـدودا !!
كـل القلـوب تَعَشّـقتْ آياتها وبها تعـيش مـع الزمـان عـهودا !!
حـبي إلـيك رسـالة بلغــــتها أو كـنت فــتي تبليغها محـمودا ؟!
خــطبٌ أصــاب أضالـــعي فأنـــاخ عـزمي للجـمال سـجـودا!!
لقد كنت أصعب ما أكون قيادةً ولكني الـيوم في هواك مقـودا!!
سيدتي ؛ أدري تماماً أنني فاجأتك في ذاك الصباح بأنني بعد ساعة سأسافر إلى ( بشرّي) لأنني على موعد مع الصديق الشاعر الدكتور وهيب كيروز حافظ متحف جبران خليل جبران وأستاذ الفلسفة في الجامعة اليسوعية والباحث في إرث جبران حيث متحفه تلك البلدة الوادعة الجميلة في أحضان أعلى جبل لبنان حيث خرير الجداول وهدير الشلال والأزاهر الجميلة الأنيقة والأرز الأخضر الباسق حيث يستغرق الوصول إليها زهاء الساعتين وحيث سأقضي الليلة في ضيافته؛ تعلمين أنني كنت أسكن في البناية المقابلة للمقهى في ( روشة روك ريسيدنس) وقد جهزت كل متطلبات الرحلة وحينها قلت لي : هل من مانع أن أصطحبك في هذه الرحلة ؟! . فبدا مني لسان حال وتساؤل لك قائلاً : هل كنت ستجدين الجرأة في هكذا طلب لو كنا في الوطن وانت السيدة الأديبة والأكاديمية المنفصلة بزواج غير موفق ؟! وكان ردك : هل يصادر المجتمع حريتي لأنني مطلقة؟! أم لأن المجتمع الذكوري يصدر أحكام مسبقة على تحركات الأنثى لمجرد أنها مطلقة ووبأي سلطان يحجر على حريتها الانسانية ومن خوّله هذا الحق؟! وهل تطبق ذات المعايير على ذكرٍ لم يوفق في زيجة فاضحى مطلقاً؟!
سيدتي على رسلك تمهلي فأنا لم أصدر ولم أحجر ولا أقبل مثل هكذا تمييز ففي عرفي الأنثى لها كل الحقوق مثل الرجل ولها حرية أن تمارس حريتها دون قيد أو شرط إنه مجرد لسان تعجل وفضول ؛ ومع ذلك فحتى الآن لم أتلق منك إجابة!! قالت :- حتى ولو كنت في الوطن لي الحق في أن أتصرف وفق ما أرى من حرية مسئولة إن كان هذا لا يخل بكرامتي وعفتي ؛ وليس لي الحق في أن أصادر حق الغير في التعبير؛ خاصة إن كان هذا الحق لا يتجاوز حقي ا في ممارسة الآخر لنفس الحق طالما طالما لم يسيء إلى أحدٍ ولم أسيء أنا إليهم وعلى كل حال متى كانت الناس قد توقفت عن الهمز واللمز والقطيعة والنميمة والبهتان ؟! وهل أرهن حراك حياتي وتتوقف في جمود واستكتنة على ما يقولون؟!
مولاتي : قلت لك دعيني أتصل بالدكتور (....) وأعرض عليه أمر مرافقتك لي وذلك حتى لا يفاجأ وإتصلت به أمامك ورحب أيما ترحيب ولكنه مازحني قائلاً : بشرط أن تكون مثقفة وجميلة فمازحته بمثل ما مازحني كما هي عادة اللبنانيون في إضفاء جو من المرح يعبر عن انفتاح فكري وثقافة الفينيق العريقة ؛ فقلت : مستوفية لجميع الشروط وأكثر مما تتوقع!! وداعبتك بما قال وقلت!!
أنت تقيمين في الضاحية الجنوبية من من هذه العاصمة الجميلة وأنت لم تستعدي لهذه الرحلة فماذا ستفعلين الآن ؟! وكانت إجابتك حاسمة :- مثلما يفعل العسكر سأرحل معك على التو!! ..جاء السائق وركبنا ومررنا بكل ضيعات الجبل حتى وصلنا (بِشَرِّي) وفي قمة الجبل عند متحف جبران توقفت بنا السيارة ووجدنا في إنتظارنا الدكتور (....) الذي رحب بنا وأغدق عليك من كل إطراءٍما أرضى غرور أنوثتك وإن أنسى فلن أنسى ما قاله لك : شو طائر السنونو ما كنت بعتقد إن هاي جمال موجود بالسودان!! وعندما قدمتك له بلقبك الأكاديميي ، سُرّ الرجل .
مولاتي؛ أتذكرين عرض الدكتور (.....) أن يصطحبك وأنا في جولة على أرجاء المتحف لتطلعي على مخطوطات شعر وقصص اللوحات الفحمية لجبران . وبعد هذه الجولة توقفنا عند قبره متأملين في شخصية جبران وعطاءآته وأيضاً تحدثنا عن جمال الموقع كعنصر إلهام الأزاهر على مد البصر ونحن في قمة الجبل وقد كانت ( بشري) في أسفل قاعدته كما الراهبة الساجدة تحت قدمي جبران وبعد إنتهاء الجولة صحبنا الدكتور (....) إلى منزله ولأنني زرت (بشري) عدة مرات فلا خيار لدينا إلا إستضافته لنا في داره لأن المنطقة ليس بها فنادق في الأصل كما أنني بحكم ترددي على الدكتور(...) أصبحت صديقاً للعائلة ففي منزله الأنيق المطل على شلال بشري إستقبلتنا السيدة (......) زوجته ورحبت بنا ترحيباً حاراً وبدأت تحادثني عن لقاءنا في العام المنصرم في باريس ؛ وبرغم إتصالاتي الهاتفية بهما إلا أنها سألتني عن (عاصمة بلاد الملايا ) حيث كنت هناك في وقت تلا لقاؤنا في باريس وعن كيف كانت رحلتي وهل أنها مكان يستحق المقامرة بعناء السفر؛ وأجبتها على كل تساؤلاتها لأنها وزوجها محبان للترحال والسفر.. كانت المفاجأة لنا تلك التي فجرتها (......) حينما قالت لك: البيت صغير وصديقنا هذا متعود على أن يقضي أيامه معنا في بياخذ إبنتنا (....) فهي قدغادرتنا منذ أربعة سنوات بعد الزواج مع زوجها إلى الأرجنتين حيث تعيش الآن!! هل هذا يعني أننا سنحتل الغرفة سوياً؟!! في الثقافة اللبنانية والإنفتاح الفكري هذا أمرٌ طبيعي !! ولكني شعرت أنا بتحفظٍ وقد شعرت بذاك الوجوم الذي خيم على محياك وأخرسك!!
هنا أوضحتُ للدكتور(....) : بأنك لم تكوني مستعدة لهذه الرحلة أصلاً ؛ ثمّ رويت له ملابساتها ؛ وسألته إن كان بإمكاننا شراء ملابس نوم وفرشاة ومعجون وأدوات مكياج لك؟ فقال : الفرشة والمعجون متاح شراؤه أما ملابس النوم والمكياج فلا ولكن يمكن لزوجتي (....) تدبيرها من داخل البيت!! أتذكرين فقد جاءت لك (....) بقميص نوم وردي اللون وأدوات مكياجها الخاص !! وعندما دخلنا الغرفة المخصصة لنا حاولت أن أزيل كل الحرج وقلت لك أن هذه الغرفة بها حمام خاص ويمكنك تبديل ملابسك وإستعمال المكياج دون أن أقتحم عليك خصوصيتك التي حددتها الظروف كما أنك ستنامين في السرير وسأنام في الكنبة
مولاتي أتذكرين لحظة أن قلت لك: لقد وضعتنا الظروف في هكذا موقف فعلينا أن نرضى بما سطرته الأقدار لنا ونتعايش معاً هذه الليلة وعلى العموم لن يتبقى من الليل كثيراً لأننا سنسهر إذ يحلو الأنس والحوارات والمناوشات الشعرية في صحبة مصيفنا وزوجته فدائماً ما يمتد بنا السهر إلى الساعات قبل الأخيرة من شروق الفجر التالي ؛ فالوقت الذي سنقضيه في هذه الحجرة سوياً لن يكون طويلا بالنسبة لك إلا أن لحيظة بالقرب منك تقدر عندى بعمر من السعادةً كل هذا سقته لك لأزيل الوجوم والحرج الذي قرأته على وجهك!! ولكنك فاجأتني بأنه لا حرج فالموقف فرضته الظروف! تلك لحظة انطبعت في مخيلتي حين دخلت إلى الحمام وأبدلت ملابسك بذاك القميص الوردي الشفاف الذي أبان ما لم يكن مسموح برؤيته في الظروف العادية فكانت دهشتي لصنع الخالق ؛ فتبارك الله احسن الخالقين!! في تلك اللحظة كنتِ قد جددت زينتك فإزددت بهاءً وجمالاً فوق ما تملكين من جمال أخاذ فاعطيتِ الزينة رونقاً وأبهة !! فنطلق لساني فقلت لك في غير وعيٍ بيت شعر لقصيدة كان ميلادها تلك اللحظة وأذكر المطلع فستانك البمبي داعبه الهوى فإلتفّ حول الخصر يا للماكرِ)!! يا الله وكأنني أراك لأول مرة ملاك في صورة إنسية !! نضوج أنثوي وفكري وثقافي وعلمي يجعلني أحاول أن أتفهم كيف لهذ الأنثى أن أتفهم أي أسباب أدت بكما للآنفصال؟! وهذه المنطقة من خصوصيتك لم أحاول قط أن أقتحمها مثلما أنت لم تحاولي أن تسألينني عن أسباب وحدتي!!
قلتِ لي: أن المشوار كان طويلاً ومرهقاً ولا بد لك من أن تستلقي قليلاً ؛ دخلت أنا الحمام حتى أبعد عنك الحرج لأنني شعرت بذلك من تعابير محياك؛ تعللتُ بإبدال ملابسي وعندما عدت وجدتك وقد إستغرقت في سباتٍ عميق وكأنما قد سافرتِ في رحلة من الأحلام الحميمة الحالمة تأملتك وأنت في تلك الحال يا الله كأنما أنتِ ملاك طاهر نائم؛ والوجه بين تلك الخصلات من شعرك الناعم الفاحم كأنه القمر ينير ليلة حالكة الظلام !! لقد كنت مثل طفلة غريرة تعبت من اللهو فأخذتها سنةُ من نومٍ سريعة وفجائية !! وبدت على شفاهك إبتسامة تنم عن سعادة ورضا... كان الجسم ينم عن أنوثة طاغية مثل بركان متفجر يلقي بحممه في أوصالي فتستعر ..أما القوام فهو مثل قوام غزال جافل وبحركة لا شعورية قمت وأخذت الغطاء وألقيته عليك حتى لا أقتحم تلك الخصوصية التي فرضتها ظروف هذه الرحلة ؛ أو كأنني أخشى كنت أن يرى غيري هذه النعم من الجمال!!. وإستلقيت على الكنبة واغمضت عيناي أحاول أن أروح في إغفاءة كان دواعيها الحرج ؛ بالرغم من عدم رغبتي في النوم حتى إستيقظت وعندها حاولت أن أبين لك أنني كنت في سباتٍ عميق!! وأنني لم أر من أنوثتك شيئاً حتى لا تُحرجين!!
من المؤكد أنني ولا أنت ملاكَان بل بشرٌ تحركنا غرائز ولكن هناك مشاعر ووشائج إنسانية أكبر وأعمق من تلك الغرائز البشرية؛ بل تلك المشاعر الانسانية التي تُرسي معاني التفاهم والاحترام... الآن حانت حالة الصمت ؛لذا سأتوقف عن الكلام المباح وغير المباح الذي ينبعث من وجداني منهمراً كما تيارات نهرٍ عذب يمر على أرصٍ جرداء ليحيي مواتها .. وإلى الغد سيدتي نواصل توثيق تلك الذكريات التي حفرتها في أعصابي ومشاعري وأحاساسي!!.

امسح للحصول على الرابط
 0  0  2173

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019